من يعلق الجرس؟

ولذلك تكون مخرجات الانتخابات في الغالب انعكاسا لهذا الصراع، ولا تتشكل الحكومة بدورها لأجل إدارة بلد بل لإدارة هذه الصراعات وتوزيع الهبات والعطايا ومراكز النفوذ على الفئات المتصارعة على حسب مصلحة السلطة. ولهذا تستمر مشاكل البلد المزمنة لأنه مهما سن المجلس من تشريعات مهمة، فإن الحكومة ستجهضها إما عن سبق إصرار وترصد وإما لعجزها عن أداء مهامها بالشكل المطلوب. ولهذا ندور في دوامة من الهراء والمسرحيات والبطولات المصطنعة التي لم تفدنا في شيء لأن الجميع (حكومة- شعب- مجلس) يتهربون من المسؤولية واتخاذ الخطوات اللازمة لإصلاح جذري، وهو التخلص من هذا القطاع العام المتضخم والفاسد، والبدء بالتحول نحو اقتصاد منتج يعتمد على المواطن لا الوافد. هل سيكون الشعب على قدر المسؤولية؟ طبعا لا، لأنه ما زال تحت تأثير إبر التخدير النفطية التي تمنعه من الانتخاب بمسؤولية ولأجل المصلحة العامة، وما ردة الفعل تجاه قرار رفع سعر البنزين إلا دليل على رغبة الشعب بالتشبث بكل إبر التخدير الريعية، وإبقاء الوضع كما هو دون تغيير. يبقى أن تعي السلطة أن الاستمرار في نهج المحاباة والترضيات السياسية سيدمر البلد عاجلا أم آجلا، فشبح البطالة قادم بقوة في ظل قطاع عام متضخم أصلا وعجز كبير في الموازنة العامة للدولة، وخلل أكبر في التركيبة السكانية نتيجة لسيطرة الوافدين على الخدمات ووظائف القطاع الخاص، وهو نموذج غير مستدام مع تزايد عدد المواطنين، والذي سيتطلب زيادة في أعداد الوافدين إن استمرت الحال على ما هي عليه، وما يترتب على ذلك من ضغط على الخدمات العامة مثل الصحة والشوارع والبنية التحتية. فيبقى السؤال: من يعلق الجرس؟ فالكل خائف من الإقدام على هذه الخطوة المستحقة لأن الكل يريد الاحتفاظ بمكاسبه من هذا النظام الريعي الفاسد، فالشعب يحصل على الدعوم والهبات والكوادر ووظائف مضمونة لكنها في الغالب غير منتجة، وفي المقابل السلطة بيدها كل خيوط اللعبة لأن حاجات الناس ووظائفهم مرتبطة بها، فتشتري الولاءات هنا وهناك مقابل غض النظر عن التلاعب بمقدرات الدولة والمال العام. وإذا استمر هذا الوضع فالكل سيخسر، لكن المواطن البسيط سيكون الخاسر الأكبر، في حين سيتمتع المتنفذون بالأموال التي جنوها من وراء الفساد المنتشر في البلد.