الكفايات تحتضر

نشر في 24-12-2016
آخر تحديث 24-12-2016 | 00:07
 يوسف سليمان شعيب ظهر في الأيام الماضية على وسائل التواصل الاجتماعي استبيانان، أحدهما مصدره وزارة التربية، والآخر غير معلوم المصدر، وكلاهما وضع لمعرفة رأي الميدان في مشروع منهج الكفايات الذي تم الاتفاق عليه بين الوزارة والبنك الدولي.

لسنا هنا لندافع عن المنهج، ولكن العقل البشري مبني على الإقناع، والآراء تحتمل الخطأ والصواب، ولكن ما نراه من رأي إنما قد أتى وبني على وجهة نظر لبعض أهل الميدان التربوي، الذين لنا تواصل معهم عن قرب.

نقول إنه، لأول مرة في الكويت، يكون التعليم عن طريق تدريب الطالب على أسلوب البحث العلمي منذ نعومه أظفاره، قد تكون هناك أخطاء في التطبيق، ولكن هذا الأسلوب جديد على الحياة التعليمية، كما أن تقييم الطالب يتم بناء على أدائه في المشروع، فهذه قفزة نوعية داخل الميدان التربوي.

وبشكل موجز، فإن هناك معلومات مهمة، لابد من ذكرها ليعلم بها الجميع، فالكفاية لغة: هي ما يلزم على قدر الحاجة، أما تربوياً: فهي نظم متكاملة من المعرفة والمهارة والقيم مع ارتباط المواد بعضها ببعض، وللكفايات اليوم في وزارة التربية لها ثلاثة أنواع، أولها يطلق عليه الكفايات الأساسية، وهي التي تشمل كل الاحتياجات التي ترى الوزارة ضرورة إكسابها للطالب، وهي تتحقق من بداية الدراسة في الصف الأول إلى الصف الثاني عشر.

اما النوع الثاني، فهو ما يعرف بالكفايات العامة، ويشمل مادة دراسية معينة كالعلوم أو الرياضيات... إلخ، والنوع الثالث هو الكفايات الخاصة، وتشمل مادة معينة في صف دراسي معين (كعلوم الصف الثالث، واجتماعيات الصف الرابع.... إلخ).

ولهذا المشروع، وبلا شك، معايير تقيس مقدار اكتساب الطالب تلك الكفايات، وهي معايير تختلف من مادة إلى أخرى، وقد جاءت معايير المشروع على نوعين، أولهما للمنهج، وهو مرتبط بالكفاية الخاصة ويقيسها، أما الثاني فهو معيار أداء مرتبط بالكفايات العامة للمادة، وهذه تقاس بنهاية المرحلة الدراسية.

ومن وجهة نظر بعض التربويين، فإن الكفايات ستعطي مجالاً واسعاً لأبنائنا الطلبة في البحث عن المعرفة، لا تلقينها، كما ستعطي مجالاً لاكتساب المهارة، لأنها مرتبطة باستراتيجيات التعلم النشط، وتركز عليه بشكل كبير.

وعندما يتم تنفيذ المشروع من دون دراسة واقعية ميدانية له، ودون معرفة العوائق التي ستواجهه، وبدون قراءة نتائج دول أخرى استخدمت نفس المشروع، فلابد أن تظهر لمنفذيه عقبات سيصطدم بها الميدان دون أدنى شك، خصوصاً إذا كانت معوقات تطبيق المشروع هي نفس المعوقات التي تسببت في فشله بدول أخرى.

فمن المعوقات التي تضع المشروع في زاوية الفشل: أولاً: عدم التدريب، حيث إنه لم يُعطَ وقتاً كافياً للتدريب رغم أن الوزارة استحدثت ما يسمى "توطين التدريب" (الذي يعقد أسبوعيا داخل المدارس، والموجه الفني هو المكلف بإعداده، إلا أن الميدان مازال يحتاح إلى وقت أكثر لاستيعاب أن المحور الأساسي في المشروع هو الطالب، وهنا كان الأجدر بالوزارة تدريب الميدان قبل إقرار تنفيذ المنهج".

ثانيا: التقويم، ففي كل مرة تأتي الوزارة بفكر جديد تأخذ فقط جزءاً وتترك آخر؛ فمنهج الكفايات يعتمد على آلية التقويم البنائي داخل الحصص لقياس معيار المنهج، لكن ثقافة مجتمعنا ترفض وتخاف التقييم البنائي وتريد تقييماً تحصيلياً، أي "لازم نعرف الدرجة ".

ثالثا: الطالب، حيث إن كثافة عدد الطلبة داخل الفصول الدراسية تتجاوز الـ20 طالباً، وهو ما يحول دون تنفيذ التقويم. رابعا: المعلم، بسبب وجود أعباء ومهام إدارية كثيرة وكبيرة تثقل كاهله، مما يتسبب في إشغاله عن مهمته الأساسية، وهي التربية والتعليم، وكذلك ارتفاع نصابه من عدد الحصص.

وهنا نصل إلى أن المشروع قد وصل إلى مرحلة النزيف والاحتضار، والسبب في ذلك قرارات تخبطية في قيادات الوزارة، دون الرجوع إلى أهل الميدان العملي وأخذ الرأي الميداني منهم.

وما أنا لكم إلا ناصح أمين.

back to top