خاص

غضب من رفع المحروقات والتعويم... وترقب لحزمة جديدة

• وزير الصناعة المصري لـ الجريدة•: قرارات ثورية
• وزير المالية المصري لـ الجريدة•: خفض الدعم قلص العجز

نشر في 05-11-2016
آخر تحديث 05-11-2016 | 00:03
No Image Caption
سادت حالة من الاستياء بين عموم المصريين، أمس، غداة صدمة رفع الحكومة أسعار المحروقات، التي جاءت بعد قرار البنك المركزي تعويم الجنيه، مما سيؤدي إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، بينما حاول رئيس الحكومة شريف إسماعيل وعدد من وزرائه الدفاع عن القرارات، التي تأتي في وقت تواجه مصر أكبر أزمة اقتصادية منذ عقود.
لم يكد المواطن المصري يستفيق من تعويم البنك المركزي للجنيه، الذي أطاح بنصف قيمة رواتب المصريين، حتى عاجلت الحكومة المواطن بقرار رفع أسعار المحروقات، بداية من الدقائق الأولى من فجر أمس، ما أجج الغضب الشعبي من أداء نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي تعرض لهجوم قاس على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما بات الرفض للقرارات الاقتصادية جليا على وجوه البسطاء في الشارع المصري.

جاءت تلك القرارات في وقت تمر مصر بأزمة اقتصادية هي الأعنف منذ عقود، تتجلى في زيادة معدلات الفقر والبطالة، بينما أبدى نظام السيسي انحيازا للطبقات الأكثر دخلا، ما تسبب في تململ الطبقات الوسطى والأقل دخلا، وهي الطبقات ذاتها التي قادت تظاهرات "25 يناير 2011"، التي أنهت نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، ثم تظاهرات "30 يونيو 2013"، التي أطاحت نظام الرئيس الأسبق محمد مرسي، بينما تتصاعد الدعوات لتظاهرات "11/11" يوم الجمعة المقبل، تحت شعار "ثورة الغلابة".

وبعد ساعات من قرار البنك المركزي تعويم الجنيه، أعلنت وزارة البترول المصرية مساء أمس الأول، رفع أسعار البنزين والسولار وغاز السيارات رسميا اعتباراً من الدقائق الأولى من أمس، وقالت الوزارة في بيان صحافي، إنه تقرر رفع سعر لتر "بنزين 80" من 1.6 جنيه إلى 2.35 جنيه، بزيادة 46.9 في المئة، ورفع سعر لتر "بنزين 92" من 2.6 إلى 3.5 جنيهات، بزيادة 34.6 في المئة، والسولار من 1.8 إلى 2.35 جنيه بزيادة 30.6 في المئة، مع الإبقاء على سعر "بنزين 95" عند 6.25 جنيهات للتر دون دعم.

ورفعت وزارة البترول أسعار اسطوانات الغاز المخصصة للاستخدام المنزلي من 8 جنيهات إلى 15 جنيها، والتجارية من 16 جنيها إلى 30 جنيها بزيادة 87.5 في المئة، كما رفع سعر غاز السيارات من 1.1 إلى 1.6 جنيه بزيادة 45.5 في المئة، كما تقرر زيادة سعر الكيروسين ليبلغ 235 قرشا، والمازوت للصناعات الغذائية ليبلغ 1500 جنيه للطن، ومازوت كهرباء 1500 جنيه للطن، ومازوت الأسمنت 2500 جنيه للطن.

شروط الصندوق

وتسعى الحكومة المصرية إلى إنجاز أكبر قدر ممكن من اشتراطات صندوق النقد الدولي، تمهيدا للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على ثلاثة أعوام، لتمويل برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي، المقدر بـ21 مليار دولار، إذ كشف مصدر رفيع المستوى لـ"الجريدة"، أن وفداً مصرياً رفيع المستوى سيطير إلى واشنطن خلال الأسابيع المقبلة، للقاء مسؤولي الصندوق، بهدف حسم الرتوش النهائية لإجراءات الحصول على القرض.

وأشار المصدر إلى أن صندوق النقد أوقف المفاوضات مع الجانب المصري لحين انتهاء القاهرة من إجراءات تعويم العملة وإلغاء دعم الوقود، مؤكدا أن القاهرة تشاورت مع كبار المسؤولين في الصندوق قبل اتخاذ الإجراءات الاقتصادية الجديدة، التي تأتي في شكل استجابة لشروط الصندوق، وأن مسؤولي الأخير أبلغوا القاهرة استعدادهم لتسليم الدفعة الأولى من القرض لمصر خلال الأسابيع المقبلة.

