الرسّام العالمي غـيـﭬورك: لوحاتي صرخة الانفعالات المنغرسة في ذاتي القلقة

نشر في 06-12-2016
آخر تحديث 06-12-2016 | 00:04
وفَدَ من سهول أرمينيا إلى أسواق بيروت حاملاً معه ألواناً تعبق بنسائم تلك الأرض... الأرض الطيبة: إنّه الرسّام غيـﭬورك يغيازاريان الذي لفتتْ لوحاته الأنظار في معرض «الفنّ كدعوة إلى الحياة».
جابت لوحات غيـﭬورك يغيازاريان أرجاء العالم من آسيا إلى أوروبا فالولايات المتّحدة، وأمسى أسلوبه المجبول بالألوان الشفافة والباحث عن مغازي الحياة في أعمق معانيها، منتشراً في أعرق صالات العرض العالميّة، وعلى صفحات المجلّات الفنيّة المختصّة.
اغتنمتِ «الجريدة» مناسبة إقامته في بيروت وأجرت معه الحوار التالي:
لِمَ أردت صدم المشاهد بأسلوبك المختلف عن سائر الرسّامين؟

لم أقصد صدم أحد. إنني أُعبّر عن مشاعري بالطريقة التي أراها مناسبة، إن بالأشكال أو بالألوان، ولا أتوسّل إعجاب أحد. تكفيني النخبة من الذين يستسيغون عملي ويفهمونه.

لِمَ اعتمدتَ طرقاً أُخرى للتعبير عن مكنوناتك غير أسلوبك المعهود؟

كُلُّ مَن ينظر إلى أعمالي من النُّقاد يعرِف فوراً أنّني صاحبُ اللَّوحة قبل أن يلحظ توقيعي. لكنّي مرَّرتُ طبعاً بمراحل شتّى على الصعيدين الفنّي والوجداني، عبَّرت عنهما بطرائق عديدة . وهذا ما أدعوه التنوّع في الفرادة، وبأنّ السواقي جميعها تصبُّ بآخر المطاف في المحيط الكبير.

من أين كانت انطلاقتك وكيف تطوّرتْ؟

عشتُ طفولة قاسية، كنت أختلف فيها عن أقراني وألجأ إلى سور يحيط بحديقة بيتنا، فأحفر على جدرانه ما أتصوّره من أشكال وموضوعات تتصارع في فكري.

كنتُ في الثامنة عندما انتابتني الرغبة الجامحة في التعبير عما يتخبط في صدري، وقادني شغفي إلى الرسم على الورق الذي أصبح طريقي إلى اكتشاف ذاتي الهائمة، فأدركت حينها أنّ الفنّ قد امتلك كياني وانساب في عروقي، ورحتُ في بحث لا يستكين عن الحقيقة منذ أن أمسكتُ الفُرشاة التي حرّرتني من شرودي وأصبحتُ أتجوّل طليقاً في خبايا النّفس البشرية، وتلمست بأصابعي المغمّسة بظلال الألوان رسم انفعالاتها حتى توصّلت اليوم إلى التعبير عن اختلاجاتها بمفرداتي الفنيّة الخاصّة بي.

في لوحاتك تتشابك الوجوه بدون أن تكتمل، فهل قصدت رؤيتها بعين الروح والقلب؟

هذه الوجوه المتكرّرة في اللّوحة هي حالة شخص واحد، فلكلّ إنسان وجوه مختلفة، تعبّر عن نزعات متفاوتة وأمزجة متضاربة أحياناً، وهي في الوقت عينه، وجوه تائهة تبحث دون كلل عن الحقيقة. والمشهد السريالي الذي يراه بعضهم في أعمالي، هو تعبير حقيقي صادق عن مشحات الحزن والفرح والانفعالات، وصرخات الرَّفض المنغرسة في ذاتي القلقة.

بمَ تشعر عند انتهائك من رسم لوحتك؟ هل تشعر باكتفاء ذاتي، أم بعدم اكتمال ما تتمنّاه من خلالها؟

اللّوحة لدي لا تكتمل نهائياً، بل تتتابع في أبعاد أُخرى، وكُلما دنوتُ من الانتهاء، غمرني شعورٌ غريب واكتشفت أنّي لم أتوصَّل إلى ما أُريد، لأعود إلى المحاولة من جديد.

