أوروبا: أزمة مهاجرين تاريخية وضعت «الاتحاد» على المحك

• حدود القارة العجوز تلتهب وآلاف غرقوا في الطريق إليها... وبريطانيا اختارت الخروج وأطلقت شبح «الشعبوية»

نشر في 29-12-2016
آخر تحديث 29-12-2016 | 00:04
واجهت القارة العجوز عاما مليئا بالتحديات المصيرية تخللتها أحداث أمنية، وتغيرات ديموغرافية أدت إلى تصاعد التيار الشعبوي داخل الاتحاد الأوروبي المهزوز الذي أدى إلى خروج بريطانيا من الاتحاد، في خطوة فسرها البعض بأنها مؤشر على نهاية المشروع الأوروبي بصيغته الحالية.
ففي فرنسا سقط 86 ضحية في يوليو، عندما اخترق مسلح من أصل تونسي بشاحنته الحشود المحتفلة باليوم الوطني الفرنسي في مدينة نيس جنوب فرنسا.
أما في برلين، فقد تكرر المشهد عندما قتل أنيس العامري بشاحنته، 11 شخصا وجرح 50 آخرين.
وخرجت بريطانيا من عباءة الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي أطاح رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، وجاء بتيرزا ماي بدلا منه.
كما شهدت تركيا انقلابا فاشلا نتجت عنه حملة اعتقالات تاريخية. وبالرغم من هذا كله، بقي ملف المهاجرين وما رافقه من تحديات أمنية واجتماعية الحاضر الأقوى في أوروبا التي تصارع من أجل الحفاظ على وحدتها. وفيما يلي أبرز الأحداث.

مجزرة نيس

سقط 86 ضحية في يوليو عندما قتل مسلح من أصل تونسي بشاحنته التي اخترق بها الحشود المحتفلة باليوم الوطني الفرنسي في مدينة نيس جنوب شرق البلاد على البحر المتوسط.

ولم تمر احتفالات فرنسا بيوم الباستيل، أي في ذكرى الثورة الفرنسية التي رفعت شعار حرية، مساواة، أخوة. واستهدف الاعتداء الأبرياء على الكورنيش البحري في مدينة نيس جنوب شرق البلاد الواقعة على البحر الأبيض المتوسط وتبعد 30 كيلومتراً من الحدود الإيطالية، وذلك بعد 8 أشهر من هجمات باريس التي نفذها مسلحون وانتحاريون ينتمون إلى "داعش"، وأسفرت عن مقتل 130 شخصا.

وأدى الهجوم المروع، الذي قام به تونسي يدعى محمد لحويج بوهلال، (31 عاما)، إلى مقتل 86 شخصا، بينهم 10 أطفال، فضلا عن 100 جريح آخرين، بينهم 50 طفلا تتراوح إصاباتهم بين المتوسطة والطفيفة.

انتخابات إسبانيا

فاز الحزب الشعبي المحافظ في يونيو بأكثرية المقاعد بالانتخابات البرلمانية الإسبانية، لكنه لم يتمكن من تحقيق أغلبية. والحزب الشعبي المحافظ هو الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء المؤقت ماريانو راخوي. وأتى حزب العمال الاشتراكي الإسباني في المركز الثاني.

وأظهرت النتائج الرسمية فوز الحزب الشعبي المحافظ بـ 137 مقعدا من 350 هو عدد مقاعد البرلمان. وفاز حزب العمال الاشتراكي بـ 85 مقعدا، وهو ما تطابق مع استطلاع سابق للرأي أشار إلى حلول الاشتراكيين في المركز الثالث. وسمح نواب الحزب الاشتراكي في البرلمان الإسباني بتشكيل حكومة أقلية يرأسها راخوي.

الهجرة... القنبلة موقوتة

في سبتمبر 2016 حذرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من أن الوصول إلى حل لأزمة المهاجرين مازال بعيدا، وأن طريقة التعامل مع أزمة المهاجرين ستؤثر على شكل أوروبا على المدى الطويل.

وقالت ميركل لأعضاء البرلمان الألماني إن أحدث التدابير التي وافق عليها الاتحاد الأوروبي ما هي إلا "خطوة أولى"، مشيرة إلى أن "النقل الانتقائي" للمهاجرين غير كاف. وميركل خاطرت بمستقبلها السياسي نتيجة لسياسات الباب المفتوح التي تبنتها مع ملف الهجرة.

وحذرت المفوضية الأوروبية من أنه إذا لم يتم التصدي للأزمة بشكل صحيح، فقد يؤدي ذلك إلى ظهور موجة من التطرف اليميني في جميع أنحاء أوروبا.

وفي النمسا، كاد حزب الحرية، الأكثر حضورا بين أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، يفوز في الانتخابات الرئاسية في 22 مايو، ما كان سيشكل سابقة في الاتحاد الأوروبي، مع خروج الحزبين الكبيرين الحاكمين منذ 1945 من الدورة الأولى. وحصل حزب الحرية على إلغاء الدورة الأولى بسبب عيب إجرائي، على أن تجرى انتخابات جديدة في 4 ديسمبر.

كما كشفت دراسة أصدرتها منظمة الهجرة الدولية، في نوفمبر أن 2901 مهاجر قضوا أو فقدوا في البحر الأبيض المتوسط خلال النصف الأول من العام الحالي، ما يشكل زيادة بنسبة 37 في المئة في عدد الضحايا، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وفي سلوفاكيا، دخل اليمين المتطرف إلى البرلمان في مارس بفوز حزب "بلدنا سلوفاكيا" المعارض للغجر والحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي بـ14 مقعدا من أصل 150.

