في السنة الجديدة... قدر نفسك!

نشر في 14-01-2017
آخر تحديث 14-01-2017 | 00:06
No Image Caption
إنها إحدى أكثر المشاكل شيوعاً بين العملاء الذين يقلقون من ألا يكون تقديرهم الذاتي عالياً بما يكفي كي ينجحوا في العلاقات والعمل والمدرسة ومختلف مجالات الحياة. لا يشعر الناس في هذه الحالة بالرضا عن أنفسهم ويظنون أن تغيير وجهتهم في الحياة أمر مستحيل. يريد هؤلاء التحسن، ويريدون أن يشعروا بأنهم يستحقون الأفضل، وأن يستعيدوا الثقة وكفاءتهم مجدداً. يحبّون مناقشة الموضوع خلال الجلسات العلاجية كي يشعروا بأنهم قادرون على إحداث تغيير في حياتهم.
يدعم علم النفس الشعبي الفكرة القائلة إن الشعور بالرضا عن الذات كافٍ لإعطاء طابع إيجابي لتقدير الذات. يسوّق أحد الكتب الفكرة التي تعترف بأهمية النظر في المرآة والتعبير عن حب الذات في كل صباح، وتقترح كتب أخرى نشر ملاحظات في أنحاء المنزل عليها عبارات مثل «أنت مميز»، أو «أنت جميل من الداخل والخارج»، أو «تستحق الأفضل»!

لكن يبدو أن كتّاب تلك النصائح (وكل من يقرأها) لا يفهمون أن الشعور بالرضا عن الذات لن يكون كافياً لإحداث أي تغيير حقيقي في الحياة. في عام 2003، أجرى روي بوميستر وفريقه دراسة مبنية على مراجعة 15 ألف دراسة عن تقدير الذات وأهميته بالنسبة إلى النجاح الاجتماعي والمهني والأكاديمي. سُحِبت 200 دراسة من البيانات المستعملة لأنها كانت شائبة في أساليبها أو استنتاجاتها. لكن أثبتت 1300 دراسة أخرى أن تقدير الذات، عند تعريفه كجزءٍ من احترام الذات الإيجابي، لم يسهم في تحسين علامات المشاركين في الدراسة أو تطوير صداقاتهم وعلاقاتهم العاطفية أو مسيرتهم المهنية. كان بوميستر مقتنعاً بقيمة التقدير الذاتي الإيجابي كأساسٍ للنجاح. في فترة المراجعة الأصلية، يُقال إنه اعتبر تلك النتائج أكبر خيبة أمل في مسيرته المهنية.

ما سرّ النجاح؟

إذا كان التصالح مع الذات غير كافٍ، ما هو سرّ النجاح إذاً؟ أكّدت البحوث أن الناس يحتاجون إلى ما يفوق تقدير الذات الإيجابي كي يبلوا حسناً. يجب أن تترافق تلك المشاعر مع سلوك محترم ولائق وميلٍ إلى مساعدة الآخرين.

يتطلّب النجاح في العلاقات والمدرسة والعمل تفاعلاً دائماً بين الرضا عن الذات والمساهمة في تحسين العالم. يشعر الناس بالتحسن حين يقومون بأعمال صالحة، ثم تضمن تلك المشاعر الإيجابية تجاه الذات وتجاه الآخرين نشوء طاقة إيجابية للقيام بأمور صالحة إضافية، ما يجعل الناس يشعرون بتحسّن إضافي ويكسبون القوة والطاقة كي يزيدوا مساهماتهم ويرفعوا مستوى تقديرهم نفسهم، وهكذا دواليك.

تبقى هذه الحلقة المتواصلة من الأعمال الصالحة والشعور بالرضا بالغة الأهمية. مثلاً، إذا تمسّكنا بالفكرة القائلة إن الرضا عن الذات هو كل ما يحتاج إليه الناس، قد يطوّر المتنمرون والمجرمون ومستغلّو النساء وأصحاب الأمراض النفسية والاجتماعية بدورهم مستوىً عالياً من تقدير الذات. سيحبّون ما يفعلونه وسيسرّون لأنهم يفلتون بفعلتهم. في المقابل، يرتكز تقدير الذات الإيجابي والصحي على القيام بنشاطات تدعم العلاقات السليمة مع أفراد العائلة والأصدقاء وزملاء العمل وهذا ما يُحسّن وضع المجتمع بطريقةٍ ما.

