إلى الله المشتكى!

نشر في 17-12-2016
آخر تحديث 17-12-2016 | 00:06
 حمد الهزاع تبعثر مني الكلام وأنا أخط عبارات الأسى والحزن والحسرة على ما حل بحلب من مآسي القتل والدمار، جثث متناثرة في الشوارع، أنقاض من تحتها عائلات لا يعلم مصيرها أحد، أناس هائمون على وجوههم لا يجدون ملاذاً، ولا مخرجاً للنجاة من الطائرات الروسية والسورية، التي تقذفهم بالبراميل المتفجرة، والقنابل الفراغية والعنقودية، فتهلك أينما سقطت، مخلفة ضحايا من المدنيين، ومحدثة دماراً كبيراً.

وعن حلب اليوم يقول أحد قاطنيها، وهو يتحدث إلى إحدى القنوات الفضائية العربية، إنه لا يجد كلمات في قواميس اللغة تصف حالة الدمار الهائل والمروع التي ارتكبها النظام الروسي، ومن ورائه الإيراني، وعندما سألته المذيعة: ماذا أنتم فاعلون؟ أجابها بدون تردد: "نحن ننتظر الموت في أي لحظة"... كلماته يهتز لها الوجدان وينعقد من مرارتها اللسان ويتحرك من قسوتها الحجر قبل البشر، لله دركم أهل حلب، تفرون من الموت إلى الموت، فلا ناصر ولا معين إلا رب العرش العظيم، فهنيئاً لكم الشهادة أيها الأموات والأحياء، إلى الله المشتكى، إنه نعم المولى ونعم النصير.

إن النظام الروسي استعرض آلة حربه في سماء سورية وجربها بقوة في حلب، وطائراته الحربية وصواريخه البعيدة المدى لا تبقي ولا تذر، فتهلك الحرث والنسل، حتى أصبحت حلب كالصريم، خاوية على عروشها، وهنا أذكر ما قاله الرئيس الروسي بوتين خلال لقائه بقدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية: "يجب ألا يُنسى شيء وأن يتذكر الناس داخل البلد أو خارجه مأساة الشعب السوفياتي، وسكان لينينغراد وشجاعتهم وبطولتهم"، وضرورة عمل كل شيء من أجل "ألا يتكرر شيء من هذا القبيل في حياة شعوب العالم"... سيدي الرئيس بوتين: ألا تشبه حلب الآن لينينغراد التي حاصرها النازيون وقتلوا أهلها وشردوهم؟!

لقد سعت دول الخليج العربي ودول العالم وقادتها، وفي مقدمتهم حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه، إلى إقناع النظام الروسي بإيقاف آلة الحرب، والجلوس إلى طاولة الحوار، إلا أن الروس في كل مرة يُفشلون المفاوضات، بسبب تعنتهم وحججهم الواهية، وكلما تقدمت دولة بمشروع إلى مجلس الأمن لإيقاف الحرب يصطدم القرار بفيتو روسي لإبطاله، إن بوتين خرج على كل الأعراف والقيم الإنسانية، فطغى واستكبر وتجبر وعاث في سورية فساداً.

نحن اليوم كشعوب إسلامية أمام كارثة بشرية بكل المقاييس،لا نملك حيالها سوى الدعاء، وتقديم المعونات إلى الشعب السوري المغلوب على أمره، ويجب على دول الخليج العربي أن تضغط بكل حزم وشدة على النظامين الروسي والإيراني، سواء بالمقاطعة الدبلوماسية أو الاقتصادية، ليعودا إلى رشدهما ويوقفا آلة الحرب، وعلى أعضاء مجلس الأمن أن يخجلوا من أنفسهم وهم يقفون مكتوفي الأيدي، متفرجين، عاجزين عن إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

ثم أما بعد... قال تعالى: "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ".

back to top