لا الحكومة رشيدة ولا المجلس رشيد

نشر في 22-11-2009
آخر تحديث 22-11-2009 | 00:00
 فالح ماجد المطيري مع إيماني المطلق بأن الاستجواب حق دستوري لكل نائب، وأنه إحدى أدوات المحاسبة التي تملكها السلطة التشريعية لتقويم اعوجاج أو انحراف السلطة التنفيذية، وقد صنفه المشرع بأنه «آخر الدواء»، فإن الاستعجال أو التأني في استخدامه يبقى مسألة تقديرية تخضع لقياسات النائب المعني، ولا أخفي تأييدي لكل نائب يتقدم باستجواب لرئيس الحكومة أو أحد وزرائه، بغض النظر عن اسمه أو توجهه.

ولكن مثلما نتمنى على الحكومة أن تكون «رشيدة»، مثلما تحب أن تصف نفسها دائماً، كذلك نتمنى من مجلسنا الموقر أن يكون «رشيداً» في استخدام أعضائه لأدواتهم الدستورية، وممارسة دورهم الرقابي على أعمال السلطة التنفيذية، والبعد عن الفردية أو التسابق لتسجيل نقاط في رصيدهم الشخصي، فالعمل السياسي الناجح و»الرشيد» هو عمل جماعي مبني على التنسيق والترتيب وتبادل الأدوار سواء على مستوى الكتل السياسية أو الأفراد في داخل البرلمان.

فأقوى استجواب لأضعف وزير سيفقد الكثير من فرص نجاحه إذا لم يكن مرتباً له من حيث التكتيك والمناورة، والبدائل المتاحة، والتحكم بمستوى التصعيد السياسي والإعلامي وفق درجات محسوبة.

وعندما تقدم النائب فيصل المسلم باستجوابه لرئيس الحكومة، وبدا من خلال تصريحات «بعض النواب» أن سموه مستعد لصعود المنصة هذه المرة، تفاءلنا خيراً بأن سموه وحكومته بدآ أخيراً في الاقتناع بمواجهة الاستحقاقات الدستورية بالطريقة المثلى بدلاً من أسلوب المكابرة والعناد واللجوء إلى الهروب الدائم الذي اعتدناه منها.

وتوقعنا أن استجواباً بهذا الثقل سيكون مدخلاً لترسيخ ممارسة سياسية جديدة في الحياة البرلمانية الكويتية، بصعود رئيس الحكومة «لأول مرة» إلى منصة الاستجواب، وأنه سيكون فرصة لنزع فتيل قنبلة كانت السبب الدائم لتفجير الأوضاع سواء بإعادة تشكيل الحكومات المستمر أو بحل المجلس لأكثر من مرة.

وتوقعنا من النائب فيصل المسلم أن يمارس اللعبة السياسية بحرفية عالية لإنجاح استجوابه المرتقب، بالتنسيق مع زملائه في المجلس، ولكن الغريب أن ما جرى بعد ذلك كان «فوضى» سياسية بامتياز كامل؛ فتسابق زملاؤه لتقديم استجوابات عديدة وفي الفترة نفسها لعدد من الوزراء، بدأت بتقديم مسلم البراك لاستجواب لوزير الداخلية، وتبعه مبارك الوعلان باستجواب لوزير الاشغال والبلدية، وانضم إلى حافلة المستجوبين النائب ضيف الله بورمية بتقديم استجواب للنائب الأول ووزير الدفاع؛ ومازلنا في انتظار صعود النائبين خالد الطاحوس ومحمد هايف إلى الحافلة باستجوابين لوزير المالية ووزيرة التربية!

أين التنسيق يا أعضاء مجلسنا «الرشيد»؟ كنت أتمنى وأتوقع أن تحشد الجهود لإنجاح استجواب النائب فيصل المسلم لرئيس الحكومة، ولكن ما حصل عكس ذلك تماماً، فما حدث هو تشتيت للجهود، وتصعيد كأن الهدف منه إنقاذ أحد اثنين إما فيصل المسلم وإما رئيس الحكومة.

back to top