لم يعد بإمكان «إكسون» تجاهل «الفيل الموجود في الغرفة»

هل تنجح الشركة في إقناع العالم بصداقتها «الحميمة» للبيئة؟

نشر في 05-11-2016
آخر تحديث 05-11-2016 | 00:02
ركس تيلرسون رئيس إكسون موبيل
ركس تيلرسون رئيس إكسون موبيل
لم يكن لدى تيلرسون من خيار سوى التطرق إلى قضية «الفيل الموجود في الغرفة»، وكانت «اكسون» تعرضت قبل ستة أشهر لتحقيق من النائب العام في نيويورك، بسبب ما قيل إنه تضليل للعامة حول تغير المناخ، وأراد المستثمرون أجوبة أيضاً.
في الاجتماع السنوي لمساهمي شركة اكسون موبيل في مايو الماضي أقدم ركس تيلرسون المدير التنفيذي ورئيس مجلس ادارة أكبر شركة نفطية في العالم بما لم يسبق له أن طرحه في عشرة تقديمات ماضية، حيث تطرق مباشرة الى تغير المناخ.

وتحدث تيلرسون عدة دقائق عن استثمارات "اكسون" في الوقود الحيوي وتقنيات اصطياد الكربون وجهودها في خفض انبعاثات غاز بيوت الدفيئة بنسبة 8.8 ملايين طن منذ سنة 2011، وهو ما يعادل اخراج مليوني سيارة من الطرقات، وكيف أن علماء الشركة أمضوا عقوداً من الزمن في دراسة تغير المناخ الذي يستدعي اجراء ملائماً.

لم يكن لدى تيلرسون من خيار سوى التطرق الى قضية "الفيل الموجود في الغرفة" وكانت "اكسون" تعرضت قبل ستة أشهر لتحقيق من النائب العام في نيويورك بسبب ما قيل انه تضليل للعامة حول تغير المناخ. وأراد المستثمرون أجوبة أيضاً.

ومع اتفاقية باريس حول المناخ التي تمت المصادقة عليها في ديسمبر من عام 2015 ازدادت ثقة المستثمرين في أن الحكومات ستعمل على خفض انبعاثات الكربون. ومن شأن ذلك أن يضع في خانة الخطر المليارات من الدولارات الخاصة بأكبر مساهمي شركات النفط- وصناديق التقاعد والمستثمرين التأسيسيين وكبار مديري الأصول- مع مواجهة هذه الصناعة أسوأ انكماش خلال جيل وهبوط أسعار النفط الى نصف ما كانت عليه في سنة 2014.

أكثر الشركات خسارة

وستكون "اكسون" الأكثر خسارة على الرغم من أنها تعتبر على نطاق واسع الأفضل أداء في صناعة النفط كما كانت الأبطأ بين نظيراتها في مواجهة الأخطار التي يشكلها تغير المناخ على أعمالها. ويحاول المستثمرون بصورة بطيئة دفعها الى الانتباه الى تلك الأخطار بشكل أفضل.

ومن بين الـ11 مادة التي قدمها مستثمرو "اكسون" للتصويت في هذه السنة تعلق 6 منها بالمناخ. ولم يتم اقرار أي مادة، ولكن الأصوات التي اجتذبتها بعثت برسالة مفادها أن المستثمرين يريدون من "اكسون" اتخاذ إجراء أفضل ازاء الأخطار التي يشكلها تغير المناخ.

وثيقتان بشكل خاص حصلتا على دعم كبير. وقد تمثلت الأولى في الطلب من "اكسون" الالتزام بهدف تحديد زيادة درجة الحرارة العالمية بنسبة درجتين مئويتين- وهو الهدف العام الذي وضعه اتفاق باريس- وحصل على 18.5 في المئة من اجمالي الأصوات. وحصلت الوثيقة الثانية التي دعت "اكسون" الى اصدار تقرير عن تأثير سياسات تغير المناخ على أعمالها على 38 في المئة من الأصوات. وقد تم تقديم تلك الوثيقة الى صندوق تقاعد موظفي ولاية نيويورك الذي يملك 11 مليون سهم.

