أحبّوا أنفسكم أولاً!

نشر في 05-11-2016
آخر تحديث 05-11-2016 | 00:00
No Image Caption
يعني حب الذات الإصغاء إلى أعماقنا بكل تجرّد. إنها مسيرة شخصية لتطوير الذات وتقضي في المقام الأول بالاعتناء بأنفسنا. يجب أن نصغي إلى صوتنا الداخلي الخافت الذي يُبلِغنا بما يفيدنا وبما يضرّنا. لكن يبقى القول أسهل من الفعل!

تعرّفوا إلى أنفسكم

يعني تقدير الذات الشعور بالحب والكفاءة والتأكد من منفعتنا في حياة الآخرين. لذا يكون تقدير الذات والثقة بالنفس جزءاً من ركائز التوازن الشخصي والاجتماعي. لتطوير تقدير الذات، تتعلق القاعدة الأساسية بإدراك قدراتنا الذاتية وحدودنا. للتوصل إلى هذه الغاية، يجب أن نقيّم وضعنا وسط الآخرين ونتحاور مع أنفسنا ونطلق مساراً متكاملاً يتطلب مكافحة العقد الشخصية أو فرط حب الذات، والاحتماء من التأثيرات السامة والضغوط الاجتماعية، والإصغاء إلى الأعماق واحترام الذات وإثبات القدرات بدل الكذب على نفسنا، وأخيراً إدراك أساليبنا الدفاعية الشائبة والتحكم بالأهداف التي نصبو إليها.

لا يمكن أن نفصل بين تقدير الذات والوعي الذاتي الذي يتطلب التعرّف إلى النفس وتقبّل الوقائع وعدم التهرب من الحقيقة. يعني الوعي الذاتي أيضاً الشعور بالجسم ككيان متكامل وزيادة الانتباه الذي نوليه إلى ذاتنا وإيجاد مصدر الحياة والإلهام في أعماق الذات. تسمح هذه المقاربة بتجاوز التصرفات التلقائية والأفكار المتصلبة والموروثة والمعتقدات السلبية والمظاهر الخارجية. ويجب ألا ننسى وجود رابط وثيق بين تقدير الذات والمزاج والعواطف. يعني التعرّف إلى الذات أيضاً تحديد الحالات الداخلية على المستويات الجسدية والعاطفية والنفسية.

تقبّلوا أنفسكم

لا داعي لنكون مثاليين كي نقدّر قيمتنا. يمكن أن نشكك ببعض جوانب شخصيتنا ونحسّنها لكن من دون أن نقسو على أنفسنا: لا داعي للتوقف عند التجارب الفاشلة والشكوك الماضية بل يجب أن نبسّط الوضع ونكتسب عقلية إيجابية. لكن كيف يمكن أن نحكم على تصرفاتنا ونقيّمها بطريقة إيجابية بدل أن نعاقب نفسنا؟ يجب أن نعمل أولاً على تقبّل عيوبنا ونسعى إلى التغيير وإحراز التقدم. لا يمكن أن نعيش تغييراً سليماً إلا إذا تقبلنا حدودنا وأخطاءنا قبل البدء بإطلاق الأحكام السلبية أو الإيجابية.

يجب أن نجيد أيضاً مواجهة الحقيقة لأن إدراك الواقع لا يكفي لإحداث تغيير حقيقي: لا بد من إيجاد وسائل عمليّة لتحقيق ذلك التغيير. يجب أن نحدد أهدافاً واضحة ونتحرك لبلوغها لكن لا تكون الإرادة كافية في هذا المجال. يمكن الاستفادة من تقنيات جسدية مثل الاسترخاء والتأمل واليوغا. سيساهم الاسترخاء حينها في تنظيم العواطف وطرد الأفكار السامة واستجماع القوة اللازمة لإحداث التغيير المنشود.

كونوا صادقين مع أنفسكم

يعني الصدق مع الذات تحمّل مسؤولية العواطف الشخصية، أي الالتزام بالأهداف والاعتراف بالمخاوف والتوقف عن أداء دور الضحية ومواجهة عواقب خياراتنا وأفعالنا. يجب أن نتمتع أيضاً بالنزاهة الشخصية، بمعنى أن نقيم تناغماً بين ما نعرفه ونتعلّمه ونعيشه، ونقول الحقيقة ونتمسك بالتزاماتنا وقيمنا. تعكس أقوالنا وسلوكياتنا مدى تصالحنا مع أنفسنا! للتمتع بالنزاهة الشخصية التي تشتق من حياة واعية ومن تقبل الذات، يجب أن نختار قيمنا فوق كل شيء.