يشتقّ الشعور بالتحسن من الأعمال الصالحة وليس العكس. لكن يعني هذا الاستنتاج أننا لا نحتاج إلى انتظار تغيّر مشاعرنا كي نبني تقديراً إيجابياً للذات. بل يمكن اتخاذ بضع خطوات يومياً لتطوير تلك المشاعر الإيجابية.

إذا كانت قراراتك في السنة الجديدة تشمل تحسين مستوى تقديرك لنفسك، فكّر بتطبيق الخطوات التالية:

5 خطوات

1- ابدأ بِرَدّ الجميل: في هذا الوقت من السنة، يمكنك إيجاد الفرص التي تسمح لك بردّ الجميل في كل مكان. كل ما تفعله لتسهيل حياة الآخرين أو تحسين مجتمعك سيرسم ابتسامة على وجه المستفيدين من مبادرتك ويبث في داخلك مشاعر إيجابية. ادفع كلفة كوب القهوة مثلاً لشخصٍ غريب أو قدّم وشاحاً دافئاً إلى مشرّد على الطريق. أو اقترح الاعتناء بأحفادك لبضع ساعات كي يتمكن الوالدان من التسوق أو الخروج في نزهة. أو اذهب لزيارة شخص مسنّ في الحي.

2- حضّر أغراضاً للتبرّع بها: إذا كنت تجيد الحِرَف اليدوية، تتعدد المنظمات التي يمكن أن تستفيد من مهاراتك. ستشعر بسرور حتماً إذا قمتَ بعملٍ صالح مثل صنع أطراف اصطناعية للنساء اللواتي خضعن لاستئصال الثدي أو حياكة بطانيات للأولاد المحتاجين.

3- تطوّع: يشمل كل مجتمع منظمات تحتاج إلى متطوعين على مدار السنة. يمكن أن تقتصر مهام المتطوعين على ساعة من الوقت أو قد تتحوّل إلى مهمّة تمتد على مدار الساعة. قد تشمل التواصل مع عدد كبير أو صغير من الناس، أو تتطلب مقابلة الأشخاص نفسهم طوال الوقت أو يمكن أن يتغير المشاركون باستمرار. اختر العمل الذي يناسب اهتماماتك وشخصيتك ووقتك. ستشعر بالتحسن حين تقوم بعمل مثمر.

4- اجعل الامتنان فعلاً ملموساً: الامتنان أمر ضروري طبعاً لكن «التصرّف» بامتنان أكثر أهمية. قرِّرْ أن تطلق مبادرة لشكر شخصٍ مرتين أسبوعياً على الأقل. أرسل بطاقات شكر حين يقدّم الناس (حتى الغرباء) أي خدمة لك أو للآخرين. عبّر عن امتنانك للولد الذي يضع المشتريات في الأكياس في متجر البقالة أو لعمّال الصيانة الذين يخدمون في مجتمعك. اكتب رسالة إيجابية إلى محرّر صحيفتك المحلية أو عبّر عن امتنانك لبطلٍ خفيّ يبذل جهوداً تفوق طاقته (معلّم، قائد شاب...).

5- تعلّم فن «التظاهر»: تظاهر بأنك تملك الطاقة والوقت للقيام بأعمال صالحة. هذه الفكرة ليست جديدة بأي شكل. يكفي أن تراجع أقوال الطبيب النفسي ألفرد أدلر في القرن العشرين كي تعرف أنه كان ينصح عملاءه بالتظاهر بأنهم قادرون على القيام بما يلزم للتعافي من أمراضهم العقلية. كذلك تحثّ منظمة معنيّة بمعالجة الإدمان على الكحول أعضاءها على «ادعاء الشفاء» إلى أن ينجحوا فعلاً في تجاوز إدمانهم. إذا درّبتَ نفسك كي تصبح شخصاً يشعر بالسرور ويقوم بأعمال صالحة، ستكتسب هذه الصفات فعلياً في نهاية المطاف.

الشعور بالتحسن يشتقّ من القيام بالأعمال الصالحة لا العكس
back to top