خاص

تكلفة دعم الوقود تقفز 83%... ومصير الحكومة المصرية غامض

وزير المالية المصري لـ الجريدة•: جمعنا مليارات التمويل الثنائي ونأمل الحصول على الدفعة الأولى من القرض خلال أسابيع

نشر في 07-11-2016
آخر تحديث 07-11-2016 | 00:02
محافظ القاهرة يتفقد إدارة النقل الجماعي أمس، للتأكد من عدم زيادة الأسعار
محافظ القاهرة يتفقد إدارة النقل الجماعي أمس، للتأكد من عدم زيادة الأسعار
بينما بات الحديث عن مصير حكومة شريف إسماعيل رائجاً في الشارع وأروقة الدولة الرسمية، علمت «الجريدة» أن مصير مجلس الوزراء الحالي لن يحسم إلا بعد الانتهاء من إجراءات الحصول على قرض الصندوق الدولي، المتوقع في النصف الثاني من الشهر الجاري، في وقت تجاوز الدولار الأميركي حاجز الـ16 جنيهاً في البنوك، خلال أول يوم عمل بعد إقرار تعويم العملة المصرية.
قال وزير البترول المصري طارق الملا إن تكلفة دعم المواد البترولية في البلاد ستزيد إلى 64 مليار جنيه (4.10 مليارات دولار)، خلال 2016-2017 بعد تعويم العملة، وارتفاع أسعار النفط العالمية.

وبلغ الدعم المقدر للمواد البترولية خلال السنة المالية الحالية 35 مليار جنيه، مما يعني أن التكلفة ستقفز بنحو 83 في المئة عما كان مستهدفا.

ورفعت مصر أسعار الوقود الجمعة بين 30 و47 في المئة، بعد أن حرر البنك المركزي الخميس سعر صرف الجنيه، ورفع أسعار الفائدة 300 نقطة أساس لاستعادة التوازن بأسواق العملة.

وذكر الملا أن الدعم المستهدف في السنة المالية الحالية كان 35 مليار جنيه على أساس سعر صرف 9 جنيهات وسعر برنت 40 دولارا، لكن مع التعويم وارتفاع أسعار برنت سيصل الدعم إلى 64 مليار جنيه. وأوضح أن "الإجراء التصحيحي (تحريك أسعار مواد الوقود) سيزيد الإيرادات 15 مليار جنيه خلال الفترة المتبقية من العام المالي".

وبلغ دعم المواد البترولية 51 مليار جنيه في 2015-2016، انخفاضا من 71.5 مليار جنيه في السنة المالية 2014-2015.

وتسعى مصر لتطبيق إصلاحات مثل تدشين نظام للبطاقات الذكية لمراقبة الاستهلاك في محطات الوقود، وتوزيع إسطوانات الغاز من خلال بطاقات التموين التي تحصل بموجبها الأسر على سلع مدعمة، لكن لم يتم إقرار هذه الإصلاحات حتى الآن.

الحكومة

ووسط استياء شعبي ورفض للقرارات الاقتصادية التي اعتمدها السلطات المصرية، بدا أمس أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، يفكر جدياً في الإطاحة بحكومة المهندس شريف إسماعيل، وإسناد رئاستها إلى شخصية اقتصادية يكون لديها القدرة على إدارة المشهد الاقتصادي بكفاءة.

ورجح مصدر حكومي رفيع المستوى لـ"الجريدة" عدم استقرار النظام على فكرة الإطاحة بالحكومة، وسط حديث عن مفاضلة بين تغيير الحكومة بشكل كامل أو الاكتفاء بإجراء تعديل وزاري.

وأشار المصدر إلى أن حسم مصير حكومة إسماعيل سيتم بعد الانتهاء من إجراءات الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، خلال الأسابيع المقبلة.

وأبرز الأسماء المرشحة، من بين كبار رجال الدولة الآن، هم رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية بقنال السويس الحالي، وزير التنمية الإدارية الأسبق، أحمد درويش، ووزير الإسكان مصطفى مدبولي، ووزير التخطيط أشرف العربي، إضافة إلى ترشيح محمود محيي الدين النائب الأول لرئيس البنك الدولي.

في الأثناء، تترقب القاهرة رد فعل صندوق النقد الدولي على القرارات الاقتصادية الأخيرة، إذ يتوجه وفد مصري إلى واشنطن للدخول في مفاوضات التفاصيل النهائية للحصول على موافقة الصندوق على منح مصر قرضا بقيمة 12 مليار دولار على ثلاث سنوات، تأمل القاهرة في استخدامها لتمويل برنامجها للإصلاح الاقتصادي، لفك حلقات أزمة خانقة.

وقال وزير المالية المصري عمرو الجارحي لـ"الجريدة"، إن الانتهاء من اتفاق قرض صندوق النقد سيتم خلال الأسابيع المقبلة، وأن القاهرة ستقدم خطاب النوايا لطلب القرض رسمياً خلال الساعات المقبلة، كاشفا عن نجاح الحكومة المصرية في الحصول على التمويل الثنائي المقدر بستة مليارات دولار، والذي يشترط الصندوق الحصول عليها لزيادة حصة مصر ما يمكنها من الحصول على القرض.

