تداعيات معاكسة لصعود الدولار على الاقتصاد العالمي

ما زالت لديه فرصة للارتفاع 20 نقطة عن مستواه الحالي

نشر في 14-01-2017
آخر تحديث 14-01-2017 | 00:02
No Image Caption
تدفع العوامل الأساسية الدولار إلى الارتفاع، ونظراً إلى أن النمو الأميركي قوي ومعدلات البطالة متدنية يخطط صناع السياسة في مجلس الاحتياطي الفدرالي لتحقيق 3 زيادات أخرى بنسبة ربع نقطة لكل منها في معدلات الفائدة هذه السنة.
تحفل العناوين الرئيسية بالكثير من التقارير المخيفة حول تداعيات ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي لأعلى مستوى له في 14 سنة مقابل سلة من 6 عملات رئيسية.

قوة الدولار هذه سوف تلحق الضرر بالصناعة التحويلية الأميركية بينما تتسبب في هروب رأس المال من الأسواق الناشئة، وفقاً للاقتصاديين. وكان ديفيد بيكوورث، وهو باحث رفيع في مركز ميركاتوس في جامعة جورج ميسون في أرلنغتون، قد قال في شهر نوفمبر الماضي، إن ذلك يشبه "حبل مشنقة يلتف حول عنق الاقتصاد العالمي".

على الرغم من ذلك، فإن ما يثير القلق أن الدولار الذي قفز بنسبة 6 في المئة مقابل اليورو و 12 في المئة مقابل الين، منذ إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، ما زال دون مستويات ارتفاعاته التاريخية. وإذا كان ارتفاعه الحالي يفضي إلى متاعب فيمكنك أن تتخيل كم ستكون الأمور أسوأ في حال استمرار صعوده بصورة حادة.

ويظهر الرقم القياسي لسعر الدولار المعدل بنسبة التضخم أن الدولار ما زالت أمامه فرصة صعود قد تصل إلى 20 في المئة، بالنظر إلى سعره الأعلى الذي كان قد سجله عام 1985.

ويمثل هذا الرقم المؤشر، الذي يعتمده مجلس الاحتياطي الفدرالي لتقدير قوة سعر صرف الدولار مقابل عملات 26 من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة بعد تعديل قيمة كل عملة من تلك العملات بمعدل التضخم الخاص بكل دولة.

ويعد هذا مؤشراً على قوة الدولار يتفوق على المؤشر السائد الذي ينظر لسعر الدولار مقابل 6 عملات رئيسية فقط، وهي أيضاً غير معدلة بنسبة التضخم.

والدولار بموجب مؤشر مجلس الاحتياطي الفدرالي ما زال أقل

بـ 10 في المئة عن مستوياته العالية لسنة 2002 و 19 في المئة عن مستوياته شديدة الارتفاع عام 1985، والتي دفعت إلى اتفاق دولي طارىء على خفض قيمة العملة الأميركية عبر مبيعات رسمية منسقة من احتياطي الدولار.

وتدفع العوامل الأساسية الدولار الى الارتفاع، ونظراً لأن النمو الأميركي قوي ومعدلات البطالة متدنية يخطط صناع السياسة في مجلس الاحتياطي الفدرالي لتحقيق 3 زيادات أخرى بنسبة ربع نقطة لكل منها في معدلات الفائدة هذه السنة.

وسوف يفضي ذلك إلى رفع قيمة الدولار من خلال جعل سندات الخزينة الأميركية واستثمارات الدخل المحدود الأخرى أكثر ربحية.

ويراهن المستثمرون أيضاً على إطلاق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب دفعة نمو عن طريق خفض الضرائب واستثمارات البنية التحتية.

وفي غضون ذلك، يقول الاقتصادي في جامعة كورنيل ايسوار براساد إن " أزمة ديون منطقة اليورو ومخاض العملة الصينية قد أضعفا المنافسين الرئيسيين للدولار وعززا هيمنته على شكل سعر أساس للعملات الأخرى".

ويتوقع بنك "أيه.بي.أن أمرو" ABN AMRO" الهولندي أن اليورو الذي عادل حتى شهر مايو الماضي 1.15 دولار سوف يهبط إلى 95 سنتاً طوال معظم سنة 2017.

