ترامب لم يخدع الناخبين دائماً وحساباته الاقتصادية كانت صحيحة

نشر في 17-12-2016
آخر تحديث 17-12-2016 | 00:04
No Image Caption
إن مزاعم دونالد ترامب عن الضرائب هي بشكل أساسي مجرد هراء بخلاف بعض بياناته الاقتصادية الأخرى، وربما يشكل هذا إشارة إلى أن الرجل يدرك في المسائل الاقتصادية وجود حد لسلطاته في حقل تشويه الحقيقة.
خلال حملته الانتخابية، وحتى عندما أصبح الرئيس الأميركي المنتخب، قال دونالد ترامب الكثير من الأشياء وطرح العديد من الأرقام، التي تبدو ملفقة تماماً.

وعلى الرغم من ذلك، عندما تحدث ترامب عن الاقتصاد اعتمد في أغلب الأحيان على إحصائيات حكومية صحيحة.

وعلى سبيل المثال، كانت هناك اتهامات من ترامب بأن الرئيس أوباما كان «أول رئيس في التاريخ الحديث لا يحقق نسبة نمو من 3 في المئة في سنة واحدة».

وفي وسعك أن تتساءل ما إذا كان ذلك ينطوي على إنصاف تام، كما فعلت بوليتيفاكت، لكن إذا استشرت إحصائيات مكتب التحليلات الاقتصادية حول نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي – التي تعود إلى سنة 1930 – فإن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أنه كانت هناك سنة واحدة على الأقل من نمو لا يقل عن 3 في المئة خلال كل رئاسة حتى عهد أوباما.

وعلى الرغم من أن سنة 2016 لم تنته بعد سوف يتطلب الأمر ربعاً أخيراً خاصاً تماماً من أجل تحقيق نمو بأكثر من 3 في المئة فيها.

وتتغير أرقام الناتج المحلي الإجمالي كثيراً بعد الحقيقة، لذلك يمكن تصور أن أوباما سوف يحصل على نسبة 3 في المئة في نهاية المطاف. لكني لا أظن أننا نستطيع حقاً توقع ما يراه ترامب حول مستوى واتجاه مستقبل سعر الأساس والمراجعة الشاملة للدخل القومي وحسابات الإنتاج.

ثم هناك السؤال حول ما تعنيه كلمة «حديث»، وإذا حددت العصر الحديث على أنه يبدأ في مطلع القرن السادس عشر، كما يفعل المؤرخون بصورة عامة، وبعدها يتعين عليك التفكير في النمو البطيء خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر.

ومع بلوغ نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل وسطي نسبة ضعيفة بلغت 0.7 في المئة سنوياً من عام 1800 إلى 1840، بحسب أحد التقديرات، يتعين على المرء أن يظن بوجود بعض الرؤساء خلال تلك الفترة لم يحققوا نسبة 3 في المئة في السنة.

ولا يمكن طبعاً أن يقال حقاً عن الرئيس وليم هنري هاريسون، الذي خدم لشهر واحد فقط في سنة 1841 أنه حقق سنة من نمو الناتج المحلي الإجمالي من أي سرعة.

ويصعب بالمثل تفنيد مزاعم ترامب – والاقتباس الدقيق هنا من خطاب قبوله في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري – بأن «عجزنا التجاري في البضائع بلغ حوالي 800 مليار دولار في السنة الماضية وحدها».

وفي عام 2015 كانت الفجوة بين صادرات ومستوردات البضائع 762.6 مليار دولار بحسب مكتب الإحصاء. وصحيح أن ترامب تجاهل «البضائع» في أغلب الأحيان بسبب وجود فائض في الخدمات في الولايات المتحدة وفي سنة 2015 كان العجز التجاري الإجمالي 500.4 مليار دولار، لذلك كان ترامب مخطئاً عندما قال ذلك.

لكن نظراً إلى أن الأرقام 800 مليار دولار و 500 مليار دولار

لاتشكل فارقاً كبيراً في ضخامتها، لست أعلم ما إذا كان ترامب مضللاً كثيراً.

وفيما يتعلق بمعدل البطالة، استخدم ترامب كثيراً تقديرات المدير السابق لمكتب الإدارة والميزانية ديفيد ستوكمان عن معدل البطالة «الحقيقي»، الذي تجاوز 42 في المئة «المعدل الرسمي الحالي هو 4.6 في المئة». وكما كتبت في زاويتي في الأسبوع الماضي كان ستوكمان يبالغ بشدة وبصورة متعمدة نظراً إلى أن تقديراته حسبت كل متقاعد والأب المقيم في المنزل والطلبة في سن 16 سنة أو أكبر ضمن العاطلين عن العمل. لكن أرقامه لم تأت على الأقل من فراغ، وثمة مجادلة يتعين أن تطرح بأن المعدل الرسمي يقلل من حجم البطالة. وعلى الرغم من ذلك، فإن القول إن معدل البطالة بلغ 42 في المئة ينطوي على تضليل تام.

والضرائب مسألة أخرى، وقد قال ترامب مراراً، إن الولايات المتحدة هي «الدولة التي تفرض أعلى الضرائب في العالم».

وفي حقيقة الأمر، فإن الولايات المتحدة من بين الدول الـ35 الثرية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تحتل المركز الخامس الأدنى في أعباء الضرائب الاجمالية «ويشمل ذلك الضرائب الولائية والمحلية» على شكل حصة من الناتج المحلي الإجمالي.

وكانت كوريا الجنوبية وأيرلندا وتشيلي والمكسيك فقط صاحبة أدنى أعباء ضريبية في سنة 2015.

وكأكبر اقتصاد في العالم تحقق الولايات المتحدة عوائد ضرائب أكثر من أي دولة أخرى لكن ذلك ليس ما يعنيه «الأعلى ضريبة».

وأنا أظن أن زعم ترامب ينبع من حقيقة أن ضريبة الدخل الهامشية على الشركات في الولايات المتحدة الآن هي ثاني أعلى ضريبة في العالم بعد الإمارات العربية المتحدة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا لا يعني – بالمناسبة أن الشركات الأميركية تدفع الضرائب الأعلى فهي بارعة في تفاديها كما أن عوائد ضريبة دخل الشركات كانت تتراجع على شكل حصة من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة منذ خمسينيات القرن الماضي.

وعلى أي حال، فإن مزاعم ترامب عن الضرائب هي بشكل أساسي مجرد هراء بخلاف البعض من بياناته الاقتصادية الأخرى. وربما يشكل هذا إشارة إلى أن الرجل يدرك في المسائل الاقتصادية وجود حد لسلطاته في حقل تشويه الحقيقة. وكما قال في الأسبوع الماضي غريغ إيب من صحيفة وول ستريت جورنال: «عندما تسحب الجاذبية الاقتصاد في اتجاه واحد لا يمكن لأي عدد من المكالمات الهاتفية الرئاسية أو التهديدات أو التغريدات، أن تجذبه في اتجاه آخر، وهذا ما حدث في الأساس.

وقد ساعدت توقعات خفض الضرائب والانفاق على البنية التحتية في عهد ترامب على رفع قيمة الدولار، وإذا استمرت تلك المكاسب فسوف تعمل على رفع العجز التجاري كما تجعل من الصعب على ترامب التأثير على المصنعين من أجل إبقاء الوظائف في الولايات المتحدة. وبكلمات أخرى، فمن المؤكد أن البيانات الاقتصادية لن تتعاون مع كل خطط ترامب.

back to top