خاص

الروح تدب في مجلس الأمة من جديد

هل يستمر النشاط النيابي على وتيرته أم يتراجع أمام مخاوف الإبطال أو الحل؟

نشر في 17-12-2016
آخر تحديث 17-12-2016 | 00:05
مع الجلسة الافتتاحية، اختلف المشهد. ازدحمت أبواب المجلس في الخارج والداخل بالمواطنين والمواطنات، وطابور كبير من السيارات بمدخله، في مشهد غاب كثيراً عن المجلسين السابقين في ظل مقاطعة تراجعت كثيراً مع المجلس الحالي، واكتظت قاعة عبدالله السالم منذ بداية الجلسة حتى نهايتها، بالجمهور وكبار الشخصيات الذين حرص أغلبهم على متابعتها حتى النهاية.
في اسبوعه البرلماني الاول، استطاع مجلس الامة الحالي الذي يعد ثالث مجالس «الصوت الواحد»، بنسبة كبيرة، تبديد مشاعر الخوف والقلق والشعور بالعزلة، التي كانت تلقي بظلالها على أجواء المجلسين اللذين انتخبا وفق هذا النظام، اذ دبت الروح خلاله بعد أن شهد «زحمة في كل شيء».

وعلى عكس المجلس المنحل الذي غابت في بدايته المخاوف النيابية من احتمالات حله، فإن تخوفات النواب الحاليين من حل البرلمان في أي وقت حاضرة، لاسيما في ظل اصرار بعضهم على فتح الملفات الشائكة مثل «الجنسية وزيادة البنزين».

ورغم أن المجلس المنحل لم يترك شيئا إلا فعله، ووضع نفسه بلغة الارقام في مقدمة المجالس تشريعيا، وكذلك رقابيا، فإنه لم يتمكن على ما يبدو من كسب ثقة الناس أو إقناعهم بأنه يمثل إرادتهم الشعبية، بدليل نسبة التغيير في تركيبته، التي بلغت 60%.

ولعل ما يؤكد ان الروح دبت في المجلس من جديد، الحضور اللافت للجمهور في الجلسة الافتتاحية، التي استمرت نحو 12 ساعة، منذ بدايتها حتى نهايتها، وهو الامر الذي حمس النواب للتصعيد مع الحكومة، منذ اليوم الاول.

حضور الجلسات

وبينما كان غياب الناس عن حضور الجلسات خاصة في المجلس المبطل الثاني (اول مجالس الصوت الواحد) ثم الحضور النسبي في المجلس المنحل يشكلان حدثا استثنائيا، في ظل تنامي الوعي السياسي واهتمام المواطنين ومتابعتهم الحثيثة لقضايا البرلمان، فقد عاد الشعب الى «الاصل» من خلال حضورهم اللافت للجلسة الافتتاحية وفي الايام التالية.

لم تكن جلسة الافتتاح عادية، ولعل النائب محمد المطير الذي استبقها باجتماعات استضافها في ديوانه لـ 26 نائبا «لترتيب الاولويات ومناصب المجلس» سخن اجواءها، وانعكس المشهد على تقسيم الاعضاء الى فريقين: المطير وحماد.

القسم الدستوري الذي اداه الاعضاء اثناء ترؤس النائب حمد الهرشاني للجلسة الافتتاحية باعتباره رئيس السن، لم يمر مرور الكرام، كما الحال عند ترؤسه لنظيرتها في المجلس المنحل، فقد عادت عبارة «وعلى هدي من كتاب الله وسنة نبيه» لتسبق قسم بعض النواب من جديد.

حتى التأبين، الذي كان عبارة عن جمل محفوظة يرددها الاعضاء في السابق، لم يكن تأبينا عاديا، فقد حرص النواب خلال تأبينهم النائب السابق الراحل فلاح الصواغ في الجلسة الافتتاحية على فتح ملف «فساد الصحة والاخطاء الطبية». وانتهز احدهم تناوله لمآثر الراحل في تسليط الضوء على ما اعتبره «خيانة اعضاء كتلته» اثناء تصويتهم في انتخابات الرئاسة، التي كانت بالفعل «مفاجئة للجميع»، عبر حسم مرزوق الغانم معركة الرئاسة من الجولة الاولى باكتساح، وعدم حصول المنافسين حتى على اصوات مجموعة الـ27 (اجتماع المطير).

