وزيرة التعليم الفرنسية نجاة بلقاسم: قرار منع «البوركيني» لا يحلّ المشكلة
أكدت أن محاربة سرطان {التطرّف} من مسؤولية المسلمين أيضاً
تتحدث نجاة فالو بلقاسم في هذه المقابلة عن عزلة فرنسا والجدل السائد حول البوركيني ووضع المدارس واستقالة إيمانويل ماكرون والانتخابات التمهيدية في معسكر اليسار...
{راعية الماعز} ذات الأصول المغربية التي اجتهدت لتصبح وزيرة التعليم في فرنسا، تريد تنويع حصص تعليم اللغات الشائعة في المدارس الفرنسية، وتقول متعجبةً إنها لا تفهم {الأشخاص الذين يعطون معنىً معيناً لملابس الناس}.
{راعية الماعز} ذات الأصول المغربية التي اجتهدت لتصبح وزيرة التعليم في فرنسا، تريد تنويع حصص تعليم اللغات الشائعة في المدارس الفرنسية، وتقول متعجبةً إنها لا تفهم {الأشخاص الذين يعطون معنىً معيناً لملابس الناس}.
هل يمكن أن تتقبّل الجمهورية الفرنسية ظاهرة {البوركيني}؟لا يستهدف البوركيني الجمهورية الفرنسية بل حرية النساء. يسهل أن تتفاقم المشاكل وتصبح عالقة حين نعجز عن التمييز بينها. لن يحلّ قرار منع البوركيني المشكلة، لا سيما إذا استُعمل الموضوع من اليمينيين لتحقيق مكاسب انتخابية عبر مهاجمة المسلمين. دعم مانويل فالس رؤساء البلديات الذين منعوا البوركيني لأسباب متعلقة بالنظام العام، لكنه رفض تشويه سمعة فئة من الناس.
هل كانت والدتك محجّبة حين وصلت إلى فرنسا؟تضع أمي وشاحاً. يصعب أن أشرح معنى التقاليد ومظاهر الدين والالتزام بالمعايير الاجتماعية والثقافية، لذا لا أفهم الأشخاص الذين يعطون معنىً معيناً لملابس الناس. لا شك في أن تهميش بعض النساء من الحياة الاجتماعية بسبب {وشاح} سيكون سلوكاً بالغ الخطورة.تشمل الجامعات أيضاً طالبات يضعن أوشحة.وفق مؤتمر رؤساء الجامعات، يبقى هذا الجانب هامشياً. لا تشبه الجامعة المدرسة لأنها تستقبل أشخاصاً راشدين ومسؤولين.إذا كان الموضوع هامشياً، لماذا عبّر رئيس الحكومة عن رغبته في منع الأوشحة في الجامعات؟يحمل مانويل فالس هويته السياسية الخاصة وأحمل أنا هويتي الخاصة. بالنسبة إليه، يشكّل تنامي الإسلام المتطرف معركة محورية. لكنني أظنّ أن المجتمع الفرنسي مصاب بآفة العزلة والنفور من المسلمين. أعتقد أن التركيز على هذه المعركة الثانية سيكون أفضل وسيلة لتقليص نطاق الإسلام المتطرف الذي ينتج الوحشية والجهاد والإرهاب. من مسؤولية المسلمين أيضاً أن يحاربوا هذا السرطان.
