هل الانتصار في الموصل يعني الخسارة؟

نشر في 28-10-2016
آخر تحديث 28-10-2016 | 00:00
 م. الدراسات الاستراتيجية والدولية بدأت معركة تحرير الموصل، لكن "الانتصار" فيها سيكون على الأرجح نسبياً إلى أبعد الحدود وسيمثّل تحديات كبيرة للوحدة العراقية، إذ تملك عناصر القوات العراقية المختلفة أهدافاً وغايات متناقضة، فلكل فصيل بارز يشارك في قتال "داعش" أولوياته الخاصة وأهدافه المتضاربة، ونتيجة لذلك ستكون بعض أوجه القتال قاتمة بغض النظر عن مدى جهوزية القوات المعنية ومدى استعدادها للتعاون.

من المحتمل أن ينهار تنظيم "داعش" تحت الضغط، إلا أن الموصل ستتحول على الأرجح إلى موقع لكارثة إنسانية أخرى في الصراع العراقي-السوري، سواء أثناء القتال الفعلي أو ما يليه من جهود طويلة ضرورية لإعادة الإعمار والتعافي، علاوة على ذلك اتضح أن الاستعدادات للتعاطي مع الانعكاسات المدنية والإنسانية لهذا القتال قد لا تكون ملائمة، ومن المستحيل أن تصبح كذلك.

لا يرتبط الوجه الأكثر أهمية في هذه المعركة بهزيمة "داعش" الفعلية، بل بقدرة الفصائل المنقسمة بشدة في العراق على التوصل إلى طريقة للتعاون إن حققت الفوز، وقد يكون البديل أسوأ من "داعش": السُّنة ضد الشيعة، والعرب ضد الأكراد، وتركيا، وإيران، والدول العربية الأخرى، وروسيا، كلها تتنافس لتحقق مآربها. إذاً من الممكن أن يؤدي "الانتصار" بسهولة إلى تقسيم العراق بشكل دائم أو تحويله إلى شكل جديد من الصراع المدني.

تُعتبر الموصل المركز السكاني الكبير الوحيد في المناطق العربية السُّنية غرب بغداد، فالقتال في الأنبار لم يؤثر إلا في مجموعة صغيرة من السكان، ولكن إذا نجحت الحكومة المركزية في قيادة القتال في الموصل وبرهنت أنها تهتم بأمن العرب السُّنة في العراق ومستقبلهم، متفاديةً المزيد من الصراع أو التوتر مع الأكراد، تنجح بذلك في تعزيز مصداقيتها ومكانتها كحكومة مركزية.

كلما أسرعنا في القضاء على "داعش" في العراق، ازداد هذا التنظيم ضعفاً في سورية، سواء من ناحية المال والمتطوعين أو المعنويات والمصداقية، وإذا أخفق "داعش" بعد ذلك في سورية، تُتاح لنا عندئذٍ بعض الخيارات لدعم قوات الثوار العرب التي يمكننا الوثوق بها وتقديم المزيد من المساعدة الإنسانية. في المقابل كلما طالت الفترة المتاحة لـ"داعش" للاستعداد في سورية، ازداد احتمال أن يشهد شرق سورية أسوأ التطورات، ولا شك أن روسيا والعراق والأسد سيستغلون ذلك.

أخيراً، بغض النظر عن هوية الفائز في الانتخابات الأميركية المقبلة، سيزداد موقف الولايات المتحدة قوةً، إن كنا قد حققنا النصر في أهم المعارك في العراق، ونتيجة لذلك تصبح الحجج التي تدعم تقديم المساعدة المدنية في العراق أقوى، شأنها في ذلك شأن نفوذ الولايات المتحدة ومصداقيتها في العراق، أضف إلى ذلك أننا سنحظى بتأييد أكبر للشراكة الناشطة والفاعلة مع الدول العربية المعتدلة، ونأمل أن يتحول التعاطي مع النتائج المدنية في الموصل إلى سابقة يُحتذى بها عند مواجهة الكارثة الإنسانية في سورية، علماً أن هذه الجهود لن تبدأ على ما يبدو إلا بعد أكثر من سنة من اليوم وستتطلب الدعم لعقد من الزمن.

* أنتوني كوردسمان | Anthony Cordesman

back to top