دفاع ترامب الغريب عن روسيا

نشر في 15-12-2016
آخر تحديث 15-12-2016 | 00:11
 واشنطن بوست يا إلهي! نوشك أن نسلّم زمام الرئاسة لرجل ساهم النشاط الاستخباراتي الروسي في انتخابه، وفق وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ومهما حاولنا فإننا نعجز عن إنكار ذلك، فقد عين في منصب وزير الخارجية المدير التنفيذي لإكسون موبيل "ريكس تيلرسون"، ومن أبرز صفاته على الأرجح صداقته الطويلة والحميمة مع بوتين، فهل تبدو هذه فكرة جيدة؟ أنا لا أظن ذلك.

علاوة على ذلك لا يجمع الرئيس المنتخب حكومة، على ما يبدو، بل حكومة مضادة، فقد أعلن يوم الأحد أن "لا أحد يعلم حقاً" ما إذا كان التغير المناخي حقيقياً، مع أن 97% من علماء المناخ يؤكدون ذلك، فضلاً عن أنه سيعين مشككاً عنيداً كمدير لوكالة الحماية البيئية، كذلك يسعى إلى تعيين وزير عمل لا يؤمن بضرورة رفع الحد الأدنى للأجور، ووزير تعليم لا يولي أي اهتمام بالتعليم العام، ووزير إسكان تقتصر خبرته في هذا المجال على إقامته في منازل، فهل هذه وصفة لعظمة الولايات المتحدة أم للفشل وعدم الكفاءة؟

وجاءت أخيراً خلاصة وكالة الاستخبارات المركزية عن التدخل الروسي لمصلحة ترامب لتُضاف إلى كل ذلك، فذكر ترامب في مقابلة مع Fox News Sunday: "أعتقد أن هذا سخيف"، ولكن في العملية الانتقالية هذه، ما لا يبدو مقلقاً وغريباً؟

أكّد ترامب أن وكالة الاستخبارات المركزية ترتكب الأخطاء، مشيراً إلى خلاصتها الخاطئة بالكامل عن أن صدام حسين امتلك أسلحة دمار شامل. قد يكون محقاً إلا أن المجتمع الاستخباراتي يُجمِع على أن عملاء يرتبطون بالحكومة الروسية حاولوا على الأقل التشكيك في العملية الانتخابية الأميركية. لتحقيق هذه الغاية وجّهت الحكومة الروسية عمليات القرصنة نحو الرسائل الإلكترونية المتبادلة مع منظمات الحزب الديمقراطي ورئيس حملة كلينتون جون بوديستا، ثم انتقت بعد ذلك مواد محددة ونشرتها عبر "ويكيليكس" وغيرها من الوسائل. توصلت وزارة الأمن القومي ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية إلى هذه الخلاصة قبل أشهر، وأعلنا ذلك في بيان رسمي في السابع من أكتوبر. وهنا ينشأ سؤال مهم: هل تخطى هدف روسيا توليد الفوضى وذهب إلى حد المساهمة في انتخاب مرشح محدد، ألا وهو ترامب؟ تؤكد وكالة الاستخبارات المركزية ذلك، مع أن مكتب التحقيقات الفدرالي لا يبدو مقتنعاً، إلا أن أوباما أمر بإجراء مراجعة شاملة قد تحل هذا الخلاف مع ضرورة تقديم التقرير النهائي قبل مغادرته منصبه، ولكن لمَ لم يُجرَ هذا التحقيق قبل الانتخابات، بما أن مسألة القرصنة الروسية كُشفت في شهر أكتوبر؟ سؤال وجيه. ربما خشي أوباما أن يعتقد البعض أنه يستغل أدوات سلطة الدولة ليؤثر في الناخبين، في حين بوتين لم يخشَ أمراً مماثلاً على ما يبدو. استهدفت عملية القرصنة هذه الديمقراطيين ومؤسسات حزبهم، ولو كان هدف روسيا بكل بساطة تقويض الثقة بالعملية السياسية لشهدنا أيضاً نشر عدد من رسائل الجمهوريين الإلكترونية المحرجة. أكّد زعيم الأغلبية ميتش ماكونيل أن مجلس الشيوخ سيفتح أيضاً تحقيقاً في هذه المسألة، وسينطلق كلا هذين التحقيقين من نقطة أن هدفهما ليس تحدي شرعية انتصار ترامب، لكنّ تحدياً مماثلاً قد يشكّل نتيجة محتمة لما سيتوصلان إليه.

كانت هذه الانتخابات متقاربة جداً، حيث فازت كلينتون بعدد أصوات يفوق ما حصل عليه ترامب بنحو 2.8 مليون على الأقل، لكنها خسرت الانتخابات لأن ترامب فاز بهامش بسيط في ولايات حزام الصدأ التي اعتُبرت معقل الديمقراطيين. هل كانت كلينتون ستفوز لو أنها أمضت وقتاً أطول في ويسكونسن، وميشيغان، وبنسلفانيا؟ وهل ساهم تدخل مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي في اللحظة الأخيرة في إمالة كفة الميزان؟ وهل خسرت بسبب خطئها السابق حين عالجت مسائل وزارة الخارجية على خادم بريد إلكتروني خاص؟

ربما، ربما، ربما، ولكن ربما كانت ستفوز أيضاً لو أن روسيا لم تساعد خصمها بحماسة.

من المفترض أن يُحدَّد رئيسنا في مراكز الاقتراع في مختلف أنحاء الولايات المتحدة لا وراء جدران الكرملين المهيبة.

* يوجين روبنسون | Eugene Robinson

back to top