الانتخابات والتفكّك
هل تعلنين هويتك السياسية مع اقتراب نهاية المهل الانتخابية، لا سيما الانتخابات التمهيدية لليساريين؟لا، لست مرشحة للانتخابات التمهيدية. ثمة عدد كاف من المرشحين ولا داعي لتعقيد الوضع. يجب أن نقف وراء رئيس الجمهورية. ستكون الانتخابات التمهيدية فرصة للنهوض ولتحديد الوجهة السياسية التي تضمن الفوز بالرئاسة.اتّضح تفكك اليساريين عبر إقدام عدد من الوزراء على الاستقالة. كيف تفسرين تضيّق القاعدة السياسية للحكومة؟انعكس غياب الحس الجماعي على نظرة الفرنسيين إلى حكمنا رغم جميع إنجازاتنا. لكنّ العمل الجماعي يشكّل جزءاً لا يتجزأ من هوية اليساريين. لذا لا تعبّر مغامرة إيمانويل ماكرون الفردية عن توجّه اليساريين. منذ بداية عهدنا، ظن كثيرون أنه يستطيع التكيّف مع مطالبهم الشخصية.لكن هل تظنين أن النظام السياسي يحتاج إلى التطوير كما قال ماكرون حين انتقد تسويات اللحظة الأخيرة أو نقص التعليم؟أظن أنه صادق في نيّته تطوير فكر سياسي جديد مع أنني لم أشاهد أي مفهوم جديد حتى الآن. لكنني لا أستطيع أن أوافقه على رفض النظام لأن هذا النوع من المواقف يهدد الديمقراطية. ما معنى كلامه حين يقول إن الانتخابات جزء من الأزمنة الغابرة؟ هل يريدنا أن نعود إلى النظام القديم أو الحكم الاستبدادي؟ لا أحب أن نستفز غرائز الناس. بدأنا نسمع الآن هجوماً ضد السياسة من المعسكرَين اليميني واليساري.التعليم والسياسة
في ما يخص نقص التعليم، هل تتعلق المشكلة بالحكومة؟لا أحب إلقاء اللوم على أحد. لكني أردتُ شخصياً أن أنشر مشروع هذه الحكومة وأشارك في مشروع الحكومة المقبلة. يجب أن نعيد إشراك الحزب الاشتراكي ونجدد الابتكارات الفكرية عبر ضمان التميّز في الجامعات. لا شك في أننا نستطيع تقديم أداء أفضل.ألا تطغى المحسوبيات أيضاً على بعض الحملات الانتخابية، لا سيما البلدية منها؟حين نجذب جماعات معينة عبر التعهد بإعطائهم مكاناً لممارسة شعائرهم، سنصبح أمام مشكلة طبعاً. غيّرت الاعتداءات الوضع، حتى في المدارس. اليوم لا يمكن تمرير شيء. تتلقى المؤسسات تعليمات بضرورة الإفصاح عن كل شيء، بدءاً من مختلف الحوادث وصولاً إلى المظاهر المعادية للسامية.أردتِ أن تُدرِجي تعليم اللغة العربية في الصفوف الابتدائية والثانوية، لكن هل ستنجحين في تحقيق هذا الهدف عملياً؟بل أردتُ أن أُنَوّع حصص تعليم اللغات الشائعة، ما يعني تكثيف دروس الألمانية والإيطالية والصينية والروسية. في ما يخص اللغة العربية، تَحدَّد سبب تعليمها في {دروس اللغات وثقافات المنشأ} التي تطوّرت خلال السبعينيات على شكل اتفاقيات ثنائية وقّعت عليها فرنسا مع بلدان المهاجرين الأصلية مثل المغرب وتونس والجزائر، لكن ينطبق هذا المبدأ أيضاً على البرتغال وإيطاليا وتركيا...ارتكزت تلك الاتفاقيات على الفكرة القائلة إن المهاجرين لديهم أولاد سيرغبون يوماً في العودة إلى بلدانهم. بدأت الفكرة انطلاقاً من تجربتي الخاصة. ولدتُ في المغرب ووصلتُ إلى مدينة {أميان} في عمر الرابعة ولم أكن أجيد الفرنسية، فشاركتُ في {دروس اللغات وثقافات المنشأ} ولم أفهم كلمة واحدة. لاحظتُ شوائب النظام المستعمل. بعد 40 سنة على نشوء تلك الدروس، بدأت تطرح مشكلة: يجتمع الأولاد فيها بحسب بلد المنشأ ولا يمكن التحكم بنوعية الأساتذة. أدرك وزراء التعليم المتلاحقون خلال العقود الأخيرة هذه المشكلة لكن لم يحرك أحد ساكناً من باب الكسل والجُبْن.