Elle لبول فيرهوفن... تشويق سوداوي مميز

نشر في 20-12-2016
آخر تحديث 20-12-2016 | 00:02
ميشيل لوبلان في مشهد من الفيلم
ميشيل لوبلان في مشهد من الفيلم
يشير العنوان Elle (هي) إلى ميشيل لوبلان، وهي أم مطلقة في منتصف العمر، ومديرة تنفيذية لا ترحم، وابنة لحق العار بها لأن والدها قاتل متسلسل. لكننا نجهل هذه التفاصيل كافة عنها في المشهد الأول من فيلم بول فيرهوفن التشويقي الجديد، الذي يخبئ فيضاً من المفاجآت المذهلة.
في أول مشهد من فيلم Elle، نُصدم من دون أي إنذار أو تمهيد برؤية ميشيل وهي تتعرّض للاغتصاب في منزلها بباريس على يد دخيل يرتدي قناعاً أسود.

الشاهد الوحيد على الاعتداء الوحشي قطتها، التي تشكّل نظراتها الحائرة إشارة مبكرة إلى غرابة هذا العمل المنمقة السلسة. استوحى ديفيد بيرك الفيلم من رواية فيليب دجيان Oh، محوّلاً إياها إلى سيناريو يحفل بالتفافات بارعة. وهكذا يتحوّل Elle إلى لغز آسر أو جولة قوة تقوم على التشويق النفسي ونوع ممتع وسوداوي من «كوميديا الأخلاق».

يشكّل Elle أيضاً مذكِّراً قوياً بقدرة الإنسان العادي على القيام بأعمال بشعة. ربما تتملكك دهشة، أو حتى خوف، مما تراه وتسمعه، غير أن حساسية الفيلم المدروسة تتخطى على ما يبدو الصدمة أو الغضب.

أصالة وتكامل

يتجاوز العمل الاعتداء الذي تتعرّض له ميشيل بشكل مفاجئ في مستهله، كما لو أنه يتخلّى عن المسائل الأولية البديهية، ما يشكّل إشارة إلى أصالته وتكامله المذهلين. يرفض فيرهوفن تحويل مشهد امرأة تتعرّض للعنف إلى ركيزة في سرده، متفادياً في الوقت عينه تهميش معاناة ميشيل.

لعل أهم ما يميز ميشيل الممثلة إيزابيل هوبرت التي تؤدي هذا الدور ببراعة وإتقان يعززان، أو بالأحرى يبرهنان، صدق شهرتها كإحدى أفضل المؤديات على الشاشة في العالم.

هذه ليست أول مرة تعرب فيها هوبرت عن استعدادها للسير في مسالك أكثر اضطراباً من السلوك البشري. ومن أبرز أعمالها في هذا المجال The Piano Teacher (2001)، الذي يقدّم فيه هانيكي دراسة باردة عن السادية والماسوشية. إلا أننا لم نرها سابقاً في عمل يتشابك فيه هدوؤها الخاطف للأنفاس، وذكاؤها القاسي، وجرأتها البارزة ببراعة وإتقان إلى هذا الحد.

يساهم ذلك كله في إبراز إحدى نقاط الفيلم الأساسية: لا تتفاعل كل امرأة مع هذا النوع من المحن كما يتوقع خبراء العالم. واللافت أننا نلاحظ عواطف الخوف، والغضب، والرغبة المنطقية في الانتقام من خلال تعابير وجه ميشيل.

علاوة على ذلك، نقف مذهولين أمام الهدوء الذي تعرب عنه هذه المرأة بعد دقائق من الاعتداء، فيما تستحم، تطلب قليلاً من السوشي، وتستأنف روتينها اليومي.

الحياة تمضي قدماً، وميشيل امرأة كثيرة الانشغال، فهي أم، ومقاولة، وامرأة جذابة مرغوبة. وهكذا تشكّل محوراً مركزياً يتفرّع منه الأصدقاء، والزملاء، والجيران، وأفراد العائلة كما لو أنهم قضبان عجلة، ولكل منهم دور محدد على ما يبدو.

هجوم مضاد

قد تصف Elle بفيلم تشويق عن الاغتصاب والانتقام، ولن تكون مخطئاً تماماً. لكن هذا الوصف يتجاهل الحبكة الثورية الضمنية التي تخترق كل مشهد فيه كما لو أنها مسواكاً في قطعة مقبلات. كذلك يغفل هذا الوصف عن أهداف متعاقبة يركز عليها هجوم الفيلم المضاد، مثل الحركة الأنثوية، والسلطة الذكورية، والدين المنظم، وآراء المشاهد الحساسة والدقيقة بالتأكيد.

كان من المفترض أن تدور أحداث Elle في الولايات المتحدة، إلا أن فيرهوفن ذكر في عدد من المقابلات أن كل ممثلة أميركية اقترب منها تعالت على الدور. ولكن مع هوبرت لا يمكننا أن نأمل الحصول على نتيجة أكثر استثناء وبراعة، بغض النظر عما إذا كان استعدادها للاضطلاع بدور مماثل يعزّز الافتراضات السائدة بشأن التزمت الأميركي والتميز الفرنسي أو لا.

علاوة على ذلك، نلاحظ لمحة من الهجاء والنقد في الطريقة التي يتعاطى بها فيرهوفن الهولندي (تعلّم الفرنسية قبل التصوير) مع الأسلوب المثقف الراقي الذي يرتبط بالسينما الفرنسية غالباً. إلا أن عملية التقليد والمحاكاة الجادة هذه تبقى متقنة رغم ذلك. ولا بد من الإشارة إلى أن Elle، الذي عُرض للمرة الأولى في مهرجان «كان» السينمائي هذه السنة، سيمثل فرنسا في سباق جوائز «الأوسكار» عن فئة أفلام اللغة الأجنبية.

back to top