«الفاشليستات»!

نشر في 12-11-2016
آخر تحديث 12-11-2016 | 00:10
الفكر الحقيقي والإبداع يوجبان شيئاً من التميز والاختلاف والشجاعة أيضاً، لذا كان من الأسهل على أي فتاة أن تنغمس في مجال الموضة والتجميل وتحصل على القبول والتشجيع على أن تصبح قارئة مثقفة غريبة الأطوار!
 دانة الراشد نتابعهن في الخفاء ونهاجمهن في العلن، لهن متابعون ومحبون في كل بيت وأسرة، تتكلم أغلبهن بلكنة غريبة مصطنعة تقع تحت تصنيف «الدلع» والدلال. وجوههن المصطنعة وشعرهن المستعار يناسبان تلك اللهجة الغريبة! ساهمن في تغيير مفاهيم الجمال من العفوية والبراءة إلى الزيف والتكلف، ثم يصرخن بهتاناً: «إن الله جميلٌ يحب الجمال»!

لا يملكن موهبة تُذكَر، سوى الاستهلاك اللانهائي لمنتجات التجميل والمكياج والملابس والمطاعم والحقائب، والتي تعادل في ثمنها راتب شهر أو عدة أشهر لموظف كويتي متوسط الدخل، دون أدنى مبالغة.

يعرضن منتجات دون تجربتها مقابل تقاضي مبلغ وقدره، فضاعت مصداقيتهن حتى في مجال «خبرتهن» المزعومة.

تشاع أخبار عن صِدام بعضهن مع شرطة الآداب، وتتقاذف تلك الأخبار بين التأكيد والنفي.

فهل حزرتم من هنّ؟

نعم! إنهن الفاشنيستات. «عليهم بالعافية! خلوهم يستانسون... اللي يتكلم عنهم أكيد يغار!»

كلمات تقع على مسامعنا كلما تم انتقادهن بشكل موضوعي، وحان دوري أن أقول نعم، «عليهن بالعافية»، لكن كم كنت أتمنى أن يكون الموضوع بهذه البساطة.

فالفاشنيستا هي نتاج مجتمع استهلاكي بحت، يتم فيه تسليط الضوء على السطحية والتفاهة بكل أسف، بينما يتم تجاهل الأعمال الإنسانية والإنجازات العلمية والفنية والموسيقية التي يبتدعها أبناؤه؛ فالفكر الحقيقي والإبداع يوجبان شيئا من التميز والاختلاف والشجاعة أيضاً، لذا كان من الأسهل على أي فتاة أن تنغمس تماماً في مجال الموضة والتجميل وتحصل على القبول والتشجيع من قبل العائلة والمجتمع على أن تصبح قارئة مثقفة غريبة الأطوار!

قد يقول قائل إن المبدعين والمنجزين يتم تشجيعهم عن طريق تكريمهم بالجوائز والشهادات واستضافتهم في البرامج الحوارية، وذلك صحيح ومحبذ، ونتمنى لهذا التشجيع النمو والازدياد. لكن ما حجم التغطية الإعلامية للمنجزين مقابل «الفاشليستات»؟ لا يوجد وجه مقارنة.

نحن من سلط هذا الضوء عليهن عن طريق الـ»فولو» والـ«لايكات»، ومشاهدة المقابلات، والحديث عنهن في المنازل والمقاهي، ونحن مَن همش المنجزين، فلا نعطيهم من وقتنا سوى بضع دقائق من الـ«عافية عليه، يستاهل» مقابل ساعات يومياً تستغرق في متابعة تلك الفتيات، سواءً كان ذلك بدافع الإعجاب والتقليد أم النقد و»الطماشة».

نعيش في مجتمع يتجاهل المذهلين والمبدعين الحقيقيين، ويجري وراء (الفاشل)ـيستات.

back to top