من هم الرسّامون الذين أثّروا فيك ؟

ال غريكو الذي أُهملت أعماله 300 سنة، تميَّزتْ بالأشكال المنحرفة والألوان العريضة، عاد العالم في القرن العشرين واعترف بقيمتها الفنيّة البالغة؛

نحّات ومعماري ورسّام يونانيّ ولد في كانديا – اليونان 1541 وتوفي سنة 1614 في اسبانيا حيث أمضى معظم حياته. تحوَّلت أعماله من الأسلوب البيزنطي إلى الأسلوب الأوروپي المختلف. ويُعد من أبرز رسّامي أوروبة في القرن السادس عشر الذين ابتدعوا عصر النهضة.

وﭬنسنت ﭭان غوغ الرسّام التشكيلي الهولندي الذي حاول التقاط أكبر قدر ممكن من الضوء، وإبراز تماوج الأطياف من خلال ضربات ريشته؛

ولد في هولندا 1853م ومات منتحراً في السابعة والثلاثين من عمره ودفن في فرنسا. وهو من أَبرز الرسّامين التشكيليين العالميين الانطباعيين. تعتبر لوحاته الأكثر شهرة والأغلى سعراً في العالم. رسم ما يفوق 800 لوحة زيتية عبَّر فيها عن نزعاته وعاطفته.

وويليام ترنر الرسّام البريطاني الموهوب في خلق مشاهد الطبيعية؛

ولد في انكلترا 1775- 1851م ويُعتبر من كبار رسّامي المائيات مع انّه نال شهرة واسعة بزيتياته الرومانسيّة – الانطباعيّة، وكذلك التجريديّة قبل بزوغ عهدها في بدايات القرن العشرين.

وأرشيل غوركي الفنّان الأرمنيّ التشكيلي الذي تخطّى بريشته المدارس الفنيّة جميعها، تصدّرت لوحاته جدرانَ المتاحف العالميّة في نيويورك وباريس ولندن.

ولد ﭭوستانيك مانوغ أدويان في أرمينيا التاريخيَّة عام 1904 ومات منتحراً سنة 1948 في أميركا.

تميَّز أسلوبه بالانطباعيّة – السرياليّة – التجريديَّة. ويُعتبر من أهم الرسّامين التشكيليين الأميركيين.

هل نرى تأثير هؤلاء في أعمالك؟

لقد تغذَّت روحي بأساليب هؤلاء الرسّامين وامتزج خيالي برؤاهم الشفافة والعميقة في آن، لكنّ إنتاجي الفنّي يبقى مختلفاً عن كُلّ عملٍ أتاه غيري.

هل تنطلق في عملك من الواقع إلى الحُلم، أَم ترغب في تحويل أُمنياتك من الحُلم إلى الواقع؟

لا بداية ولا نهاية للوحاتي، فهي عبارة عن أسئلة تحاول إيجاد أجوبة لها، لكنّي مع هذا أعيش عالمي بسلام داخلي، وأُحاول مجدّداً غمر قماشتي باللون الذي يشرح حالتي.

الكويت عاصمة مناصرة الفنون

تحدث غـيـﭬورك حول تنظيم معارض تشكيلية في الدول العربية وقال: «في الولايات المتحدة، الإقبال على لوحاتي فائق التصوّر، ولم يتسنَّ لي الاشتراك في معارض أُخرى؛ ومع ذلك فقد أسهمت بأكثر من معرض في بيروت، ويجري التواصل معي حالياً للإسهام في معرضٍ سوف يُقام في الكويت، ورغبتي قويّة في تحقيق هذه الأُمنية، ويبدو أنّ دولة الكويت غدتْ عاصمة مناصرة للفنون، كما أنّ داراً للأوبرا قد أُنشئت فيها، وهذا أمرٌ مُحبب وجميل».

اللّوحة لدي لا تكتمل نهائياً بل تتتابع في أبعاد أُخرى
back to top