حضور تشكيلي للرواد والشباب في القاهرة...

«طريق الحرير» و«أسطح زمنية» و«جداريات مصرية» تقاوم صخب الحياة

نشر في 12-12-2016
آخر تحديث 12-12-2016 | 00:05
شهدت القاهرة أخيراً فعاليات تشكيلية عدة للرواد والشباب، من بينها المعرض الاستعادي «أسطح زمنية» للفنان أحمد شيحا في غاليري «مصر»، و«طريق الحرير» للفنان محمد عبلة في قاعة «أفق»، كذلك استضافت قاعة «الباب» بساحة دار الأوبرا «جداريات مصرية» للفنانة د. صفية القباني بحضور عدد من الفنانين والنقاد ومحبي الفنون الجميلة.
تضمن معرض «أسطح زمنية» للفنان أحمد شيحا قرابة الثلاثين لوحة تعبّر عن محطات مهمة في مسيرته الفنية. تميزت أعماله، حسبما قال الناقد

د. ياسر منجي، بنكهة زمنية واضحة تحمل ذاكرة تراكمية وجماليات بصرية آخذة في التحوّل المستمر بين إيحاءات وترميزات معقدة، لتنتج عنها في خاتمة المطاف أسطُح زمنية، تتكئ على شفرة بصرية، رامزة إلى ما وراء السطح بأشواط بعيدة.

ولفت مدير غاليري «مصر» الفنان محمد طلعت أن المعرض بمنزلة رحلة فنية بين ثنايا الزمان والمكان، ولا تقف عند حدودهما، لا سيما أن للفنان أحمد شيحا إيقاعات بصرية، تُكسب لوحاته خصوصية، وكأنها وشوم أو نقوش لا بد من أن تجد لها مكاناً في وجدانك وذاكرتك، كذلك فإن لأسلوبه بصمة واضحة تتميز برؤية حداثية متفردة في تناول الموضوعات وفق بناءات تشكيلية، يستشف منها الفنان ملامح من شخصيته الثرية بتراكم الخبرات الثقافية والإنسانية.

يذكر أن الفنان أحمد شيحا من مواليد القاهرة 1945. درس في الأكاديمية الفرنسية للفنون، وهو عضو نقابة التشكيليين واتحاد الكتاب وجمعيات ومجالس فنية عدة. قدّم خلال مشواره الفني عشرات المشاركات في الحركة التشكيلية العربية والدولية، سواء من خلال معارض خاصة أو جماعية، ونال جوائز وتكريمات عدة محلياً ودولياً، وله مقتنيات خاصة لدى أفراد وجهات في الداخل والخارج.

عين الطائر

من جهة أخرى، افتتح رئيس قطاع الفنون التشكيلية المصري د. خالد سرور معرض «جداريات مصرية» للفنانة د. صفية القباني، في قاعة «الباب» بساحة الأوبرا، وضمّ مجموعة جديدة من أعمالها في مجال الفسيفساء «الموزاييك» بحضور لفيف من النقاد والفنانين.

قال د. سرور إن أعمال القباني تتميّز بمنظور بصري، يسمى «عين الطائر» وهو أسلوب فني صعب، لا سيما في مجال الفسيفساء، ويحتاج إلى صبر ووقت، إلا أن متعة الفنان الحقيقية، هي نجاحه في جذب وجدان وعقل المتلقي وذاكرته، لحوار يحمل مدلولات تبرز رؤيته الفكرية والجمالية.

من جهتها، لفتت الناقدة د. رشا نبيل إلى أن أعمال د. صفية القباني الأخيرة ذات روح متوهجة فتية، وحماسة واضحة، ونزعة تفاؤلية تتجسّد في الزهور الصغيرة المتفتحة التي ترصع اللوحات كافة، بخلفية ذات لون أزرق يدعو إلى الهدوء، وإلى أخذ برهة من الوقت للاستمتاع بمفردات مستقاة من وحي الطبيعة، ودعوة للرائي إلى النأي عن صخب الحياة العصرية.

بدوره ذكر الناقد د. ياسر منجي أن أهم ميزات هذه التجربة عدم إسراف الفنانة في الإلحاح على جوانب الأعمال الفكرية، وانتباهها الدائم إلى أولوية الناحية البصرية، خصوصاً ما يتعلق بحضور اللون كقيمة أساسية، ما ضمن للأعمال أن تظل متشبثة ببهجتها العفوية، رغم طموحها إلى تحقيق جنة الحوار مع الآخر.

يذكر أن الفنانة د. صفية القباني تشغل مهام عميدة كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، ولها معارض خاصة ومشاركات مصرية ودولية عدة، وتتميّز تجربتها الإبداعية بتناغم العناصر الجمالية، وببراعة تصاميمها ودقتها التي تأتي في قوالب تشكيلية متكاملة، فضلاً عن أنها تدعو إلى الهدوء والسكينة والتأمل عبر مسطح إبداعي يتسم بتجليات العصر بمفرداته وموضوعاته، وأطروحاته ذات الاهتمام المشترك بين المُبدع والمُتلقي.

أساطير ملونة

افتتح د. خالد سرور معرض «طريق الحرير» للفنان محمد عبلة في قاعة «أفق» بالقاهرة، وضم نحو 75 لوحة مستوحاة من تاريخ طرق كانت تسلكها القوافل والسفن رابطة الصين بالعالم الخارجي، وأدّت دوراً حضارياً كبيراً في تبادل التأثير بين الحضارة الصينية وغيرها من حضارات قديمة كالمصرية والهندية.

استلهمت لوحات عبلة قصصاً وأساطير في «طريق الحرير» استخدم فيها الفنان أساليب مختلفة وجديدة في محاولة لسرد تشكيلي لتاريخ مفعم بالإثارة والتشويق، واستحضار الطابع الزمني لقرون فائتة، فضلاً عن منح الرائي متعة بصرية ووجدانية، لتتحول اللوحات إلى صفحات تأريخية بلغة الألوان وجماليات التشكيل، وعناصره المتناغمة بين الإيحاء والرمز، والربط بين حوادث الماضي وخصائص اللحظة التاريخية الراهنة.

قال د. خالد سرور إن لوحات «طريق الحرير» تضعنا أمام رؤى جديدة لعالم الفنان القدير محمد عبلة، وثراء تفاصيله وفق بناء تشكيلي درامي، تشعر أمامه وكأنك أمام مشهد سينمائي ذي طابع حكائي، تُصاغ من خلال بطولة مشتركة لمحتواه ليكون البطل المطلق هو الفكرة والمضمون.

يذكر أن محمد عبلة (63 عاماً) أحد أبرز التشكيليين المصريين في مجال التصوير. حصل على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة قسم تصوير في جامعة الإسكندرية 1977، ودبلوم كلية الفنون الجميلة 1978، ودرس في كلية الفنون والصناعات «نحت» بزيورخ – سويسرا 1981، وله معارض خاصة ومشاركات عدة في فعاليات محلية ودولية. وفي 2007 أسس مركز الفيوم للفنون، وفي 2009 أقام أول متحف لفن الكاريكاتور في الشرق الأوسط.

لوحات محمد عبلة مستوحاة من تاريخ طرق كانت تسلكها القوافل والسفن رابطة الصين بالعالم الخارجي
back to top