روّاد الفضاء... كيف تحميهم بزّاتهم؟

نشر في 26-12-2016
آخر تحديث 26-12-2016 | 00:04
No Image Caption
يجعل البرد القاتل، والنيازك الصغيرة، والأشعة الفضاء مكاناً خطراً. لكن رغم ذلك، يضطّر رواده في السفن الفضائية إلى المغامرة أحياناً بالخروج لإجراء بعض التصليحات وأعمال الصيانة، متسلحين ببزاتهم المعدّة بإتقان.
يوضح جاك بورت كيف تحمي البزات رواد الفضاء.
عندما يحين الوقت للمغامرة والخروج من السفينة الفضائية، يختار رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية واحدة من بزتين فضائيتين: وحدة الحركة خارج المركبة التي أعدتها الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) عام 1984، أو بزة أورلان الروسية، التي شهدت تحديثات كثيرة منذ بدء استعمالها في ستينيات القرن الماضي. فخلال عقود من التطوير، تحوّلت هاتان البزتان إلى إنجاز عصري في مجال الهندسة.

لا يقتصر عمل البزة على تأمين الأوكسجين، وإزالة ثاني أكسيد الكربون من الهواء، وتأمين الترطيب (حتى المرحاض)، بل عليها أيضاً أن تحمي رائد الفضاء من الحطام الصغير المندفع حول الأرض ومن الأحوال الجوية شديدة البرودة في الفضاء.

لمعرفة كيف تحمي البزات محتواها الثمين من مخاطر التنقل في الفضاء، لنتأمل في أجزاء وحدة الحركة خارج المركبة وقطعها.

الخوذة

تحتوي الكرة الداخلية البلاستيكية الصافية على أوكسجين مضغوط يتنفّسه رائد الفضاء. وإذا عطش الأخير، يمكنه قضم أنبوب صغير وسحب سائل يُحفظ في كيس سعته 0.95 ليتر يُحفظ داخل قسم الصدر.

تحيط خوذة خارجية بهذه الكرة، وهي مزوّدة بمرآة مطلية بالذهب بغية حماية العينين من نور الشمس، ومصابيح، وكاميرا متحركة تتيح لرائد الفضاء وللفريق على الأرض مشاهدة ما يحدث مباشرةً. تُصنَع الخوذة من الكربونات المتعددة، وهي المادة عينها التي تُستعمل في تصنيع الزجاج المضاد للرصاص. تحمي هذه الخوذة رائد الفضاء من أجزاء الصخر الصغيرة، التي تُدعى نيازك صغيرة، وغيرها من حطام يكسر عادةً الزجاج العادي.

بغية البقاء على اتصال مع رواد الفضاء الآخرين وفريق التحكم على الأرض، يرتدي رائد الفضاء داخل الخوذة أيضاً قبعة توضع على الرأس تُدعى {قبعة سنوبي}، وهي تحتوي على ميكروفون وسماعات.

الجزء العلوي من الجذع

يتألف الجزء العلوي الصلب من الجذع من قطعة من {الزجاج الليفي} (الفيبرغلاس). يشكّل هذا الجزء أساس البزة، ويُعتبر ركيزة أجهزة دعم الحياة كافة ووحدات التحكم والضبط.

توضع وحدات العرض والتحكم في الجهة الأمامية. وهكذا يستطيع رائد الفضاء استخدامها لتعديل مجموعة من خيارات الضبط، مثل الحرارة، والحجم، والأوكسجين. ولكن لما كانت الخوذة تمنع رائد الفضاء من النظر إلى أسفل، فتُكتب الأسماء على الوحدات بطريقة معكوسة، ويستطيع الرائد قراءتها مستعيناً بمرآة موضوعة على معصمه.

الذراعان

تثبّت الذراعان بالجذع، وتتوافران بأحجام عدة تلائم أطوال الأذرع المختلفة. تتألف الذراعان وسائر أجزاء البزة من 14 طبقة.

