فحص البصمة الأمنية!

نشر في 17-09-2016
آخر تحديث 17-09-2016 | 00:10
 حمد الدرباس وجهت السلطات الإيطالية الاتهام إلى شاب بريطاني اسمه «بيتر هامكن» في قضية مقتل سيدة إيطالية هناك بناءً على قاعدة معلومات البصمة الوراثية التي حوت بصمة له، فتم توجيه طلب إلى السلطات البريطانية لتسليم المتهم، ألقي القبض على هامكن وعرض أمام قاضي التسليم، فأكد هامكن عدم زيارته لإيطاليا وقت وقوع الجريمة، وهو الأمر الذي أكده زملاؤه في العمل، وعلى ذلك وجه قاضي التسليم أمراً بعمل فحص جديد للبصمة الوراثية للمتهم، فتأكدت براءته بعد الفحص الثاني.

هذه الحادثة تؤكد شكوك كاثرين تروير التي تعمل محللة في مختبر للجريمة في أميركا، فقد اكتشفت حالة تشابه كبير في نتائج الفحص الوراثي لاثنين من المجرمين في عام ٢٠٠١، ومع الوقت قامت باكتشاف الكثير من هذه الحالات، مما حدا ببعض المحامين إلى البحث في السجلات حول هذه التشابهات.

وفي 24 فبراير 2003, نشرت «نيويورك تايمز» محاورة مهمة أخرى جرت في محكمة ميزوري العليا, فالقاضية لورا دينفرستيث كانت تحاول إيجاد أدلة جديدة قد تخرج المتهم «أمرن» من حكم الإعدام, فسألت مساعد النائب العام «فرانك إيه جونغ» قائلة: «هل ترى أنه حتى وإن كان المحكوم عليه بالإعدام السيد أمرن في الحقيقة بريئاً فإنه ينبغي إعدامه؟»، فأجاب جونغ: «هذا صحيح حضرتكم»، ثم أعاد قاض آخر اسمه مايكل وولف صياغة السؤال: «حتى نتأكد من صحة فهمنا لما تقول، إذا وجدنا في قضية معينة دليلاً من فحص البصمات الوراثية يؤكد براءة أشخاص من كونهم قتلة، فهل علينا إعدامهم على أي حال إن لم يكن هنالك أي عارض دستوري؟»، فأجاب جونغ بنعم.

إن مثل هذه الأمثلة يدلل على خطورة التعامل مع فحص البصمة الوراثية على أنه دليل ذهبي للإدانة، وبالتالي فإن سعي السلطات الأمنية في الكويت وراء فرض جمع العينات من كل المواطنين والزائرين يطرح تساؤلا حول الجدوى والغاية, بحيث إذا نظرنا الى أقل بلدان العالم في معدلات الجريمة كسويسرا وسنغافورة وأيسلندا واليابان وغيرها فلن نجد بها تشريعاً مشابهاً للتشريع الكويتي المختلق، أي أن أجهزتها الأمنية ببساطة متقدمة على أجهزتنا دون الحاجة إلى قانون كهذا, وما يعزز هذا الرأي هو الإحصائيات الواردة في دراسة بعنوان «DNA and the Criminal Justice System: Consensus and Debate»على موقع جامعة هارفرد, حيث ذكرت أن عدد السجناء في مدينة سان دييغو الذين قبلوا طوعا إجراء فحص البصمة الوراثية كان فقط 3 سجناء من مجموع 29 سجينا, كما أشارت أيضا إلى تعليق عرض إجراء فحص البصمة الوراثية على المحكومين في ولاية نيوجيرسي بسبب تفاعل القلة منهم (12 محكوماً فقط من مجموع المحكومين), أي أن المسألة لا تعتمد كثيرا على فحص البصمة الوراثية بقدر ما تعتمد على أداء الجهاز الأمني من خلال وسائل البحث والتحري, ولذلك فإن سعي الجهاز الأمني الكويتي وراء البيانات التي تكشف عن التفاصيل الطبية والعرقية والشخصية للمواطنين والزائرين هو بغرض تورية إخفاق هذه الأجهزة في مكافحة الجريمة, هذا إن نظرنا إلى المسألة بحسن نية واستبعدنا الأهداف السياسية!

back to top