مقتل الدبلوماسي الروسي قد يقرب تركيا وروسيا

نشر في 27-12-2016
آخر تحديث 27-12-2016 | 00:06
 الغارديان دفع مقتل الدبلوماسي الروسي الرفيع الشأن في أنقرة كثيرين إلى مقارنة هذه الحادثة بخوفٍ باغتيال أرشيدوق النمسا فرانز فرديناند عام 1914، حتى إن البعض توقعوا أن تؤدي عملية القتل هذه، التي وقعت يوم الاثنين، إلى إشعال المنطقة.

لكن القادة الأتراك والروس سارعوا إلى احتواء أي ضرر في العلاقات بين البلدين، وذكر المحللون أن إردوغان وبوتين سيتوصلان على الأرجح إلى قاسم مشترك: الرغبة في إلقاء مسؤولية عملية الاغتيال على عاتق خصومهم الاستراتيجيين الواضحين. اتصل إردوغان ببوتين ليناقش معه مقتل أندري كارلوف، وأعلن بعيد ذلك أنهما اتفقا "على تعزيز تعاونهما وتضامنهما في محاربة الإرهاب".

يؤكد المحللون الدبلوماسيون أن هذين القائدين لا يملكان أي دافع لزعزعة الاتفاق الفضفاض الذي توصلا إليه بشأن سورية، والذي يسمح لكل منهما بمواصلة السعي وراء أهدافه الخاصة في هذه الحرب. فحرصت تركيا من جهتها على ألا يُضعف تقدمها في شمال سورية الحصار الذي فرضته القوات الروسية والمقاتلون الموالون للأسد على حلب، وفي الوقت عينه يعتقد كثيرون أن موسكو وافقت على طموحات تركيا بالسيطرة على مدينة الباب السورية في الشمال والمضي قدماً في سعيها لمنع ترسيخ دولة روجافا الكردية الصغيرة على حدود تركيا الجنوبية.

يؤكد آرون شتاين، باحث بارز في المجلس الأطلسي (مؤسسة فكرية): "تملك روسيا وتركيا حوافز كثيرة تدفعهما إلى ضبط هذه الأزمة. يدعم إخلاء حلب القسري جهود الحرب الروسية، في حين فازت تركيا بموافقة روسيا على جهودها في منطقة الباب، التي تهدف إلى عرقلة ميول الأكراد التوسعية".

يضيف أن الاغتيال سيعزز عدم التوازن في الروابط الثنائية، فزعمت تركيا وروسيا كلتاهم وجود مؤامرة أشمل وراء عملية القتل يوم الاثنين، وقد بدأ مؤيدو إردوغان بنشر نظرية عن أن الاغتيال حظي بدعم خصم إردوغان السياسي فتح الله غولن، داعية تركي يعيش في المنفى في الولايات المتحدة.

حمّل الرئيس التركي أنصار غولن مسؤولية انقلاب يوليو الفاشل الذي نُفذ ضده، وهكذا استغل هذا الادعاء ليبرر اعتقاله عشرات الآلاف من أتباع غولن في الحكومة، والجيش، والقضاء، والصحافة، وتشكّل مطالبة تركيا بترحيل غولن سبب خلاف كبيراً في العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة.

يقول سنان أولجن، دبلوماسي تركي سابق يعمل راهناً في معهد كارنيغي للسلام الدولي، إن عملية القتل في أنقرة لن تتسبب في أزمة في العلاقات مماثلة لما شهدناه عقب إسقاط تركيا الطائرة الحربية الروسية على طول الحدود السورية في شهر نوفمبر عام 2015.

يتابع أولجن موضحاً: "في هذه المرحلة، ما من رغبة بالتصعيد لدى كلا الطرفين. على العكس تميل التصريحات الرسمية الأولى إلى اعتبار عملية الاغتيال محاولة لعرقلة التقارب المتواصل بين أنقرة وموسكو".

ويضيف: "بعد هذه المرحلة ستصر روسيا رغم ذلك على إجراء تحقيق شامل في طبيعة هذا الاعتداء بهدف تحديد المذنبين، وعلينا أن ننتظر لنرى ما إذا كانت عملية القتل هذه من تنفيذ قاتل يعمل بمفرده أو خلية مجاهدة أكثر تنظيماً نجحت في اختراق قوى الأمن التركية". يوافق ماكسيم سوشكوف، خبير في شؤون الشرق الأوسط في مجلس الشؤون الدولية الروسية، أولجن الرأي، مشيراً إلى أن أنقرة وموسكو لا تملكان أي حوافز سياسية تدفعهما إلى تحويل عملية القتل هذه إلى أزمة أوسع. ويؤكد أن المقارنات الخائفة بين هذه العملية واغتيال فرانز فرديناند في سراييفو قبل قرن في غير محلها.

يقول سوشكوف: "أجرت روسيا وتركيا أخيراً اتصالات بالغة الأهمية على مستويات عسكرية وسياسية رفيعة الشأن. كثرت في الآونة الأخيرة المقارنات مع مطلع الحرب العالمية الأولى، ولكن إذا نجح إردوغان في تطبيق خطوات دبلوماسية دقيقة وفاعلة في تعاطيه مع بوتين بغية التحكم في هذه الأزمة، قد لا يكون لعملية الاغتيال هذه انعكاسات سلبية خطيرة على حالة العلاقات الثنائية، بما أن كلا من موسكو وأنقرة تملكان الكثير لتخسراه".

* جوليان بورجر

* «الغارديان»

back to top