ويعتبر الدولار القوي سيئاً بالنسبة إلى النمو الأميركي إذ يجعل البضائع والخدمات الأميركية أقل تنافسية في الأسواق الدولية. ووفق الحساب التجريبي، فإن ارتفاع الدولار بنسبة 10 في المئة سوف يزيد العجز التجاري بنسبة 1 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي ويعني ذلك خسارة مئات الآلاف من الوظائف، بحسب براد ستسر وهو زميل رفيع في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك.

وقد صدرت التحذيرات من أضرار قوة الدولار في الآونة الأخيرة عن شركات أميركية بما فيها بوينغ وايمرسون الكتريك و3 إم ويونايتد تكنولوجيز.

وتسبب قوة العملة الأميركية مشاكل في الأسواق الناشئة مثل المكسيك وتركيا لأنها تزيد كمية العملة المحلية، التي يتعين على المقترضين انفاقها من أجل تسديد السندات التي صدرت بالدولار.

كما يتعين على مصدري السندات في تلك الدول دفع فائدة من أجل اجتذاب المشترين عندما يقوم مجلس الاحتياط الفدرالي برفع معدلات الفائدة.

وأشار بتروليوس مكسيكانوس إلى هبوط قيمة البيزو لديونه في أول ثلاثة أرباع من عام 2016.

وفي الصين تعرضت شركات البناء المثقلة بالديون الى متاعب في بيع سندات بالعملة الأميركية.

وفي نهاية سنة 2015 كانت هناك ديون غير رسمية بقيمة 9.7 تريليونات دولار خارج الولايات المتحدة صدرت بالدولار وكان ثلثها يعود إلى مصدرين في الأسواق الناشئة – بحسب بنك التسويات الدولية الذي يدار بصورة مشتركة من قبل بنوك مركزية في عدة دول.

وكتبت شركة فاريانت بيرسبشن للبحوث التي تتخذ من لندن مقراً لها في شهر ديسمبر الماضي تقول: "إذا استمر الاتجاه الحالي في قوة الدولار فمن المحتمل جداً أن نشهد أزمات عملات في الأسواق الناشئة".

وأيا كانت المكاسب في التنافسية التجارية، التي تحققها دول الأسواق الناشئة عندما يرتفع الدولار مقابل عملاتها المحلية، فان الارتفاع في تكلفة الاقتراض سيتسبب في خسائر تفوق تلك المكاسب، بحسب تقرير بحثي صدر عن اقتصاديين في بنك التسويات الدولية نيكولا تاراشيف وستيفان أفدجيف وبن كوهن. وذلك صحيح في الغالب بالنسبة إلى دول ذات تمويل هش في الأساس.

ويرى العديد من المحللين القليل من الأسباب، التي تدفع إلى القلق من ارتفاع الدولار. ويقول غوركي يوركويتا وهو الرئيس المشارك لديون الأسواق الناشئة لدى شركة نوبرغر بيرمان لإدارة الأصول: "نحن نظن بأن الدولار قطع الكثير من مساره".

ومعظم مصدري الأسواق الناشئة لديون الدولار يتمتعون بحماية من الارتفاع الكبير في قيمة الدولار إما لأن لديهم تحوطات مالية معاكسة أو لأنهم يتلقون دخلاً ثابتاً من العملة الأميركية عن طريق التجارة، بحسب جو كوغان وهو رئيس مشارك في استراتيجية أميركا اللاتينية في سكوتيا كابيتال ماركتس في نيويورك.

ويقول مارك فوليت العضو المنتدب لدى أسواق ديون آسيا الناشئة في بنك جي بي مورغان تشيس في هونغ كونغ، إن دول الأسواق الناشئة تتمتع بوضع أفضل مما كانت عليه عام 1997، عندما سبب ارتفاع معدلات الفائدة أزمة مالية في آسيا.

ومن جديد لا يعلم فوليت الى أين سيمضي الدولار من هنا ويضيف " لا أحد يملك أي فكرة في نهاية المطاف".

قوة الدولار تعطل تنافسية الصناعة الأميركية وتعرقل نمو الأسواق الناشئة
back to top