التشكيلية المصرية سالي الزيني: لوحة «المرأة والعصفور» حلّقت في سماء تونس

نشر في 09-11-2016
آخر تحديث 09-11-2016 | 00:00
شاركت الفنانة التشكيلية المصرية سالي الزيني في «ملتقى المكان لفن الحاضر»، وهو عبارة عن ورشة دولية أقامتها وزارة الثقافة التونسية جمعت أكثر من 40 فناناً من الدول العربية والأجنبية في منطقة قفصة جنوب تونس.
تقوم فكرة الملتقى على كيفية معايشة المكان، واختيرت قفصة في الجنوب لأنها بعيدة عن الحراك الثقافي، ذلك لابتكار مزيد من التفاعل في الأماكن النائية.
حول مشاركتها في الملتقى، وأعمالها، ومسيرتها التي تمتد قرابة عقدين من الزمن، قدمت خلالهما معارض خاصة وجماعية عدة داخل مصر وخارجها، وحول معرضها الأخير «الحديقة» كان هذا الحوار مع سالي الزيني.

شاركت في ورشة فنية في تونس الشهر الماضي. أخبرينا عن طبيعة مشاركتك.

«ملتقى المكان لفن الحاضر» ورشة دولية في تونس تنظمها سنوياً وزارة الثقافة مع جماعة المحافظة على التراث. شاركت إلى جانب أكثر من 40 فناناً من الدول العربية والأجنبية.

أقيمت الورشة في الجنوب في منطقة قفصة، ولما كانت فكرة الملتقى ترتكز على كيفية معايشة المكان، فشاركت بعمل مكون من جزأين بعنوان «المرأة والعصفور» بخامات متنوعة. عندما عملت على الفكرة كانت تحضرني الثقافة الغنية التي تميّز تونس، ووجدت فيها اللونين الأزرق والأبيض، مع معطيات كثيرة لهذه الحضارة، فتونس بلد متعدد الثقافات مليء بعناصر شديدة الروح الشرقية والدفء، وهو ما حاولت مراعاته.

ماذا تضيف مثل هذه المشاركات إليك كفنانة؟

تضيف إليّ أموراً كثيرة أبرزها التفاعل مع بيئة مختلفة واكتساب مهارات وخبرات جديدة. أعتز بالمشاركة مع مجموعة كبيرة من فناني جيلي وأجيال تسبقني وشباب، لا سيما أن الفنانين كلهم بذلوا جهداً عظيماً في إنجاح الملتقى، وساد جو من المنافسة الجميلة، فجاء العرض هذا العام مميزاً، وأضاف إلى تجربتي الفنية المزيد من خلال التفاعل مع الحالة الحماسية وروح المنافسة الفنية الراقية.

«الحديقة»

ما الإطار العام لمعرضك الأخير «الحديقة» في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة؟

ضمّ «الحديقة» مجموعة لوحات فنية استلهمت فيها أشعاراً وخواطر لشعراء حداثيين تدور حول «الحديقة». هي قصائد غير مقفاة لمصريين وعرب عموماً، وأخرى مترجمة لشعراء أجانب... على سبيل المثال لا الحصر أمل دنقل، وصلاح عبد الصبور، وأدونيس، وهبة الهواري، ونزار قباني، ويورغوس سيفيريس. إضافة إلى استلهامات خاصة بي من خلال تأملاتي في «الحديقة» عالمي الخاص وجنتي التي ألجأ إليها لعفويتها ومرحها وبهجتها، هرباً من ضغوط الحياة والمشاغل، فيها أجد ذكريات طفولتي السعيدة، وحكايات جدتي، ونزهات العائلة البسيطة في الأعياد، وتأملات في الحب، ولهو الأطفال، فضلاً عن قدوم الربيع، وصمت الخريف، وسكون الشتاء... هي عالم أصنعه لنفسي، أرسمه كما تخيلت حديقتي التي أتمنى العيش فيها بأحلامي.

كيف أعددتِ لهذا المعرض، وهل لك طقوس معينة خلال الرسم؟

عملت أولاً على الفكرة باختيار النصوص الشعرية التي سأتناولها في منتجي الفني، ذلك من خلال بحث مستمر في نصوص تناولت الحدائق أو تدور حولها، بما في ذلك تجربتي الخاصة في كتابة خواطري، بعدها بحثت عن الخامة الملائمة، فتحمست للورق اليدوي المعاد تدويره من «قش الأرز»، فتناغمت خشونته وطزاجته مع مشروعي الفني «الحديقة».

