Rules Don’t Apply...

معمعة محمومة

نشر في 01-12-2016
آخر تحديث 01-12-2016 | 00:00
 مشهد من الفيلم
مشهد من الفيلم
هل من طريقة أفضل أو ربما أسوأ لإنهاء شهر نوفمبر عام 2016 بفيلم السيرة الذاتية Rules Don’t Apply المحموم والحافل عن مستبد غريب الأطوار استخدم الثروة التي ورثها لينشر فوضى عارمة في عالم الترفيه والحكومة الفدرالية؟
لا شك في أن موعد إطلاق فيلم Rules Don’t Apply، الذي يؤدي فيه وارن بيتي دور هوارد هيوغز، يحمل مفارقة عميقة. لكن هذا العمل كان سيبدو أكثر بشاعة حتى لو أنه لم يُغلَّف بوشاح من الملاءمة السياسية والثقافية. إنه سيئ بكل معنى الكلمة.

يؤدي بيتي، الذي عاد إلى الشاشة بعد غياب 15 سنة، دور هيوغز (رجل ثري كان له تأثير غريب في هوليوود وعالم الطيران) في فيلم أخرجه وشارك في كتابته. لإعداده، استعان بكل ممثل شاب واعد، وبزوجته آنيت بانينغ، والمصور السينمائي كالب ديشانيل، وما لا يقل عن أربعة محرري أفلام بارزين. رغم ذلك، تبقى النتيجة النهائية رحلة مزعجة جداً، وطويلة على نحو مضنٍ، وخالية من أي تنظيم، تتناول خمس سنوات من حياة هيوغز (من 1959 حتى 1964).

يروي الفيلم قصة شابين يعملان تحت إشرافه. يؤدي كل من ألدن إرينريتش وليلي كولنز دور الحبيبين المميزين والشابين البائسين اللذين يبيعان روحيهما لهيوغز. هما فرانك سائق هذا الثري، ومارلا مابري، إحدى الممثلات المبتدئات المتعاقدات مع هيوغز، ما يتيح له التحكّم فيها. تتجرأ والدتها المخصلة لوسي (بانينغ) وحدها على انتقاد سلوك هيوغز المقلق والمشين. لذا من الطبيعي أن يسارع إلى التخلص منها.

سرعة الأحداث

إذا استثنينا الشخصيات والمحاور، يبدوRules Don’t Apply أشبه بمعمعة عارمة محمومة. أدت جهود المحررين الأربعة إلى سرعة مفرطة في الأحداث. نتيجة لذلك، تتسارع وتيرة التطورات، منتقلةً من مشهد إلى آخر، ومحدثة دوامة متداخلة من مشاهد تجمع كلاً من مارلا، وهوارد، وفرانك. وتبرز عملية التحرير السريعة هذه أيضاً من خلال حركة الكاميرا والموسيقى التصويرية، اللتين لا تقلان عنها سرعة.

تتخلل الموسيقى مقتطفات لا تدوم أكثر من 10 ثوانٍ من أغانٍ قديمة عثر عليها بيتي على قرص مدمج تحت كنبته. وهكذا لا يبطئ الفيلم مطلقاً، إلا في المشاهد التي يغرق فيها هيوغز في الحنين إلى ماضيه {وشركة والده}. نتيجة لذلك، تتحوّل مشاهدة العمل حتى نهايته إلى امتحان لصبر المشاهد.

لعل الوجه الإيجابي الوحيد في الفيلم مشاركة كولنز، التي لا تقل عن أودري هيبورن تميزاً في دور مارلا الذكية، والتي تبرهن مدى نجاح أدائها الفكاهي الذي يعتمد على سرعتها في الكلام. لذلك من المؤسف مشاهدتها تضيع وسط تفاعلها مع هوارد، فيما يزداد الأخير جنوناً وتلاعباً. وهكذا يبدو مسار القصة الذي تخيله بيتي لبطلته مخيباً للآمال.

تعكس أغنية صغيرة تعزفها مارلا على البيانو عبرة العمل الأخلاقية: تكريم مَن يقررون أن {القواعد} لا تنطبق عليهم. ولكن إن كان من المفترض أن يُبرز الفيلم الطرائق التي تجاهل بها هيوغز الغريب الأطوار القواعد (قواعد إدارة الطيران الفدرالية، والحكومة الفدرالية، والمصارف، وغيرها)، فهو يخفق في تحقيق هدفه لأنه يتحوّل إلى ما يشبه الإدانة.

صحيح أن نهايته السعيدة يجب أن تدفعنا إلى التعاطف مع هيوغز، إلا أن الفيلم يظلّ قصة تحذيرية عن طبيعة المال والسلطة المغرية وعواقب خوض علاقة عنيفة مع شخص مريض عقلياً بهدف التقدم في الحياة. من هذا المنطلق، يكون Rules Don’t Apply مصيباً تماماً ويقدّم عبرة علينا حفظها وفهمها جيداً.

مشاهدة الفيلم حتى نهايته تتحوّل إلى امتحان لصبر المشاهد
back to top