The Age of Shadows قصة تجسّس مشوّقة من العشرينيات

نشر في 01-10-2016
آخر تحديث 01-10-2016 | 00:00
ملصق الفيلم
ملصق الفيلم
يتمحور فيلم The Age of Shadows (عصر الظلال) الترفيهي المدهش حول عمليات التجسس، وتدور أحداثه خلال الاحتلال الياباني لكوريا. في واحد من مشاهده القوية المتعددة، تحصل مطاردة بين رجلَين في ساحة شاسعة في حين تتنقل مجموعة من الضباط على أسطح المباني في إطار مشوّق.
يقفز الضباط في The Age of Shadows بكل رشاقة من مبنى إلى آخر، ولا يشبهون بأي شكل العناصر الذين حملوا البنادق في فيلم التشويق Crouching Tiger, Hidden Dragon (النمر الرابض والتنين الخفي) الذي تقع أحداثه أيضاً في حقبة العشرينيات.

إنها صورة مبهرة. لكن رغم تصاعد التوتر في تلك اللحظات، يسهل أن نشعر باسترخاء غريب وسط ذلك الزخم الاستثنائي. على مرّ الفيلم المتسارع الذي تمتدّ أحداثه على 140 دقيقة، قد يبذل عقلنا مجهوداً مضاعفاً لمواكبة المخاطر المطروحة ومعرفة الجهات التي تتفوّق على غيرها. لكن يحبّ المخرج الكوري الجنوبي كيم جي وون أن يعمل بإيقاعه الخاص ويجيد نقل المشاهدين إلى ما وراء الحواجز السردية بأسلوب حيوي ومميز، مؤكداً أنّ الأحداث كافة ستتّضح في الوقت المناسب.

ألغاز عدة

تتعدّد الألغاز في فيلم The Age of Shadows، ويتعلق أكثرها إثارة بتحديد انتماء البشر. يُكَلَّف النقيب لي جونغ شول الكوري بالقضاء على أعضاء من حركة المقاومة في بلده بأمرٍ من أسياده اليابانيين المتوحشين. بخليطٍ متوازن من التعاطف والغموض الأخلاقي، يؤدي الدور الممثل الرائع سونغ كانغ هو. صحيح أن هذا الشخص معروف تاريخياً ببيعه شعبه لتحسين مكانته مع اليابانيين، لكنه يتأثر أكثر من العادة بموت كيم جان أوك (بارك هي سون)، مقاتل في صفوف المقاومة كان زميله في المدرسة.

يشعر زعيم المقاومة شي سان (لي بيونغ هون الذي يظهر في إطلالة خاصة مطوّلة) بهذا التحوّل ويظنّ أنه يستطيع استغلاله لصالحهم هذه المرة إذا تعاملوا مع الوضع بالشكل المناسب. هكذا تبدأ رحلة نفسية تصاعدية ومبتكرة بين {لي} وشخص محوري في المقاومة اسمه كيم وو جين (الممثل الممتاز جونغ يو من فيلم Train to Busan قطار إلى بوسان). يتحوّل متجر التحف القديمة الذي يملكه إلى مركز تخطيط لتهريب المتفجرات من شنغهاي إلى سيول. يستطيع لي إحباط العملية في أي لحظة نظرياً، لكن سرعان ما يتّضح أنه قد يصبح حليفاً بفضل براعة كيم في فرض الضغوط عليه.

يُجَمّل الكاتبان، لي جي مين وبارك جونغ داي السيناريو الشائك بِكَمّ هائل من تعقيدات مبتكرة ويضاعفان عدد العملاء السريين في كل منعطف من القصة. بعدما يتعرّض جان أوك للخيانة، يدرك شي سان وجود جاسوس في صفوف المقاومة. في غضون ذلك، يضطر لي جونغ شول الذي يُعتبر مشبوهاً من رؤسائه بسبب إرثه الكوري إلى تحمّل شريك اسمه هاشيموتو (أوم تاي غو)، متعصّب ياباني ساديّ يبدأ بمراقبة كل حركة يقوم بها {لي} سراً.

أدق التفاصيل

يهتمّ المخرج كيم جي وون بأدق التفاصيل ويسمح بتراكم المكائد وتطورها بأسلوب مشوّق وغير متوقّع. يشمل أهم جزء من الفيلم مشهداً طويلاً وضخماً يجمع مختلف الشخصيات الأساسية على متن قطار متّجه إلى سيول، فتتغير خططها وتحالفاتها في كل لحظة.

يتّسم المشهد بحركات مبهرة وتشويق متصاعد (نتذكّر أعمال ألفرد هيتشكوك وأغاثا كريستي أو حتى جيمس بوند!)، ويشكّل نقطة قوة في الفيلم الذي يثبت مع تطوّر أحداثه أنه يستحق المشاهدة.

صحيح أن القصة مستوحاة في الأصل من مخطط حقيقي لتفجير مركز شرطة ياباني عام 1923 في سيول، لكن لا يركّز The Age of Shadows الذي سيمثّل كوريا الجنوبية في سباق جوائز الأوسكار عن فئة الأفلام الأجنبية على وقائع دقيقة، بل إنه مجرّد عمل خيالي منخفض الميزانية وسرعان ما يتخلى عن روابطه بالإطار التاريخي.

لا مفر من أن يذكّرنا عنوانه بفيلم التشويق الاستثنائي Army of Shadows (جيش الظلال) الذي أخرجه جان بيار ميلفيل ويتمحور حول المقاومة الفرنسية، ويتّضح الرابط في الفيلم عبر شخصية المقاتِلة يون جاي سون (هان جي مين التي تبدو جميلة وفتّاكة بقبعتها الحمراء) وعبر مشاهد عدة لمساعديها المشبوهين الذين يقضون على أعوانهم بكل وحشية.

إنتاج ضخم
يستعرض The Age of Shadows تصاميم الإنتاج الفخمة والواقعية في آن، وأساليب التصوير اللامعة التي يستعملها كيم جي يونغ، ويمكن اعتبار هذا العمل عودة ناجحة لكيم جي وون بعد إخفاقه في فيلم أرنولد شوارزنيغر The Last Stand (الموقف الأخير).

يتذكّره محبّو المهرجانات والسينما الآسيوية بأعمال عنيفة جداً مثل The Good, the Bad, the Weird (الصالح والسيئ والغريب) (2010)، نسخة شرقية مخفّفة من الأعمال الغربية المماثلة حيث خاض كل من سونغ ولي بيونغ هون مواجهة قوية، وفيلم التشويق المرعب I Saw the Devil (شاهدتُ الشيطان) (2011) عن قاتل متسلسل.

يبدو كيم جي وون متمرساً بأفلام العنف لدرجة أنه قد يجعل أشهر المخرجين في بلده، من أمثال بونغ جون هو وبارك تشان ووك، يبدون هواةً مقارنةً معه. المخرج الذي عمد إلى تخفيف المشاهد المخيفة، لم يتخلَّ عنها بالكامل وتتّضح نزعته هذه في المشاهد الدموية وميله إلى تقريب الكاميرا إلى أصابع مقطوعة. لكن لا يبدو أي مشهد في الفيلم مبالغاً فيه أو مفتعلاً، بل يتحكم المخرج ببراعة بكل موقف يوشك على الخروج عن السيطرة. لكن رغم إنجازات هؤلاء المقاتلين وبطولاتهم المؤكدة، تبقى مقاومتهم عقيمة.

back to top