الرفاعي: الرقابة ليست في ذهني بل أنساق وراء الفكرة
خلال جلسة أدبية نظمها نادي «معاني القراءة» لمناقشته في روايته «في الهنا»
عبَّر الروائي طالب الرفاعي، من خلال مناقشته لروايته، أنه يكتب في بعض الأحيان عن حالات إنسانية مؤلمة وموجعة، حتى يشير إلى مكامن الوجع، ولكي يلفت الانتباه إلى ما يجب النظر إليه ومعالجته.
نظم نادي "معاني القراءة"، أمس الأول، جلسة أدبية، لمناقشة رواية "في الهنا" للروائي طالب الرفاعي، بحضوره وجمع من أعضاء النادي.في البداية، أوضحت رئيسة النادي الإعلامية فاطمة النهام، أن النادي يضم نخبة من المثقفين، ورسالته رفع مستوى الوعي في المجتمع عن طريق القراءة. ولفتت إلى أن النادي خرج عن نمطية الأندية المعتادة، ويضم عدة أنشطة، منها جلسات لمناقشة فكرة معينة، ودورات تدريبية، ودعم الشباب القارئ، واستضافة ضيوف وكُتاب وأدباء ومفكرين ومدربين في التنمية الذاتية. وأضافت أن النادي حرص على أن يجد المتعة والاستمتاع عند مناقشة كُتاب، ليس لإثبات وجهات النظر والدفاع عنها، بل لكسب الأصدقاء والاستفادة من الجميع. من جانب آخر، بينت النهام سبب اختيارها لرواية "في الهنا" للروائي طالب الرفاعي، لأن الرواية أثارت فضولها، بدءا من العنوان، وأيضا لحصول الرواية على جائزة الدولة لعام 2016. وقالت إن الرواية لامست المشاعر والوجدان، من حيث تميزها بعمق وسلاسة اللغة، إضافة إلى أنها جسَّدت واقعا اجتماعيا ملموسا قد يحدث في أي بيت كويتي.
من جانبه، قال الأديب طالب الرفاعي، إن عنوان الرواية (في الهُنا) "لا أقصد به المكان/ مكتبي، لكن أردت أن أقول في الهنا، في الكويت، وفي علاقة كوثر بنفسها، وعلاقتها مع مشاري، وأيضا بشيء من سيرتي الذاتي في مكتبي". ولفت إلى أن عنوان الرواية عندما ترجم إلى الإنكليزية جاء معبرا عن المكان والزمان (Here and now)، وأن في الصلب من حكاية الرواية تدور قصة حب مأزومة، بين امرأة عزباء ورجل متزوج. وأشار إلى أنه يفهم الأدب بوصفه محاولة لتسليط الضوء على البؤر المظلمة، ومناقشة القضايا الاجتماعية الأكثر إلحاحا واحتداما.وأكد الرفاعي أنه عندما يكتب لا يضع رقيبا في رأسه، بل ينساق وراء الفكرة، تاركا لنفسه كتابتها بصياغتها الأولى، وأنه ينقح النص لاحقا. وذكر أنه يعيد الكتابة كثيرا، فعلى سبيل المثال رواية "في الهنا" أعاد كتابتها 16 أو 17 مرة، وأخذت منه سنة ونصف السنة. وعلَّق قائلاً: "في الكتابات الأولى لا يوجد رقيب، لكن عندما تصل الرواية إلى مراحلها الأخيرة، أراجعها بتأنٍ، بحثا عن كلمة هنا أو عبارة هناك قد تستحق الوقوف عندها، وإعادة النظر في صياغتها". وأكد أنه يتوجب على الكاتب، أن يكون ذكيا، وأن يستطيع بحرفية عالية إيصال ما يريده للقارئ.وأشار الرفاعي إلى أنه يكتب رواياته بنهايات مفتوحة، وأن البعض من الممكن أن ينزعج من ذلك، وأرجع ذلك إلى أن الحياة لا تقدم نهايات مغلقة، حتى لو كان الموت نهاية. وأضاف أنه يكتب سيرته الذاتية الحقيقية "اسمه، واسم زوجته وبناته وأصدقائه وكل ما يحيط به"، لأن سيرة الكاتب جزء من سيرة المجتمع، لافتا إلى أنه يكتب عن الكويت الراهنة، وأن حصيلته الروائية ست روايات.وقال إنه يكتب عن الواقع، وإن جل أبطاله حقيقيون يعيشون بيننا، وإن كل رواياته يحضر فيها المكان الكويتي. أما عن الموسيقيى الكويتية، فهو يفضل "السامري"، لأنه من أجمل أنواع الغناء الكويتي. من ناحية أخرى، أوضح الرفاعي أنه ضد الوعظية في الكتابة الروائية، وأنه لا يرى أن مهمة الكاتب أن يعلّم الناس، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وبيّنَ أنه يكتب في بعض الأحيان عن حالات إنسانية مؤلمة وموجعة، حتى يشير إلى مكامن الوجع، ولكي يلفت الانتباه إلى ما يجب النظر إليه ومعالجته.وأشار الرفاعي إلى أن تقديم متعة للقارئ ربما يشكل أحد أهم الأهداف التي يسعى لها أي فن. وفي سؤاله عن الهدف الذي أراد إيصاله من وراء الرواية، ردَّ: "ما أردت قوله، هو ما يفهمه كل قارئ على طريقته الخاصة، فأي نص أدبي لا يكتمل إلا بقراءة القارئ، وللقارئ وحده أن يحدد ما يعتقد أنه رسالة النص الأوضح". وعن عشقه للقصة، وتأسيسه لجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية، قال: "بدأت حياتي الأديبة قصاصا، في منتصف السبعينيات، وكنت ولم أزل عاشقا للقصة القصيرة، حتى لو اتجهت لكتابة الرواية، فأنا وفي عز انشغالي بكتابة رواية، أهرب منها لكتابة قصة قصيرة تقدم متعة مغايرة لروحي". وتمنى أن يكون نجاح احتفالية جائزة الملتقى في دورتها الأولى دافعا كبيرا لمزيد من النجاحات في الدورات القادمة.وفي نهاية اللقاء، شكر الكاتب الرفاعي رئيسة وأعضاء النادي، وعبَّر عن سعادته البالغة، بوجوده بينهم، وبطبيعة النقاش الأدبي والإنساني الذي دار في الجلسة.