هل أنا طبيعي أم مجنون؟

نشر في 14-01-2017
آخر تحديث 14-01-2017 | 00:00
No Image Caption
من السهل أن يطلق الناس نعوتاً سلبية على النزوات الفردية. إذا كنت تتساءل عن وضعك أو قيل لك إنك مجنون أو غريب أو مختلّ، يجب أن تطّلع على هذه المعلومات! لا يكون أي شخص «طبيعياً» بقدر ما يبدو عليه. لكل شخص منا تصرفاته الملتوية وخصائصه الغريبة، وتحدّد تلك الخصوصيات ما نحن عليه. هل أنت طبيعي إذاً أم مجنون؟
أخطأتُ في طريقة تعبيري: لا تُعتبر كلمة «مجنون» صحيحة عملياً. قبل أن أتلقى سيلاً من الرسائل الإلكترونية المشينة، سأصحّح سؤالي: هل أنت طبيعي أم أنك «تعاني» «اضطراباً» يحتاج إلى علاج بأدوية طبية؟

إذا لم تكتشف الجواب بعد، دعني أخبرك برأيي الخاص. يدخل عدد كبير من السلوكيات الطبيعية في خانة الاضطرابات. إذا لم يكن سلوكك على قدر التوقعات أو إذا واجهت صعوبة في جانب معيّن من حياتك، يشير وضعك إلى وجود خطبٍ فيك بحسب نظام الصحة العقلية الذي أصبح شاسعاً اليوم أكثر من أي وقت مضى.

هل أنت خجول؟ أنت مصاب إذاً بـ«اضطراب القلق الاجتماعي».

هل تسعى إلى الكمال؟ «اضطراب الوسواس القهري».

هل أنت دائم القلق؟ «اضطراب القلق العام».

هل تجد صعوبة في التركيز؟ «اضطراب نقص الانتباه».

هل تتعافى من صدمة؟ «اضطراب إجهاد ما بعد الصدمة».

تطول لائحة الاضطرابات المحتملة وتتوسّع بشكل متزايد مع كل تحديث للدليل الإحصائي التشخيصي.

لكن يمكن تأكيد معلومة واحدة: لا شك في أن الحدود بين الوضع الطبيعي وبين الاضطراب العقلي مبهمة. إذا كنت تعاني مرض البارافرينيا مثلاً، ستكون مصاباً باضطراب عقلي. لكن إذا كنت تمرّ بأزمات عاطفية في حياتك بسبب طفولة صعبة، أو تحارب مشاعر الخسارة أو الذنب أو العار أو القلق، أو تشعر بإحباط بسبب علاقاتك أو مهنتك أو مسار تربية أولادك، هل يجب اعتبارك شخصاً غير طبيعي؟ وإذا كنت تميل بطبيعتك إلى الخجل أو القلق أو تسعى إلى الكمال، هل يجب اعتبارك مصاباً باضطراب القلق الاجتماعي أم اضطراب الوسواس القهري أم اضطراب القلق العام؟

دعوني أقترح مقاربة جديدة في هذا المجال. بغض النظر عن المشكلة التي تثير اضطرابك (إلا إذا كنت توشك على إيذاء نفسك أو إيذاء غيرك!)، حاول أن تعتبر نفسك «طبيعياً» (لا يعني ذلك أنك مثالي ولا داعي لتكون كذلك).

ربما تكون خجولاً وتتردد في حضور مناسبات اجتماعية أو التحدث أمام مجموعات من الناس. مع ذلك قد لا تعاني بالضرورة من اضطراب القلق الاجتماعي. لكن هل يستطيع العلاج النفسي تعليمك كيفية تهدئة أعصابك وتحسين تواصلك الاجتماعي وتطوير ثقتك بنفسك؟ من الأفضل أن تصدّق ذلك!

ربما تسعى إلى الكمال وتجتهد كي تنفّذ المهام بأفضل طريقة ممكنة وتحتاج في معظم الأحيان إلى إتمام «مهمة واحدة إضافية» لتحسين أي عمل تقوم به. مع ذلك قد لا تعاني بالضرورة اضطراب الوسواس القهري. لكن هل يستطيع العلاج النفسي مساعدتك كي تعيش حياة أكثر توازناً وتسعى إلى التميّز وليس الكمال وتقدّر المهام التي تنجزها؟ من الأفضل أن تصدّق ذلك!

ربما تشعر بالقلق بشأن مهنتك وأولادك وعلاقاتك وتقلق من وقوع حدث سيئ. مع ذلك قد لا تعاني بالضرورة اضطراب القلق العام. لكن هل يستطيع العلاج النفسي تعليمك أن تسترخي وتخفّف مخاوفك وتركّز على الحوادث الإيجابية؟ من الأفضل أن تصدّق ذلك!

باختصار، ربما تكون شخصاً طبيعياً لكنك ستختبر رغم ذلك عواطف مزعجة وأحلاماً مقلقة. هل من خطوات عملية للشعور بالتحسن وعيش حياة مريحة؟ أنت محظوظ فعلاً، إذ لا داعي لتكون «مجنوناً» كي تستفيد من المصدر الغنيّ الذي نسمّيه «العلاج النفسي».

back to top