صالح علماني: من لا يكذب ليس روائياً حقيقياً

«الرواية العربية مبتدئة وترجمتها إلى اللغات الأجنبية نادرة»

نشر في 21-11-2016
آخر تحديث 21-11-2016 | 00:02
علماني والمطيري أثناء تكريمهما بعد الندوة
علماني والمطيري أثناء تكريمهما بعد الندوة
اعترف صالح علماني بأنه لا يستطيع كتابة رواية واحدة، رغم العدد الكبير من الروايات التي ترجمها، وخاصة في مجال أدب أميركا اللاتينية.
قدم المترجم صالح علماني جلسة نقاشية ضمن النشاط الثقافي المصاحب لمعرض الكويت للكتاب الـ41 مساء أمس الأول بعنوان "التبادل الثقافي والتعايش الإنساني... الترجمة في أميركا اللاتينية أنموذجاً"، أدارها د. فهد المطيري، الذي أكد أن المحاضِر مُترْجِم من نوع خاص، حيث إنه يعيش ويسافر إلى المجتمع الذي يترجم عنه، من أجل معايشة اللغة.

بدأ صالح علماني حديثه بالقول إنه تخصص في ترجمة الأعمال الأدبية باللغة الإسبانية، مضيفا: "يجب أن ننطلق من الأصل، وهو أن اللغة الإسبانية تضم عددا ضخما من كلماتها من أصل عربي، بسبب الوجود العربي في إسبانيا، الذي انتهى بسقوط غرناطة، وفي الوقت نفسه نجد أن الإسبان فرضوا لغتهم الخاصة كغزاة على العالم الجديد، الذي اكتشفه الرحالة الإيطالي كريستوفر كولومبوس، حيث الأميركتين، ومثل هذا الأمر مثَّل صدمة للسكان الأصليين، وخاصة على مستوى اللغة، ما دفع بعض القبائل للتمرد على هذا الاحتلال".

واستدرك بالقول: "كأي استعمار استيطاني، بدأ الإسبان في محو الثقافات التي كانت موجودة قبلهم، وفرضوا لغتهم، وقضوا على حضارات كبيرة، مثل المكسيكية، إلى أن أصبحت الإسبانية اللغة الرسمية لأكثر من عشرين دولة بأميركا اللاتينية، حتى وصلنا إلى عصر التحرر من الحكم الإسباني على يد حركات التحرير بقيادة سيمون بوليفار".

وتابع: "بعد ذلك بدأت تتشكل دول جديدة لها لغتها وآدابها الخاصة، لكنها كانت في مجملها آداب تحاكي الأدب الإسباني، حتى وصلنا إلى ما يسمى بـ"تيار الواقعية السحرية"، الذي فرض تجارب جديدة في الشعر والرواية نافست الأدب الإسباني، وبطبيعة الحال، فإن الإسبان لم يكونوا راضين عن حركات التحرر، لكنها فرضت عليهم، بدعم من الدول العظمى في ذلك الوقت، مثل بريطانيا وفرنسا، وهو أمر ترك أثرا عميقا لديها، لكنها اضطرت إلى الاعتراف بالأمر الواقع فيما بعد".

صعوبات الترجمة

وقد تحدث صالح علماني عن بعض الصعوبات التي تواجه المترجم عن لغات أميركا اللاتينية، "فالكلمة الواحدة لها أكثر من معنى ودلالة في كل دولة"، مبينا: "عن نفسي لم أتغير كثيرا في مشواري مع الترجمة، لكني أصبحت أكثر حرفية وبراعة عن ذي قبل، إلا أنني لا أعتقد أنه سيأتي اليوم الذي أكتب فيه رواية، لأنني حاولت من قبل، ووجدت أنني غير صالح لكتابتها، ولن أغامر بذلك، وأرى أن هذا الاعتراف بالتقصير ليس معيباً".

وأضاف: "أما بالنسبة للرواية العربية، فلا تزال مبتدئة، وترجمتها للغات الأجنبية نادرة، وهي ليست روايات متميزة جدا، باستثناء أعمال نجيب محفوظ، التي ترجمت فقط بعد حصوله على جائزة نوبل، وكذلك أعمال يوسف إدريس من مصر، وإسماعيل فهد إسماعيل من الكويت، لكن كل ذلك عدد قليل من الروايات العربية الجيدة، بحيث لم تصبح تيارا جماهيريا في العالم العربي".

ورأى أن "الكُتاب العرب لا يكتبون بعمق ولا يكذبون. إنهم يخجلون من الكذب، في حين ان الروائي الذي لا يكذب ليس روائيا. الروائي الحقيقي يستطيع أن يختلق واقعا يقنع القارئ به أنه حقيقي. حتى الآن كعالم عربي لسنا بحجم دولة صغيرة مثل التشيك على مستوى الرواية، التي أنجبت كاتبا مثل فرانس كافكا. لدينا روايات مهمة، لكن ليست بالمعنى الساحق".

تخصص ترجمة

يُذكر أن صالح علماني فلسطيني يقيم بإسبانيا، وعمل في وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) لسنوات عديدة، كما عمل مترجما في المكتب التجاري الكوبي بدمشق، وتخصص منذ آواخر السبعينيات في ترجمة الأدب الأميركي اللاتيني، وقدم عشرات الترجمات لأبرز كُتاب أميركا اللاتينية أمثال: غابرييل غارسيا ماركيز (كولومبيا)، ماريو بارغاس يوسا (بيرو)، كارلوس فوينتس (المكسيك) وغيرهم الكثير.

اللغة الإسبانية تضم عدداً ضخما من الكلمات ذات الأصل العربي
back to top