كويتية وأفتخر

نشر في 06-01-2017
آخر تحديث 06-01-2017 | 00:10
 تهاني الرفاعي خُلق المرء طماعا بطبعه، فمهما أحيط بالنعم تجده يتوق إلى المزيد، ورغم وفرة ما لديه يظل يتطلع للأكثرية والأفضلية في كل شيء ودون استثناء، كذلك الشعوب تترقب دائما أحسن الأشياء، فلا تقنع بمبدأ «مد رجولك على قد لحافك»، ولا مبدأ «أنت أحسن من غيرك»! خصوصاً إذا كان بلدها غنيا لا ينقصه شيء عدا فهم احتياجات المواطن وابن البلد.

لذلك نحن لا نجيد الصبر، ولا نعرف طريقاً غير «التحلطم» على الوضع إذا ما تردى وساء، لأننا شعب مميز ولا يرضى إلا بالتميز! تماما كالأم التي تضغط على أبنائها في الدراسة رغم إيمانها بقدراتهم، لأنها تريد الأحسن لهم ولمستقبلهم، فتؤنبهم إذا ما لهوا عن واجباتهم وتفرح كثيراً جداً لتفوقهم وتميزهم!

نحن كذلك أيضاً لسنا مجرد مواطنين على أرض الوطن، بل أمهات لأوطاننا، نحزن إذا ما تعثرت خطط التنمية، ونطير سعداء فرحين إذا ما شهدنا تميزاً ورفعة، فأكثر ما يسعد الشعوب أن ترى ازدهار أوطانها، فطمعنا للتميز ليس شخصيا لأنفسنا وجيوبنا، إنما هو على صعيد الوطن في أن نشتهي له دوما القمة والتميز.

كذب من علق الزيادة والبدلات شرطا للسعادة، ورغم أهميتها فإن السعادة الحقة هي تلك التي تنبثق من الداخل بعيداً عن كل الحقوق والواجبات، وبعيداً عن أي التزام بالأخذ أو العطاء، فشعورك بالانتماء والفخر كافٍ جداً لرفع هرمون السيروتونين (السعادة)، وهي القوة الكفيلة الوحيدة لإبقائك سعيدا جداً، وبالتالي ترفع من إنتاجيتك طردا مع كل شعور بالفخر.

ففي الآونة الأخيرة وبدءاً من مشروع «الأفنيوز» وانتهاءً بدار الأوبرا، وتلك المشاريع الرائعة التي ولدت بينهما، نحن في انتشاء كبير لا يرى إلا في أحاديثنا الجانبية مع أصدقائنا أو عندما نمتهن دور المرشد السياحي مع أي زائر قريب لنا أو صديق.

بيننا وبين أنفسنا عندما نكون في تلك الأماكن المشرفة جداً، وعند كل موقف تكون فيه الكويت رائدة وواعدة، هنا تفرح الأم بنجاح ابنها وتنسى ما قاله لها بالأمس، وهنا تهون علينا كل الملفات والقضايا العالقة، والأمنيات والآمال المنتظرة، وهنا يكون للحمد فقط لذة وللفخر والوطنية معنى، وهنا نسعد جداً لدرجة أن وطنيتنا تحرضنا على أن نصدح بِـ»وطني الكويت سلمت للمجد» بأعلى أصواتنا، وفي أثناء وجودنا عند تلك الأماكن، نعم وبين الحشد ودون سابق إنذار.

نقولها بـإصرار وفخر كبيرين، صوتاً وصفاً واحداً مغمضين أعيننا، رافعين رؤوسنا، ممسكين بأيدي بعضنا، فكلنا الكويت رغم اختلافنا وألواننا «وعلى جبينك طالع السعد» نقولها وعيوننا من السعدِ مغرورقةً مسرورة! نغني النشيد بشعورٍ يشبه شعور التحرير والنصر، وبذات اللذة التي تنبثق من أرواحنا وأعماقنا، وهنا فقط نحن ممتنون جدا فوق الوصف والشعور، وهنا فقط نحن سعداء جدا، وهذا كل ما نحلم به ونريد، فمن قال إن الشعوب تريد التفرد باللقمة والمال والسلطة؟

إن وجد المرء ما يسعده ويرضيه، أفنى عمره وفياً دون كلل، وهكذا هي الشعوب متى ما وجدت استقرارا وتطورا عاشت سعيدة للأبد، ومتى ما رأت أوطانها في تقدم وازدهار اطمأنت واستراحت كأم تنام قريرة العين راضيةً آمنة، فشكراً لكل من سعى ويسعى إلى عمارة كويتنا الحبيبة، وشكراً لكل من كان له بصمة في إثراء قلوبنا فرحا وبهجة، وحفظ الله الكويت بقيادتها وشعبها ودامت لنا عزاً وفخراً، وكل عام والكويت عروس تزداد رونقا، وبهاءً، ورفعةً ومجداً.

back to top