عندما كان للصورة معنى!

نشر في 15-10-2016
آخر تحديث 15-10-2016 | 00:06
 دانة الراشد صور ثمينة ترقد في ألبوم عتيق، تحكي ذكريات "زمن الطيبين"، نفتح الألبوم فنسافر إلى زمن البراءة ونوستاليجيا "ككاو بونجوم" و"غرندايزر" وأشرطة فيديو لدعايات متنوعة وأفلام كارتون أحبها الأطفال والكبار على حد سواء، أغانٍ جميلة بأصوات شجية وتكنولوجيا بسيطة اعتمد فيها الفنان على قدرته الصوتية والأداء المتميز، أوقات طيبة ومتوجة بالثقة والقبول بين الناس.

أستيقظ من عالم الذكريات: ياه! كيف لصورة واحدة أن توقظ كل هذه الذكريات والمشاعر؟!

أعود إلى أرض الواقع، أو بالأحرى أرض الآيفون... عذراً "الأفيون". شريط صور لا ينتهي، غالبه إعلانات لأطعمة ومواد استهلاكية، أو محاولات مستميتة لحصد الاهتمام و"اللايكات"، وإن كان الثمن الإسفاف وقلة الاحترام مع كل أسف، فقد أصبح التصوير نشاطاً يومياً يفقد اللحظات لذّتها وخصوصيتها.

نقوم بتصوير الفيديو ذاته كل صباح، شاكين آهات مفارقة الفراش والذهاب إلى العمل الرتيب- الذي قد يحسدنا عليه الكثيرون- ثم نأخذ صورة لكوب القهوة الورقي نفسه وقد كُتبت عليه أسماؤنا، بعدها نقوم بطرح آرائنا السياسية وفلسفتنا في الحياة... يلقى الفيديو استحسان بضعة متابعين، فنشعر أننا أنجزنا شيئاً مهماً، بعد ذلك نأخذ صورة لغدائنا المفضل ونكون بذلك قد أنهينا يوم عملنا!

نسافر أو نتنزه فنقتل سكون اللحظة ونختزل جلالة المشهد الطبيعي بفيديو قصير مرفق مع تعليقات مكررة وسطحية لا يُرجى منها سوى إثبات مدى "عمقنا" والحصول على المزيد من المتابعين.

أذهاننا متخمة بألوف الصور ومقاطع الفيديو اليومية، يخلو غالبها من المعنى والقيمة، نفقد معها القدرة على التركيز واستغلال الوقت في الإنجاز. ولا يغيب عنك عزيزي القارئ مدى تأثير سيل الصور ومقاطع الفيديو تلك في تشكيل قناعاتنا وأذواقنا وتوجهاتنا عند التعرض لها بشكل يومي، فما هي إلا وسيلة لتحفيز المزاج الاجتماعي الغارق في الاستهلاك.

بالطبع فإن لوسائل التواصل الاجتماعي فوائد إذا أحسن استخدامها، فهي تجمع أصحاب الاهتمامات المشتركة معاً، فيكسب مستخدموها أصدقاء جدداً أو تجمعهم بأصدقاء قدامى، وهي طريقة سهلة للمبدعين كي ينشروا أعمالهم ويتعرفوا على أعمال جديدة، فهي لا تكلف شيئاً، والعديد من الصور المهمة لاقت أصداءً واسعة في وسائل التواصل الاجتماعي، فتم تقديم المساعدات للعديد من المحتاجين من خلالها. وكذلك فهي منصة جيدة للمشروعات الصغيرة، وأداة لا بأس بها للتسلية والاطلاع على كل ما هو جديد، لكن مربط الفرس هو بالكم والكيف نظراً لصعوبة مقاومة إدمان ما أطلقت عليه "الأفيون".

هل سنروي لأبنائنا وأحفادنا تراث حيوات أُفنيت في وسائل التواصل وأخذ "السيلفي"؟ أم هل يمكننا صنع ما هو أفضل من ذلك؟ أنتم من يقرر الجواب!

back to top