توصيات الرياضة

ومن التأبين الى الرياضة، انتقل النواب للحديث بعد الانتهاء من معركة انتخابات ساخنة، لتستمر الجلسة الافتتاحية حتى التاسعة مساء، متوعدين رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك بمساءلته، اذا لم يلتزم بتنفيذ التوصية التي اقرها المجلس (التي هي بالاساس كما ينص الدستور وتنص اللائحة غير ملزمة للحكومة).

ورغم الارق الذي شعر به الجميع في «اليوم الاول» الطويل، فإن النواب والصحافيين والاعلاميين حضروا في اليوم التالي منذ الصباح الباكر، وتحولت قاعة التصريحات في المجلس وحسابات النواب على مواقع التواصل الاجتماعي الى منصات للكشف عن التصويتات في انتخابات الرئاسة.

وبعيدا عن السؤال المستحق الذي كان يشغل الساحة المحلية في الكويت: «أصوات مجموعة الـ 27 في انتخابات الرئاسة... أين ذهبت؟»، ظهر في يوم الاثنين عدد من النواب امام وسائل الاعلام ليعلنوا انهم تقدموا رسميا باقتراحات بقوانين وعدوا الناس بها في حملاتهم الانتخابية، من بينها الغاء قوانين «البصمة الوراثية» و»منع المسيء» و»تعديلات الحبس الاحتياطي».

«ثلاثاء حلب»

وفي يوم «ثلاثاء حلب»، استعاد المجلس هيبته، والكلام هنا على لسان عدد من النواب الذين شاركوا في المهرجان الخطابي، الذي دعت اليه الحركة الدستورية الاسلامية في مسرح مجلس الأمة بمبنى صباح الاحمد للاعضاء، ومنهم النائبان عبدالله فهاد ومحمد هايف.

وبينما كانت عينا الطبطبائي تذرفان بالدموع هنا (في مسرح المجلس) اثناء حديثه خلال المهرجان الخطابي، عن رسالة تسلمها من فتاة سورية، كان النائب خالد الشطي يهنئ هناك (على منصة التصريحات بالمجلس) الشعب السوري بما اعتبره «تحرير حلب».

وبين الطبطبائي والشطي، كان النائب عبدالكريم الكندري يجمع تواقيع لعقد جلسة طارئة لحلب، بينما يعلن النائب محمد الدلال جمعه تواقيع لمناقشة «وثيقة الاصلاح»، بهدف إسقاطها. ومن حلب الى مناصب اللجان حيث انعكس ما حدث في انتخابات الرئاسة عليها، ليعلن النائب حمد الهرشاني في اليوم نفسه استقالته من عضوية لجنة الشؤون الخارجية اعتراضا على اقصائه من رئاستها.

وجاء يوم الاربعاء ليحلق طيارو الكويتية في مدرج اللجنة المالية البرلمانية بحضور وزير الاسكان وزير الدولة لشؤون الخدمات ياسر ابل، التي خصصت اول اجتماعاتها لمناقشة قضية تسريح الموظفين من «الكويتية»، وخرجت مقررة اللجنة صفاء الهاشم بعد الاجتماع الذي استمر حتى مغرب اليوم نفسه لتعلن تشكيل لجنة تنسيقية مصغرة لمتابعة ما اعتبرته «التخبط الحكومي وسوء التطبيق» في تسريح الطيارين الكويتيين.

مسطرة واحدة

ولدى خروجه من مجلس الامة حرص وزير الاشغال الجديد عبدالرحمن المطوع على الادلاء بتصريح مطول يؤكد فيه عزمه على تطبيق القانون بمسطرة واحدة على الجميع، ويكشف عن خطته بكل «شفافية ووضوح» كما ذكر لمعالجة قضية تطاير الحصى.

وابى اعضاء المجلس الجديد ان يمر الاسبوع البرلماني الاول دون ان يزف الرئيس الغانم البشرى للشعب الكويتي بتوقيع اتفاقية تبادل المتهمين والمحكومين قضائيا مع بريطانيا، ويعلن النائب صالح عاشور عزمه تقديم «استجواب رياضي» الى وزير الشباب وزير الاعلام الشيخ سلمان الحمود.

الاسبوع الاول من عمر المجلس الحالي جعل المشهد مختلفا تماما، واذا استمر النواب بالوتيرة ذاتها فقد يضع ذلك العلاقة بين السلطتين على صفيح ساخن، وربما يضع «الصوت الواحد» نفسه الذي افرزه في مهب الريح، ويزيد من التكهنات بعدم استمرار المجلس طويلا، ليبقى التساؤل: «هل يستمر النشاط النيابي على وتيرته أم يتراجع أمام مخاوف الإبطال أو الحل؟».

back to top