وكانت شركات النفط الكبرى من المستثمرين الراسخين طوال سنوات مع نموذج عمل بسيط، العثور على الأقل على نفط جديد بالقدر الذي يمكن بيعه، وتسجيل تلك البراميل على شكل مبيعات مستقبل واعادة الاستثمار في البحث عن احتياطيات جديدة. وكان ذلك منطقياً في حال ارتفاع أسعار النفط، ولكنه وضع الشركات في حلقة مفرغة من اعادة التزود ما دفعها الى البحث عن مصادر أكثر تكلفة للنفط الخام في القطب الشمالي وتحت البحار.

وأوقف النفط الرخيص تلك الأعمال كما أن خطر اجراء يتعلق بالمناخ يثير أسئلة مهمة حول ما إذا كان ذلك سيكون قابلاً للحياة ثانية. وفي تقرير من مايو الماضي بعنوان "موت نموذج العمل القديم" قال مركز التفكير تشاثام هاوس الذي يتخذ من لندن مقراً له إن شركات النفط الخمس الكبرى في العالم "تواجه الاختيار بين ادارة هبوط رقيق عن طريق خفض الحجم أو التعرض لخطر الانهيار السريع عبر محاولة المضي في العمل كالمعتاد".

ومن أجل تحقيق أهداف اتفاق باريس يعتقد علماء المناخ بصورة عامة أن نسبة مئوية من احتياطي العالم المعروف من الهيدروكربون - ثلثا بي دي اف- بحسب وكالة الطاقة الدولية- يجب أن تظل في باطن الأرض. وقد أصدر "سيتي غروب" في العام الماضي تقريراً يشير فيه الى أن السياسات الهادفة الى الحد من تغير المناخ قد تبدد كميات كبيرة من احتياطي شركات النفط وتفضي الى خسائر بتريليونات الدولارات.

وفي حين خفضت معظم الشركات من قيمة احتياطيها بسبب النفط الرخيص لم تفعل "اكسون" ذلك- تمشياً مع اقتراح تقريرها لعام 2014، مشيرة الى أن أياً من احتياطيها لم يكن عرضة للخطر.

وعلى الرغم من وضعها كأفضل شركة في هذه الصناعة تضررت أوضاع "اكسون" المالية بشدة نتيجة هبوط أسعار النفط. وقد انخفضت عوائدها بمعدل النصف وأرباحها بـ75 في المئة منذ سنة 2012. وتضاعفت ديونها أربع مرات خلال السنوات الأربع الماضية ولأول مرة منذ الركود الكبير فقدت "اكسون" تصنيفها عند AAA في هذه السنة. ولأول مرة منذ عام 1992 أيضاً لم تعوض احتياطيها من النفط والغاز في العام الماضي. كما أظهر اعلان أرباح أخيراً أن انتاجها هبط الى أدنى مستوى في سبع سنوات مع انخفاض الربح.

ورفع تقرير جديد صدر حول "اكسون" من معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي في الأسبوع الماضي رفع أيضاً الأعلام الحمراء بالنسبة الى المستثمرين التأسيسيين. ويقول مؤلف التقرير توم سانزيلو وهو النائب الأول السابق لمراقب الحسابات في نيويورك الذي يشرف على صندوق الولاية بقيمة 156 مليار دولار في صندوق التقاعد يقول في مقابلة: "الأموال التي تدفعها اكسون الى مستثمريها تنكمش ويبدو أنها ستستمر على هذا النحو، وذلك سيغير اللعبة".

ودفع ذلك كبار مساهمي "اكسون" الى اسماع أصواتهم أمام ما كانوا يعتبرونه تاريخياً مثل مجلس ادارة امبراطوري. وتسمح الوثيقة الوحيدة التي تم اقرارها في اجتماع مايو بنسبة 61 في المئة من الأصوات للمساهمين الذين يملكون 3 في المئة على الأقل من أسهم الشركة لثلاث سنوات على الأقل بترشيح مرشحيهم لانتخابات مجلس الادارة.

وثمة درس يتمثل في كيفية مشاركة بلاكروك، وهي أكبر مدير أصول في العالم وأيضا ثاني أكبر مساهم في "اكسون"، وعلى الرغم من أنها لم تصوت على وثائق المساهمين حول المناخ فإنها صوتت ضد اثنين من مديري "اكسون" في هذه السنة. كما أنها زادت في الآونة الأخيرة من حصتها في الشركة، واشترت 7 ملايين سهم اضافية منذ نهاية سبتمبر الماضي لترفع موجوداتها الى أكثر من 250 مليوناً.

back to top