تتألف الطبقات الثلاث الأولى القريبة من الجلد من أدوات تبريد السوائل والتهوئة، وهي مصنوعة من النيلون والألياف اللدنة (سباندكس). كذلك تحافظ مثانة معدة من النيلون المطلي باليورثان على الضغط، في حين تحافظ طبقة مقاومة للضغط معدَّة من تيريفثالات الإثيلين المتعدد (PET) على شكل البزة. تلي ذلك طبقة من النيلون المقاوم للتمزق (ريبستوب) تُغطيها سبع طبقات من البوليستر المطلي بالألمنيوم (ميلار) هدفها عزل البزة ومنع النيازك الصغيرة والحطام من ثقبها. أما الطبقة الخارجية، فهي طبقة عازلة مصنوعة من مزيج مضاد للماء، والرصاص، والنار من الغور-تيكس، والكيفلار، والنوميكس.

يتصل القفازان بالذراعين، ويسمح محور في كل معصم بإدارة الذراعين. ولما كانت اليدان تُعتبران الأكثر عرضة للبرد في الفضاء، فتُزوَّد أطراف الأصابع في القفازين بأدوات تدفئة.

بالإضافة إلى ذلك، تسمح لائحة موضوعة على المعصم لرائد الفضاء برؤية ما عليه إنجازه خلال مغامرته هذه خارج السفينة.

الجزء السفلي من الجذع

تربط حلقة وصل الجزء العلوي من الجذع بالجزء السفلي عبر محور يسمح بإدارة هذين الجزأين ويتيح لرائد الفضاء بالالتفاف. وتساهم أنماط من الخطوط الحمر أو الوردية في تحديد هوية كل رائد فضاء.

يُستخدم نظام تثبيت آخر في الساقين والحذاء. لكن الأحذية التي يستخدمها رواد الفضاء على متن المحطة الفضائية لا تتمتّع بأي قدرة على الالتصاق، بخلاف ما استُعمل في مهمات أبولو، فقد زُوّدت أحذية الرواد فيها بنعل لاصق يتشبث بسطح القمر.

تكمّل حلقتان على شكل D الجذع، وتتصلان بحبال تحول دون انجراف رائد الفضاء بعيداً.

النظام الفرعي الأساسي الداعم للحياة

تتصل بالجهة الخلفية من البزة قطعة على شكل حقيبة الظهر تضمّ النظام الفرعي الأساسي الداعم للحياة. تسبح عبوات ليثيوم هيدروكسيد ثاني أكسيد الكربون من الهواء الذي يتنفسه رائد الفضاء، تماماً مثل أجهزة إعادة التنفس التي يستعملها الغطاسون.

تغذي عبوات الأوكسجين الهواء المتنقل بالأوكسجين النقي. وتستطيع البزة أن تعمل طوال سبع ساعات، فضلاً عن نصف ساعة إضافية للحالات الطارئة.

تشغِّل بطارية مروحة تنشر الأوكسجين في البزة. كذلك تحتوي طبقة تبريد السوائل والتهوئة، التي تُلبس تحت البزة الفضائية، على أنابيب تمتدّ على طول ذراعي رائد الفضاء وساقيه. وهكذا يُبقي ماء التبريد، الذي يزوّده النظام الفرعي الأساسي الداعم للحياة، الحرارة مضبوطة ويُمتصّ العرق للحؤول دون تكثفه.

ينبّه نظام إنذار رائد الفضاء لأي عطل في البزة. أما إذا انفصل الرائد عن المحطة أو السفينة الفضائية، فيستعين بنوع من سترات النجاة تزوّد به البزة. تُعرف هذه السترة بـ}وسيلة الإنقاذ المبسطة للنشاط خارج المركبة}، وتشمل عصا تحكّم وأنظمة دفع تعمل بالنيتروجين تسمحان للرائد بالاندفاع والتوجه إلى بر الأمان.

يدوم بعض المغامرات خارج المحطة أو المركبة سبع ساعات تقريباً، ما يسبب مشكلة لرائد الفضاء: فما عليه فعله إن أراد دخول الحمام؟

من غير العملي في الفضاء أن يدخل الرائد المحطة ويخلع بزته ليدخل الحمام. لذلك يرتدي بدلاً من ذلك حفاضاً للبالغين مزوداً بقدرة إضافية على الامتصاص، تدعى الطبقة الفائقة الامتصاص.

البزة تعمل طوال ٧ ساعات فضلاً عن نصف ساعة إضافية للحالات الطارئة
back to top