كيف يعمل النظام الجديد؟يُدعى النظام الجديد {دروس دولية باللغات الأجنبية} ويجمع مختلف اللغات الأجنبية الشائعة التي لا يُعَلّمها معظم المدارس الابتدائية الفرنسية. نستعين بأساتذة من الدول الشريكة لنا لكننا نشترط أن يجيدوا اللغة الفرنسية ونشارك معهم في صياغة البرامج. أصبح هذا النظام ساري المفعول مع المغرب والبرتغال بدءاً من الموسم الدراسي الراهن. وسيبدأ العمل باللغات الأخرى في الموسم المقبل.اضطرابات
مع اشتداد الاضطرابات على خلفية هوية الأفراد، هل تعتبرين تعليم اللغة العربية جسر عبور بين الثقافة الأصلية والجمهورية؟إنها ميزة إضافية لجميع الطلاب الذين يتعلّمونها. حين تولّيتُ هذه الوزارة، بدأ اليمينيون يشككون بنواياي. في ما يخص مراجعة برامج السنة الماضية، زعموا مثلاً أنني أقلّص مكانة الدين المسيحي في حصص التاريخ مقابل توسيع مكانة الإسلام.هل أنت مستهدَفة؟طبعاً! نادراً ما أتكلم كي لا أقع في الفخ ولا أضطر إلى أداء دور الضحية أو الدفاع عن نفسي. لا أهمية لهويتي الشخصية، بل الأهمّ هو ما أفعله كوزيرة في هذه الجمهورية.لم شمل الأسر... واللاجئون
يريد نيكولا ساركوزي وغيره منع برامج لمّ شمل الأُسَر... تقول نجاة فالو بلقاسم في هذا المجال: {يستعمل نيكولا ساركوزي أرقاماً غير دقيقة بأي شكل}، وتشرح: {لا تحصل 90 ألف عملية ضمن برنامج لمّ شمل الأُسَر في فرنسا سنوياً بل 20 ألفاً. أما الآخرون، فهم أجانب يأتون لمقابلة أهاليهم... الفرنسيين. من المدهش أن يعود معسكر اليمين، باستثناء آلان جوبيه الذي يقاوم هذه النزعة الشعبوية، إلى مبادئ اليمين المتطرف، بمعنى أنه يضع الأجانب بمصاف الأعداء}.وحول كونها ابنة أسرة أُعيد لمّ شملها، توضح: {صحيح، لكني أؤكد اليوم أن شخصيتي تأثرت بشكل أساسي بالظروف الاجتماعية التي كانت سائدة في طفولتي. يتأثر الأولاد ببيئتهم الاجتماعية أكثر من هويتهم. هذا ما تحدّث عنه ديدييه إيريبون وآني إرنو حين تكلّما حول صعوبة الانسلاخ عن الطبقة الاجتماعية والخروج من الخجل الاجتماعي.أما حول الفرق في طريقة استقبال اللاجئين بين ألمانيا وفرنسا، فتؤكد بلقاسم أنها لا تكفّ عن التفكير بسؤال واحد: لماذا يقول الناس المضطهَدون إنهم لن يتلقوا أفضل ترحيب في فرنسا؟}، تتابع: {لا شك في أن هذا الموقف يريح الانعزاليين. لكن حين ألاحظ شخصياً أن البحر المتوسط القريب منا أصبح مقبرة جماعية، أفكّر بأننا نستطيع حتماً تحسين جهودنا في هذا المجال}.
لا يستهدف البوركيني الجمهورية الفرنسية بل حرية النساء
ولدتُ في المغرب ووصلتُ إلى مدينة {أميان} في عمر الرابعة ولم أكن أجيد الفرنسية
نادراً ما أتكلم كي لا أقع في الفخ ولا أضطر إلى أداء دور الضحية
ولدتُ في المغرب ووصلتُ إلى مدينة {أميان} في عمر الرابعة ولم أكن أجيد الفرنسية
نادراً ما أتكلم كي لا أقع في الفخ ولا أضطر إلى أداء دور الضحية