أشتاق لنفسي… قبل سنوات!

نشر في 08-10-2016
آخر تحديث 08-10-2016 | 00:01
 مشعل حمد من أصعب الأشياء كتابةً، عندما تتساءل كيف لي أن أكتب عن نفسي؟ سيأخذك السؤال بعيداً، وتتذكر ماضياً مرّ بسرعة تفوق البرق، ففي بعض الأحيان نستهين بالوقت ولا نؤمن بمقولة "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك".

رُبما تكون مُحاطاً بالعديد من الأصدقاء، ويكون لديك أكثر من ألف سبب لزرع السعادة، ولاستغلال كل ثانية من وقتك بشيء جيد، ولكن! ما إن تصحو من أحلام اليقظة حتى تجد نفسك تسقط مع أول صفعة على خدك الأيمن تقدمها لك الحياة، وما إن تعود للوقوف مجدداً حتى تجد خيبة الأصدقاء تصفعك على خدك الأيسر لتعود من حيث بدأت عند نقطة البداية.

أشتاق إلى نفسي قبل سنوات، فكُلما تذكرت سعادتي بمرحلة الطفولة أشتاق إليها، كانت ظنوننا جميلةً دائماً، نتمنى الخير للجميع عدا من يسرق حلوياتنا ومن ينظر إلينا بوجه عبوس، ولم يكن شعور الحقد في قلوبنا أبداً، إذ نتمنى الخير للجميع، وابتسامتي كانت بسيطة تُرسم بلعبة جديدة، تصنع لي سعادة اليوم، وكل يوم.

كبرنا قليلاً، وما زالت أحلامنا صغيرة، بدأنا بالمرحلة الابتدائية حيث خطونا أوّل خطوة في السلم الدراسي، وأصبح أقصى طموحي "أن أكبر… وقد جهلت ما يحمل الكبر" حتى سرقني الزمن، ووجدت نفسي طالباً مستجداً في مرحلة ما قبل الجامعة "الثانوية".

دخلنا إليها محملين بشعارات طموح يروض المستحيل وهمّة لا ترضى بالقليل، ووضعنا العديد من الأهداف والأحلام الوردية، نتحدى الزمن لتحقيقها، لكن مع مرور كل يوم جديد تُقتل أمنياتنا، ويتقلص الحلم حتى غافلنا الوقت دون أن نشعر، ووجدنا أنفسنا داخل أسوار الجامعة طلبة مستجدين من جديد، ولم يتوقف الزمان عن العبور، فتخصصت في مجال لم يكن مذيلاً حتى على آخر معلقة أحلامك.

يبدأ عالمك الجامعي الجديد بابتسامة وطموح بأن يكون تقديرك العام ممتازا، وما إن تنتهِ مرحلتك الجديدة حتى تكتشف أنك تخرجت من مرحلة الجامعة بتقدير جيد بسبب مزاجية وعدم إخلاص أحد الدكاترة العاملين في جامعتك.

فكم من طالب تلاشت أحلامه وسُلِبَ طموحه بسبب مزاجية أحدهم!

تبدأ مرحلتك العملية بوظيفة جديدة، ومن الممكن أن تكون أيضاً في غير التخصص الذي تعبت به ودرسته أكثر من أربع سنوات من الكفاح أمضيتها في الجامعة، ولكن تستمر الحياة بخذلان جديد!

تعود إلى المنزل بأفكار متضاربة واحتضار ما تبقى من طموح... مهلاً مهلاً! وأنا أكتب هذه المقالة اختنق قلمي من كمية الإحباط الموجودة بعمقها، وعلى ذلك فلتنفض ما تبقى من تراب على كتفك من آخر سقوط لك، ولا تسلط الضوء بحياتك على الجانب السيئ وتنسَ الأيام الجميلة كما فعلت أنا في أول المقالة.

فبعد كل يوم أسود هناك يوم أبيض، وبعد كل حزن هناك سعادة، ربما توظفت في عمل ليس موافقا للتخصص الذي درسته ولكن تستطيع أن تُبدع فيه، وتصبح مثالاً للموظف الناجح.

ربما واجهت دكتوراً لم ينصفك، وجعلك تكره المادة، ولكن يوجد دكتور آخر استطاع أن يجعلك تُحب الجامعة، وأن تكون من أول الطلاب الحاضرين لمادته.

أنت وحدك من يستطيع أن يرسم حياتك بالألوان التي تختارها، والسعادة موجودة في كل وقت وكل زمان، وكن على يقين أن الله سبحانه وتعالى كتب لك الضيق لتشعر بقيمة الفرح بعد الحصول عليه.

أقدم لك عزيزي القارئ هذه الدعوة الصادقة من القلب لإعادة تأهيل حياتك، وتحدي كل المصاعب القادمة والابتسامة في وجه القدر.

عفواً أيها الماضي، فالقادم أجمل بإذن الله.

back to top