«الدستورية العليا» تلزم الحكومة تعديل «قانون التظاهر»

المحكمة أكدت أن منح وزير الداخلية الحق في منع الاجتماع أو تغيير مكانه مخالف للدستور

نشر في 04-12-2016
آخر تحديث 04-12-2016 | 00:04
جانب من التحضيرات للمولد النبوي الشريف في القاهرة (اي بي أيه)
جانب من التحضيرات للمولد النبوي الشريف في القاهرة (اي بي أيه)
أنهت المحكمة الدستورية العليا، أمس، صفحة الجدل المُثار بشأن دستورية "قانون التظاهر"، حيث قضت بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الـ10 من القانون، كما أسقطت الفقرة الثانية من المادة ذاتها.
بعد نحو ثلاث سنوات من مناشدات سياسية وحقوقية، بتعديل قانون "التظاهر" المثير للجدل، والذي حبس على أثره العديد من النشطاء، حسمت المحكمة الدستورية العليا أعلى المحاكم المُختصة بنظر مدى دستورية القوانين الجدل المثار حول دستورية القانون، الذي أصدره الرئيس السابق عدلي منصور، أواخر 2013، حيث قضت المحكمة أمس السبت، بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة العاشرة من قانون التظاهر، وسقوط نص الفقرة الثانية من ذات المادة.

وتتعلق المادة التي قضي بعدم دستورية الفقرة الأولى منها، بسلطة وزير الداخلية أو مدير الأمن المختص، بإصدار قرار مُسبب بمنع التظاهرة وإبلاغ مقدمي إخطار التظاهرة، قبلها بـ 24 ساعة، كما تتعلق الفقرة الثانية منها والتي قضي بعدم دستوريتها بالتظلم من المنع أمام قاضي الأمور الوقتية.

واعتبرت المحكمة الفقرة الأولى من المادة العاشرة مخالفة للحق في التظاهر، بعدما منحت وزير الداخلية ومدير الأمن حق إصدار قرار بمنع الاجتماع أو التظاهرة المخطر عنها أو إرجائها أو نقلها، ما يعني أن تلك الفقرة مسخت الإخطار إذنًا، مما يوقعها في حمأة مخالفة المواد (1/1، 73/1، 92/2، 94) من الدستور.

شمل الحكم رفض الدعوى المُطالبة بعدم دستورية المادتين 7 و19 من القانون، واللتين تنظمان جريمة المشاركة في تظاهرة دون إخطار الجهات المختصة، ترتب عليها تعطيل مصالح المواطنين وتعطيل حركة المرور، والعقوبة عليها، والتي حددها القانون بالحبس مدة لا تقل عن عامين ولا تتجاوز خمس أعوام، والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف، وأكدت المحكمة أن تلك العقوبة تتناسب مع خطورة وفداحة الإثم المجرّم في المادة السابعة دون غلو أو تفريط.

والأحكام التي تصدرها المحكمة الدستورية العليا واجبة النفاذ وباتة، ولا يجوز الطعن عليها أمام أي جهة قضائية، وأحكامها تُنشر في الجريدة الرسمية فور صدورها.

الحق في التظاهر

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها، إنها استندت إلى أن الدستور ألزم السلطتين التشريعية والتنفيذية بصون الحقوق والحريات العامة، التي من بينها الحق في الاجتماع والتظاهر السلمي، وأن الدستور الحالي هو الأكثر تقدماً وديموقراطية في صون الحق في الاجتماع السلمي، فأكد على الحق في التظاهر بالإخطار، وليس لجهة الإدارة (الأمن) الموافقة على السماح بالتظاهر من عدمه، وكل ما لها في تلك الحالة أن تستوثق من توافر البيانات المتطلبة قانوناً في الإخطار، وأن تقديمه تم في الموعد وللجهة المحددين في القانون أم لا.

قالت المحكمة: "ورغم أن التظاهر يشمل في بعض جوانبه عدواناً إلا أنه عدوان يجرى التسامح في شأنه، تغليبا لحقي الاجتماع والتظاهر السلمي، والتي تمثل في ذاتها قيمة عليا لا تنفصل الديموقراطية عنها، وتؤسس الدول الديموقراطية على ضوئها مجتمعاتها، صوناً لتفاعل مواطنيها معها، بما يكفل تطوير بنيانها وتعميق حرياتها".

