2017 سنة انهيار مالي جديد تفجره بنوك الصين

نشر في 29-10-2016
آخر تحديث 29-10-2016 | 00:03
No Image Caption
ليس في وسعك طبعاً تدوين موعد حدوث الأزمة التالية في التقويم الخاص بك. ولكن الانهيارات تحدث بصورة منتظمة على ما يبدو. وما يدعم ذلك هو أن بعض من الشروط الأساسية للأزمة التالية قد بدأ بالتشكل.
تنتهي السنة المقبلة أي 2017 بالرقم 7. فإذا كنت من المؤمنين باستقراء المستقبل، فإن ذلك يعني أن العالم واقف على عتبة أزمة مالية جديدة. ففي سنة 1987 حدث أسوأ هبوط للأسهم خلال يوم واحد في تاريخ وول ستريت.

وفي سنة 1997 انفجرت الأزمة الآسيوية. وفي سنة 2007 بدأ أسوأ انهيار مالي عالمي منذ الكساد العظيم بعد تعثر شركة الإقراض العقاري نورثرن روك Northern Rock في المملكة المتحدة ونيو سنتشري فايننشال New Century Financial في الولايات المتحدة.

ليس في وسعك طبعا تدوين موعد حدوث الأزمة التالية في التقويم الخاص بك. ولكن الانهيارات تحدث بصورة منتظمة على ما يبدو. وما قد يدعم ذلك هو أن بعض من الشروط الأساسية للأزمة التالية قد بدأت بالتشكل.

وربما كاد صندوق النقد الدولي أن يدرك الأمور بصورة صحيحة في تقريره السنوي عن الاستقرار المالي العالمي الذي صدر في شهر أكتوبر الحالي. صحيح أن هذا التقرير لم يدق جرس الإنذار معلنا قرب تفجر الأزمة الجديدة، ولكنه عبر عن قلق ومخاوف.

تراجع الأخطار

ويقول صندوق النقد الدولي إن أخطار الأجل القصير قد تراجعت في الواقع، وهو يشير الى التعافي في أسعار السلع الذي من شأنه أن يساعد بعض الأسواق الناشئة الرئيسة وإلى احتمالات التخفيف من القيود المالية في الأسواق المتقدمة.

ولكنه يشير الى "استمرار مخاطر الأجل المتوسط"، ويستشهد في هذا الصدد بالمناخ السياسي غير المستقر الذي يفاقم من صعوبة حل المشكلات المتجذرة، إضافة الى بعض من المؤسسات المالية الضعيفة في الأسواق المتقدمة والديون الثقيلة للشركات في الأسواق الناشئة.

قد تنشأ الأخطار غير الحادة لفترة من الزمن قبل أن تفضي الى أزمة. والشيء الذي لا جدال حوله هو أن الديون – وهي المادة المتفجرة في كل حريق مالي تقريباً – تنمو بشكل سريع. وعند 225 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، الديون العامة والخاصة خارج القطاع المالي، وصلت الى "أعلى مستوى في الوقت الراهن" – وفق صندوق النقد الدولي. وتسهم الديون في تحقيق النمو، ولكنها تجعل المقترضين أيضا أكثر هشاشة وقلقاً. كما أن المدينين يستمرون في الحفاظ على المال حتى مع عدم قدرتهم على السداد. وفي حال تخلفهم يتعرض المقرضون الى الضرر ويتخلفون في بعض الأوقات عن التزاماتهم – وهكذا تتهاوى أحجار الدومينو.

بنوك أقوى في الوقت الحاضر

بنوك العالم أقوى في الغالب الآن مما كانت عليه عشية الأزمة المالية الأخيرة، ولكن توجد استثناءات مهمة. فأسهم دويتشه بنك – أكبر بنوك ألمانيا – هبطت بنسبة 62 في المئة عن أعلى مستوياتها في سنة 2015 وقاوم رئيسه التنفيذي، جون كرايان، حتى الآن الحل الواضح المتمثل في دعم البنك عبر تمويله من خلال إصدار أسهم جديدة ستفضي الى تخفيف ملكية المساهمين الحاليين.

كما أن الحكومة الألمانية التي عارضت بقوة عمليات إنقاذ بنوك في جنوب أوروبا تصر على عدم التراجع عن هذا الحل بالنسبة الى بنكها العملاق الآن. وفي غضون ذلك وصلت القروض المتعثرة في ايطاليا المدونة في قيود البنوك الى ما يعادل ربع الناتج المحلي الإجمالي لذلك البلد.