ويعتبر زعيم هذا الحزب ماريان كوتليبا في نظر معارضيه من النازيين الجدد. وأعيد انتخاب رئيس حكومة وسط اليسار روبرت فيكو بفضل خطابه المعادي للهجرة.

أما في الدنمارك، فقد نجح الحزب الشعبي الدنماركي المعادي للهجرة في طرح إجراء دخل حيز التنفيذ في مطلع فبراير، يقضي بمصادرة ممتلكات المهاجرين القيمة لتمويل استقبالهم.

إردوغان يحبط الانقلاب ويطهر المؤسسات

شهدت الجمهورية التركية، منذ تأسيسها، تدخلات عديدة للجيش في الحياة السياسية من خلال أربعة انقلابات عسكرية، اثنان منها أديا إلى تغيير الحكومة، دون سيطرة الجيش على مقاليد الحكم.

لكن جميع تلك الانقلابات كانت لها عواقب وخيمة على البلاد، وأزهقت الكثير من الأرواح. ولا يمكن مقارنة أي منها بما حدث ليلة 15 يوليو 2016.

فقد احتجز 40029 شخصا في تركيا في التحقيقات المرتبطة بمحاولة الانقلاب الفاشلة على سلطة الرئيس رجب طيب إردوغان، وصدرت أوامر اعتقال رسمية بحق نصف هؤلاء.

كما اعتقل 20355 شخصا رسميا فيما يتصل بالمحاولة الانقلابية، التي تتهم السلطات التركية فيها أتباع رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن.

كما أزيح 97900 من مناصبهم الحكومية العامة، بعد عملية التطهير التي أعقبت محاولة الانقلاب، وذلك في صفوف الجيش والشرطة والخدمة العامة والقضاء. إضافة إلى إغلاق 4262 شركة ومؤسسة مرتبطة بغولن.

وفي عملية تبناها «داعش» في يونيو، قتل 41 شخصا في هجمات التي استهدفت مطار أتاتورك بإسطنبول ونفذها 3 انتحاريين. فيما قتل الانتحاري الثالث على أيدي قوات الأمن التركي قبل تفجير حزامه الناسف، وتم القبض على مهاجم رابع في المكان.

الـ «بريكست» يطيح كاميرون

وصل صافي الهجرة من الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا إلى مستوى قياسي في الأشهر الـ12 السابقة للاستفتاء على الخروج من الاتحاد (بريكسيت)، والتي حفزت المخاوف بشأن الهجرة الكثيرين ممن صوتوا لمصلحة الانسحاب منه.

وكان حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا تعهد بتقليص العدد السنوي للمهاجرين، ليصل إلى أقل من 100 ألف، لكنه لم ينجح في الوفاء بتعهده لأسباب؛ منها استمرار تزايد أعداد الوافدين الجدد إلى أوروبا نتيجة عوامل مثل احتمالات الحصول على فرص عمل أفضل.

هذا الخروج الذي اضطر كاميرون إلى إعلان استقالته من منصبه، وتسليم القيادة لامرأة في يوليو، جاء بعد أن صوت البريطانيون في 23 يونيو في استفتاء شعبي بنسبة 52 في المئة مقابل 48 لمصلحة الخروج الذي كان بمنزلة زلزال ضرب أوروبا، ومازالت تعاني هزاته الارتدادية.

هذه المرأة هي تيريزا ماي، ثانية رئيسة وزراء في تاريخ بريطانيا، بعد مارغريت ثاتشر (1979/ 1990)، وتلقت على الفور مهمة جبارة هي تطبيق الـ «بريكست». ويقيم كثيرون أوجه شبه بين ماي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

أعمال شغب في مرسيليا

اندلعت أعمال عنف في يونيو بالمرفأ القديم لمدينة مرسيليا بين مشجعين معظمهم مخمورون، قبل مواجهة إنجلترا وروسيا في منافسات المجموعة الثانية لكأس أوروبا 2016. واستخدم نحو 250 رجل شرطة الغازات المسيلة للدموع، ما اضطر الجماهير للهرب في الشوارع القريبة مستمرين في قتالهم وتمزيق ملابسهم وكسر زجاجات الجعة.

ووقعت أحداث مماثلة قبلها بيوم، حيث هاجم نحو 250 من أنصار المنتخب الإنكليزي الشرطة الفرنسية، ورموا على عناصرها العلب والزجاجات الفارغة.

العامري يعيد مشهد «نيس» في برلين

في ديسمبر، اقتحم أنيس العامري بشاحنته، سوقا بمناسبة عيد الميلاد في برلين، مما أدى إلى مقتل 11 شخصا وجرح 50 آخرين. وأكد قائد الشرطة القضائية الألمانية هولغر مونش أن مئات المحققين سيواصلون العمل على هذا الملف خلال أعياد نهاية السنة. وفي قضية منفصلة، اعتقلت الشرطة الألمانية شقيقين يشتبه في أنهما كانا يخططان لتنفيذ اعتداء في أحد أكبر المراكز التجارية بألمانيا. والموقوفان شقيقان من كوسوفو في الـ28 والـ31 من العمر.

back to top