وأشار الجارحي إلى أنه يتمنى الانتهاء سريعاً من الحصول على الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد، فور الاتفاق عليه، كاشفاً عن اتجاه الحكومة إلى زيادة فوائد شهادات قنال السويس، لتكون الشهادات الأعلى فائدة بين كل الشهادات الممنوحة من قبل البنوك المصرية، خاصة أن الأخيرة زادت من قيمة فوائد شهاداتها الادخارية بعائد شهري بين 16 و20%، في حين تبلغ فائدة شهادات القنال 12%.

في السياق، كشف مصدر حكومي رفيع المستوى لـ"الجريدة" أن مصر انتهت من جمع مبلغ 6 مليارات دولار، بينها ثلاثة مليارات دولار من دول شقيقة في الخليج، بينما تم إرسال المبلغ المتبقي من الصين على هيئة قرض طويل الأجل.

وتابع: "وفد مصري رفيع المستوى يزور واشنطن خلال النصف الثاني من الشهر الجاري، لتوقيع العقود الخاصة بالقرض مع مسؤولي صندوق النقد".

ارتفاع الدولار

وفي أول يوم عمل، لتعويم الجنيه رسمياً من قبل البنك المركزي وترك تحديد سعر صرفه أمام العملات الأجنبية في يد البنوك، وفقا لآلية "الإنتربنك"، ارتفع سعر بيع الدولار الأميركي أمس، متجاوزا حاجز الـ 16 جنيها، ليحلق الدولار بعيداً عن سعر 13.5 الاسترشادي الذي حدده البنك المركزي، عند إعلان نبأ التعويم الخميس الماضي، وكان الدولار قبلها يقدر رسمياً بـ8.88 جنيهات.

وقفز الدولار في البنك الأهلي المصري (أكبر البنوك العاملة في مصر)، إلى 15.75 جنيها للبيع، وفي بنك مصر ارتفع إلى 16، كما زاد في البنك العربي الإفريقي إلى 15.90 جنيها، مقابل 15.75 في الساعات الأولى من التعامل.

وقال مصدر في الجهاز المصرفي، لـ"الجريدة"، إن "سعر صرف الدولار سيقترب من سعره في السوق الموازي، قبل تعويم الجنيه، أي عند حدود 17 جنيهاً".

وسيطرت قرارات تعويم الجنيه ورفع سعر المحروقات على أحاديث المواطنين، وسط مخاوف من أن يكون لها تأثير على السلام الاجتماعي، ما قد يدفع المصريين لاحتجاجات واسعة، خاصة أن ذكرى ثورتي "25 يناير 2011"، و"30 يونيو 2013"، التي أطاحتا رئيسين وأنهت نظامين، لا تزال ماثلة في الأذهان.

وتلقت دعوات التظاهر تحت شعار "ثورة الغلابة"، المقررة الجمعة المقبل دفعة بسبب قرارات القاهرة الاقتصادية والتي أججت الغضب الشعبي ضد الحكومة، ورغم عدم تبني أية جهة هذه التظاهرات ومقاطعة القوى الشبابية والأحزاب المدنية، فإن الدولة المصرية بدأت تحشد قواها الأمنية لإحباط أي حراك في الشارع.

هجوم برلماني

وبينما علمت "الجريدة" أن الحكومة بصدد اتخاذ إجراءات إضافية لتقليص دعم المحروقات مع مطلع العام المقبل، وجه أعضاء لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب عاصفة من الانتقادات للحكومة، لإصدار قرار خفض الدعم عن بعض المواد البترولية دون إخطار البرلمان، لبحث الوسائل المناسبة لعدم زيادة الأعباء على المواطن، مشددين على أهمية إيجاد آليات عاجلة لضبط الأسواق. وبينما انتقد النائب عاطف عبد الجواد، الحكومة، قائلاً: "وكأننا كومبارس"، تساءل النائب عن الحزب "المصري الاجتماعي الديمقراطي"، إيهاب منصور، عن خطة الحكومة لضبط السوق وعدم تحميل الأعباء على المواطنين، قائلا: "إحنا ضد تظاهرات 11 نوفمبر (التي لم تتبنها أية جهة)، لكن يبدو أن الحكومة معها".

في المقابل، حاول وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب مجدي العجاتي، احتواء ثورة النواب، قائلا إن الحكومة أجبرت على اتخاذ القرارات الاقتصادية.

واعتذر لنواب البرلمان خلال اجتماعه بلجنة الطاقة والبيئة في المجلس عن السرية التي أحاطت القرارات، مضيفاً: "يبقى السؤال هل نريد إصلاحاً أم لا، كان ممكنا أن الحكومة تبقى ظريفة ومتزعلش حد".

القاهرة ستقدم خطاب النوايا لطلب القرض رسمياً خلال الساعات المقبلة
back to top