تعديل القانون

وبعد ثلاث سنوات من صدور القانون وتراجع التظاهرات في الشارع المصري، أحدث حكم الدستورية ردود فعل واسعة، إذ سارعت الحكومة، على لسان وزير الدولة للشؤون البرلمانية مجدي العجاتي، إلى القول إن الحكومة ملتزمة بأحكام القضاء، وأن لديها نية في تعديل القانون، وفتح حوار مجتمعي حوله، مُشيراً -خلال تصريحات خاصة لـ"الجريدة" - إلى أن الحكومة ستبدأ فتح ملف تعديل القانون خلال أيام.

حكومياً أيضاً، أكد مصدر أمني رفيع المستوى لـ"الجريدة" التزام وزارة الداخلية بأحكام القضاء، وقال المصدر -الذي رفض ذكر اسمه- "سنلتزم بالحكم، ولا سيما أن أحكام المحكمة الدستورية باتة ولا يمكن الطعن عليها".

قانونياً، انقسم الخبراء حول تفسير حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان المادة العاشرة من القانون، ما بين تعديل هذه المادة فقط أم تعديل القانون برمته، حيث قال الفقيه الدستوري رمضان بطيخ، لـ"الجريدة": "حكم الدستورية يعني بطلان القانون برمته، فبطلان مادة من مواد القانون تقضي بتعديله بالكامل"، بينما اعتبر عضو اللجنة التشريعية في البرلمان أبوالمعاطي مصطفى الحكم سيؤدي إلى تعديل المادة العاشرة والمواد الأخرى المرتبطة بها وليس القانون كله".

المحامي والناشط الحقوقي، مختار منير، قال إن الحكم سيكون له أثر إيجابي على الإخطارات بالتظاهر، حيث سلب من وزير الداخلية حقه في منع التظاهرة أو تغيير خط سيرها، ما يُتيح مجال التعبير عن الرأي والتجمع السلمي، لافتاً إلى أن الحكم ليس الأفضل لمصلحة المحبوسين بتهمة التظاهر، لأنه رفض الطعون على المادتين ( ٧، ١٩) المتعلقة بعقوبات التظاهر دون إخطار، في حين قال رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، حافظ أبو سعدة، إن الحكم كان متوقعاً، بينما أكد القائم بأعمال أمين عام حزب المصريين الأحرار، نادر شرقاوي، أن المناقشات أو التعديلات الخاصة بقانون التظاهر مرتبطة بالبرلمان.

عضو اللجنة التشريعية في مجلس النواب، النائب كمال أحمد، رجّح قيام البرلمان بتقديم مشروع قانون جديد، في ضوء حكم الدستورية، فيما قال النائب طارق الخولي، إن البرلمان سيستفيد من ملاحظات ورأي المحكمة في كيفية الإخطار.

مقتل مسلحين

ميدانياً، تمكنت قوات الأمن من التصدي لهجوم على ارتكاز "أبو طويلة" الأمني على الطريق الدولي شرق مدينة الشيخ زويد في شمال سيناء، أمس السبت، واشتبكت القوات مع مصدر الهجوم بالأسلحة الرشاشة، وذكر المصدر أن قوات الأمن تصدت للهجوم وقتلت 3 عناصر مسلحة، فيما أُصيب جنديان برصاص المهاجمين.

البرادعي: أليس من الأكرم العفو عن المحبوسين؟

في إطار تحركاته السياسية المتزايدة، دخل نائب رئيس الجمهورية السابق محمد البرادعي على خط الحكم القضائي بشأن قانون التظاهر، وعلق مغرداً على "تويتر": "المؤلم أن أي طالب للقانون وليس فقط من أصدره كان يعلم أن قانون التظاهر غير دستوري وقمعي. أليس من الأكرم العفو عن كل المحبوسين بمقتضاه؟"

وعلق البرادعي أيضاً على قانون الجمعيات، الذي تبناه البرلمان أخيراً الذي اعتبر أنه يهدد حرية تحرك الجمعيات، وكتب في تغريدة: "تهنئة للبرلمان على القدرة الفائقة على ضرب المجتمع المدني في مقتل. لا تهم التداعيات المجتمعية ولا الإدانة العالمية. الأهم أن يكون القمع مستتباً".

back to top