لأنك أكاديمية، هل أثر ذلك في رؤيتك الفنية، بمعنى أن يكون الأكاديمي مقيداً بقواعد ونظريات؟

تؤثر نوعية الدراسة أو التخصص في أداء الرسام، ولكن لا يكون مقيداً بقواعد ونظريات، ففي نهاية الأمر هو فنان ينتج انفعالاً على السطح. نعم ربما يدخل ضمن حساباتي «التصميم» واتزانه في العمل الفني، بحكم تخصصي ودراستي التصميم سنوات عدة «قسم الغرافيك/ شعبة الكتاب والإعلان»، إلا أنه أبدا لا يؤثر في انطلاقي وعفويتي على المسطح.

لوحتي صديقتي

كيف تصفين علاقتك باللوحة؟

لوحتي «صديقتي المقربة جداً،» أبوح لها بكل ما يراودني من أفكار وأفراح وأحزان.. ألهو على سطحها كيفما أشاء وأفرغ شحنات غضبي، وأسر إليها فأزيح عن كاهلي متاعبي، وهي تستمع إليّ بصبر وتعطيني سعادة وراحة لا توصفان... لوحتي لا تخذلني أبداً.

هل يمكنك أن تتركي لوحة بدأت العمل بها؟

نعم أحياناً تراودني فكرة أخرى غير تلك التي بدأت بها، أو أصاب فجأة بالملل، أو أتوقف لإحساسي بأني أسير بشكل خاطئ أو ليس كما توقعت، فأترك اللوحة لفترة وأعود إليها مجدداً... أو ربما لا أعود إليها مطلقاً.

ماذا تذكرين عن بداية اتجاهك إلى الفن التشكيلي؟

تأثرت في البداية برسوم الكهوف للإنسان الأول، فهي عفوية تحطم تماماً قواعد المنطق وتنطلق بحرية تامة، لذا تأثرت بقوتها ورعونتها. لاحقاً، تأثرت بفنون الأطفال وهي امتداد لفنون الكهوف البدائية، إلا أنها أكثر حيوية وبهجة، ثم انتقلت إلى الموروث الشعبي... تلك الرسوم والفنون العفوية التي ينتجها الإنسان البسيط، وتعد «لغة إنسانية عالمية» يتشارك فيها البشر في أنحاء العالم كله، فهي شديدة الدفء والحميمية، ومتجددة دائماً وأبداً.

هل يمكن لفنون الحداثة أن تؤثر في اللوحة والتمثال؟

نعم بالتأكيد. تأثرت الفنون التشكيلية بأنواعها بالحقب الفنية والمدارس التشكيلية والعصور التي حضرت وانتعشت فيها. ليست هي وحدها بل فنون العمارة أيضاً. عموماً، الفنون جزء من المنظومة الإنسانية تتأثر بكل ما يطرأ عليها من متغيرات ثقافية وسياسية واجتماعية... وفنون الحداثة انعكاس لتلك المتغيرات.

ما رؤيتك للمشهد التشكيلي الراهن؟

قدّم عدد من الفنانين تجارب جادة أخيراً، ونجحوا في تطوير نفسهم. ولكن ثمة فنانون ما زالوا أسرى تجاربهم السابقة، وآخرون من أجيال شابة يقدمون تجارب جادة، وأتوقع لهم المزيد من التألق في الفتره المقبلة.

«ملتقى المكان لفن الحاضر»

بعدما أقيمت الدورة الأولى لـ«ملتقى المكان الدولي لفن الحاضر» في سيدي الظريف في تونس تحت شعار حرية الإبداع والعيش معاً، احتضنت بلدة قفصة التونسية فعاليات الدورة الثانية، حيث شارك أكثر من 40 فناناً تشكيلياً ممثلين 27 دولة من بينها ألمانيا وفرنسا وإسبانيا والكويت ومصر والإمارات والجزائر والبوسنة. عُرضت أعمال الملتقى التشكيلية في أنحاء قفصة من بلخير إلى قفصة الشمالية إلى منطقة الحوض المنجمي، ذلك بهدف التعريف بهذه الإبداعات والاطلاع على التجارب في مجالات الرسم على الخشب، والنقش على الحجارة، وفن المخطوطات، وغيرها.

كرّم الملتقى عدداً من المبدعين في تونس من بينهم حميدة وخادة وإبراهيم ضحاك، ونظّم جمعية المكان لفن الحاضر بالتعاون مع وزارة الثقافة التونسية.

جاءت مشاركة الفنانة المصرية سالي الزيني في الدورة الثانية بعدما تلقت دعوة لتمثيل مصر (مع النحات خالد زكي) بعمل مكون من جزأين بعنوان «المرأة والعصفور» بخامات متنوعة.

«الحديقة» قصائد أمل دنقل وعبدالصبور وأدونيس ونزار قباني بريشتي

الفنون جزء من المنظومة الإنسانية تتأثر بكل ما يطرأ عليها من متغيرات
back to top