دفاع الحكومة

ووسط استياء شعبي واسع من قرارات الحكومة المصرية، حاول رئيس الحكومة شريف إسماعيل بصحبة عدد من وزراء المجموعة الاقتصادية، الدفاع عن وجاهة الإجراءات القاسية على جيوب المصريين بمختلف طبقاتهم، وقال إسماعيل في مؤتمر صحافي بمقر مجلس الوزراء في القاهرة صباح أمس، إن القرارات "مهمة وجادة وغير مسبوقة، وتصب في مصلحة الاقتصاد المصري، وتهدف إلى التحرك نحو الأفضل، وتحقيق مزيد من الاستقرار في كل المجالات".

وأشار إسماعيل إلى أن القرارات ليست فقط متعلقة بالصرف أو الأسعار، لكن هناك إجراءات أخرى تتعلق بتحسين معيشة المواطنين، وأن المرحلة الحرجة التي تمر بها مصر كان يجب أن تواجه بقرارات جادة ومواجهة المشكلات وتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، وأضاف: "القرارات كانت ضرورية، لأننا في مرحلة حرجة، وليس لدينا رفاهية التأجيل، ومطلوب تنفيذ برنامج إصلاحي".

وتابع: "قرارات زيادة الأسعار ليست بجديدة، ولكنها تأتي كخطوة ضمن تنفيذ برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي الذي قدمته الحكومة في منتصف 2014، في حدود الـ5 سنوات"، مشدداً على أنه لا يمكن اختزال الإصلاح الاقتصادي في قرارات يترتب عليها ارتفاع الأسعار، مؤكداً أن هناك قرارات أخرى تأتي في مصلحة المواطن والاقتصاد المصري والمستثمر، ووعد بقرارات أكثر لتحسين مناخ الاستثمار، وشدد على أن الدولة تتحرك في نفس السياق في محور الحماية الاجتماعية.

وقال وزير الصناعة والتجارة طارق قابيل، إن "الإصلاح الاقتصادي ليس تغير سعر الصرف أو رفع الدعم، ولكنه محاولة لتحقيق النمو الذي كان لا يمكن أن يتحقق في ظل العجز القائم في الموازنة العامة للدولة"، لافتاً إلى أن "البرنامج الإصلاحي هو منظومة متكاملة لتنفيذ البرنامج الذي وافق عليه البرلمان"، واصفاً القرارات بأنها "قرارات ثورية لزيادة النمو".

من جهتها، أكدت وزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي، أن برنامج الإصلاح الاقتصادي يتطلب حماية الفقراء، وتجنب الآثار السلبية للإصلاح، كاشفة عن خطة لحماية أصحاب المعاشات، وتطبيق برنامج "تكافل وكرامة" لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وتم تنزيل سن المستفيد منه من 65 إلى 60 عاما، مضيفة أنه يتم حاليا دراسة مجموعة من التشريعات الخاصة بقوانين التأمينات والضمان الاجتماعي والجمعيات والطفل لزيادة أطر الحماية الاجتماعية ودعم المواطنين.

زيادات جديدة

وقال وزير البترول طارق الملا لـ"الجريدة"، إن قرار رفع الدعم بشكل تدريجي عن المواد البترولية تم اتخاذه منذ فترة، على أن يتم الرفع على مدار خمس سنوات، مؤكداً أن الدولة مازالت تدعم أسعار المواد البترولية، لكنه أشار إلى أن هناك ضرورة لتحريك أسعار المحروقات لتتناسب مع سعر الصرف الجديد للجنيه، مشددا على أن القرار جاء لتخفيض عجز الموازنة الكبير.

بدوره، قال وزير المالية عمرو الجارحي في تصريحات خاصة لـ"الجريدة"، إن خفض الدعم عن المواد البترولية قرار يصب في مصلحة الموازنة العامة للدولة، حيث سيساهم في خفض العجز، بالإضافة إلى أن كل هذه القرارات ستصب تدريجيا في مصلحة الاقتصاد المصري، في إطار خطة وصول الدعم لمستحقيه خلال المرحلة المقبلة.

في الأثناء، كشف مصدر حكومي مسؤول لـ"الجريدة"، أن حزمة من القرارات الاقتصادية الصعبة سيتم اتخاذها خلال الفترة المقبلة، من ضمنها رفع أسعار الكهرباء، وهو الرفع الثاني في أقل من ثلاثة أشهر، فضلا عن قرار آخر يمضي قدما في تقليص دعم الوقود، كما تدرس الحكومة تحرير أسعار عدد من السلع الغذائية، كما وافق مجلس الوزراء من حيث المبدأ على رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق، وأنه ربما يتم اتخاذ القرار خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وإلغاء الدعم العيني واستبادله بآخر نقدي.

لا نملك رفاهية التأجيل رئيس الحكومة
back to top