حاولوا تلبية رغباتكم

يعني الإصغاء إلى الذات أيضاً تلبية الرغبات الشخصية. سنتمكن بهذه الطريقة من تفكيك العقد العاطفية. أوقف التفكير السلبي! اسمع عواطفك ورغباتك. ستخبرك بأن الوقت حان كي تفكّر بنفسك لكن بذكاء. يعني التفكير أيضاً تحقيق الرغبات بطريقة ملموسة. يمكن أن نفكر مثلاً بالسفر أو القيام برحلات مثيرة للاهتمام أو مقابلة الأصدقاء في مناسبات إضافية. كل شيء ممكن في الحياة لذا يجب أن نتوقف عن اختلاق الأعذار التي تمنع تحقيق السعادة!

اهتمّوا بطفلكم الداخلي

رغم بلوغ سن الرشد، يكمن {طفل} صغير في داخلنا وتتركز فيه جميع عواطفنا. على المستوى العاطفي، نتصرف دوماً كأطفالٍ في الثالثة أو الرابعة من عمرهم. لا يمكن أن تصبح العواطف ناضجة. لكن يمكن تطويرها كي نجيد التصرف بنضج. ويمكن أن نتعلم كيفية احترام عواطفنا وتقبّلها والتحكم بها وطريقة الاهتمام بذلك الطفل الداخلي.

حين لا ندرك وجود ذلك الطفل، سنحاول العيش في عالم الراشدين رغم استمرار طفولتنا الداخلية. سنشعر بالوحدة ونخشى العالم الخارجي المليء بمصادر التهديد ولن نجيد التصرف أو الاحتماء أو طلب المساعدة. ستصبح الحياة صعبة جداً بهذه الطريقة. من دون أن نهتم بطفلنا الداخلي، سنشعر بالقلق والخوف والتعب والضياع وستساورنا الشكوك.

أحبّوا أنفسكم

حين نعمل على زيادة الحب الذي نحمله لأنفسنا، سنتحمّل مسؤولية الراحة التي كنا ننسبها إلى عوامل خارجية. يجب أن نهتم بجسمنا وغذائنا ونجد توازناً سليماً بين النشاطات والراحة والاسترخاء. ويجب أن نختار بكل حرية الأشخاص الذين نريد معاشرتهم والمهنة التي نريد مزاولتها. تشير زيادة طاقتنا الحيوية إلى محاولة تطوير حب الذات، ما ينعكس إيجاباً على صحتنا العاطفية والجسدية.

من خلال عيش حياة متماسكة ومتوازنة، يمكن أن نواجه أكبر التحديات ونستعيد السيطرة على تفكيرنا. إنها الطريقة الوحيدة لتغذية تقدير الذات. لكن يجب ألا نعاني إذا لم نصبح الشخص الذي نصبو إليه ونتقبّل أنفسنا رغم جميع عيوبنا. حين نجيد التحكم بأفكارنا، سنبتكر تجربتنا الداخلية الخاصة ونحدد عواطفنا ومشاعرنا ومزاجنا ونقرر مصيرنا.

من الذات إلى الآخرين

تكون صورتنا أساسية لتحديد سلوكنا ورسم علاقاتنا مع الآخرين. ينعكس غياب حب الذات مباشرةً على تلك العلاقات ويُترجَم بقلة الثقة والشكوك التي تنتج علاقات مبنية على التملّك أو الشعور بالاضطهاد. نحبّ بطريقة أفضل بعد عمر الأربعين لأننا نكون قد تعرّفنا إلى أنفسنا ونجحنا في تطوير احترام الذات. سنتمكن حينها من نقل التعاطف والتسامح إلى جميع الناس في حياتنا. تساعدنا الثقة بالنفس أيضاً على الوثوق بالآخرين والانفتاح على علاقة صادقة ترتكز على الحب وتقدير قيمة الحياة التي نعيشها. هذا هو معنى حب الذات الذي يقودنا إلى السعادة والسلام الداخلي!

7 خطوات أساسية لتقدير الذات

1 تقبّل الشكل الخارجي والسعي إلى إسعاد الذات.

2 تحديد التقييمات السلبية التلقائية للذات واستبدال أفكار إيجابية بها.

3 تحديد الطموحات وفهم الفرق بين الرغبات والوضع الراهن.

4 تحديد جميع الذكريات المرتبطة بتجارب النجاح الماضية.

5 التنبه من استباق الفشل واستبدال بهذا التفكير تصوّر إيجابي عن النجاح المرتقب.

6 تحديد أسباب النجاح أو الفشل في مختلف الظروف واستخلاص الدروس من تلك التجارب.

7 البحث عن صداقة الآخرين وحبّهم عبر الاهتمام بهم وسماعهم واحترامهم وتفهّمهم والتعاطف معهم.

الثقة بالنفس تساعدنا على الوثوق بالآخرين والانفتاح على علاقات صادقة
back to top