وحتى في الولايات المتحدة لا يبدو أن المستثمرين يعتبرون البنوك الكبيرة آمنة، كما كان حالها قبل الأزمة المالية الأخيرة، وفق ورقة صدرت عن وزير الخزانة الأميركي السابق لاري سمرز وناتاشا سارين من جامعة هارفارد.

ويقول سمرز وسارين إن أسعار أسهم البنوك الكبرى في الولايات المتحدة متدنية مزعجة، ما يعني أن "قيمة امتيازها" قد تآكلت. ويشير ذلك الى أن هذه البنوك ستواجه صعوبة، في حال حدوث أزمة، في تسديد ديونها عن طريق تسييل أصول.

فارق بسيط

ولا تساعد معدلات الفائدة المتدنية بشدة قدرة البنوك على تحمل أزمة. وهي تؤدي إلى خفض الأرباح – التي تحتاج البنوك اليها لبناء مخصصات التحوط – عن طريق خفض ما تكسبه البنوك من القروض التي تقدمها. ولا يتعلق الأمر فقط بمستوى المعدلات، بل بالفارق البسيط أيضاً بين معدلات الأجل القصير التي تقترض البنوك بموجبها وبين معدلات الأجل الطويل التي تستخدمها في الإقراض.

تنظيمان سوف يدخلان حيز التنفيذ في سنة 2018 وسوف يساهمان بالضغط على البنوك هذه السنة مع استعدادها للتقيد بهما. الأول هو الذي صدر عن لجنة بازل حول الإشراف المصرفي وهو يحد بشدة من كم الضغوط التي تستطيع البنوك استخدامها لجني المال. والثاني هو الذي يطالب البنوك بأن تدرك خسائر القروض المتوقعة بسرعة أكبر. وعلى الرغم من أن القوانين يجب أن تجعل البنوك أكثر أمناً، فإنها يمكن أن تخفض أرباحها بقدر أكبر. وإذا استمرت البنوك في محاولة شق طريقها بحذر – من دون التحول الى المساهمين من أجل مزيد من رأس المال – فإنها قد تصبح معرضة بدرجة أكبر.

نظام بنوك الظل

أياً كانت الضغوط على البنوك التقليدية فقد تشكل درجة أقل من الخطر الذي يمثله نظام بنوك الظل، بحسب فنسنت رينهارت، وهو كبير الاقتصاديين في ستانديش، وهي وحدة لدى "بي إن واي ميلون" BNY Mellon. ويقول رينهارت إن "الحد من التعثر" الذي تضمنه قانون دود- فرانك لعام 2010 بخصوص إصلاح وول ستريت يعني زيادة كلفة التشغيل في البنك التقليدي، مما يؤدي الى انتقال الأموال الى بنوك ظل أقل تنظيما. ويشمل النظام المصرفي لبنوك الظل صناديق التحوط وصناديق الاستثمار المشترك ومقرضي ومقترضي أسهم وول ستريت.

وقد تكون الصين المصدر الأكثر ندرة للخطر. وكان معدل نموها مدفوعا بتوسع غير مستدام وسريع في إقراض الشركات والعائلات بحسب توم اورليك، وهو كبير الاقتصاديين في بلومبرغ انتلجنس في آسيا الذي كتب في 11 أكتوبر يقول إن الحكومة أشارت عبر مقالة في الصحافة الرسمية إنها تريد لبلادها أن تبدأ بخفض مستويات الديون "وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت الكلمات تطابق الأفعال".

الخطر الرئيس

تشكل البنوك الصينية "الخطر الرئيس والمفجر المحتمل" وفق صموئيل مالون، وهو مدير التخطيط التخصصي في موديز أناليتكس. وقد استعرض حجم وهشاشة وتداخل أكبر بنوك العالم، واستنتج أن جارات الصين في جنوب شرق آسيا – وخاصة سنغافورة – معرضة بصورة مباشرة بقدر أكبر. والنظام المصرفي لبنوك الظل في الصين ضخم وغير مفهوم تماما، كما أن الخسائر التي تكبدها يمكن أن تتحول بسرعة الى بنوك تقليدية.

وقد أجرى كبير اقتصاديي سيتي غروب، ويلن بوتر، مقابلة نشرت في عدد شهر يونيو الماضي في مجلة تشونغ كونغ للكلية التجارية في بكين، وقال فيها إنه واثق من أن لدى السلطات هناك الأدوات لمنع حدوث أزمة كاملة، ولكن تلك السلطات قد لا تعالج مشكلة الديون مباشرة إلا بعد انتخابات الحزب في خريف سنة 2017، وأضاف أن المشكلة هي "أنني أشك في أن قوى الاضطراب المالي ستنتظر كل هذا الوقت".

بيتر كو

back to top