مازن خداج في معرضه الجديد «عواطف متحركة»... خطوط وألوان تستكشف الذات والآخر

تعرض غاليري {آرت سبايس} في بيروت مجموعة من اللوحات وأعمال فيديو للرسام التشكيلي اللبناني مازن خداج، تحت عنوان {عواطف متحركة}، وهو المعرض الفردي الثالث له.

نشر في 13-09-2016
آخر تحديث 13-09-2016 | 00:00
في مجموعته {عواطف متحركة}، يعتبر مازن خداج (فنان متعدّد الاختصاصات) الشكل الإنساني في علاقة مع الرغبات الجماعية والفردية، سواء كمجموعة أو ثنائية أو فردية، ففي أعماله المتعددة الأنواع التي تشمل تركيب اللوحة والفيديو يركّز على حركات تتمايل للانفتاح على اكتشاف الذات ضمن أشكال جديدة في المجتمع، عابرة أو قد تبقى طويلاً.

باستخدام ضربات فرشاة شفافة ومسطحة، وحقول ألوان مشبعة، تعبّر لوحات خداج عن احتفال تارة، وقلق الإنسان لدى تفاعله مع الجماعة طوراً. تركيب الفيديو، {العين}، يدعو المشاهدين لرؤية من فوق سلسلة من الإجراءات على الأرض تماماً كما رآها هو من مرسمه.

ولد مازن خداج عام 1985، يرسم وينحت منذ طفولته، ويستلهم أفكاره من حياته الاجتماعية ومحيطه، راسماً الناس والحيوانات، معتبراً ذاته محور لوحته. درس الفنون (رسم، وفيديو، وتصميم غرافيتي) في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا في بيروت وتخرج حاملاً شهادة في التصميم الغرافيتي، وعمل في شركات إعلان عدة، قبل أن يكرّس وقته للفن.

جرأة وقوّة

تتميّز أعمال خداج بألوان جريئة وخطوط قوية وعريضة عبر تقنية الغواش والأكريليك، هي بمثابة إيماءات للشكل الإنساني، يستلهمها الفنان من الوعي حيناً واللاوعي حيناً آخر.

أقام معرضه الفردي الأول عام 2013 في غاليري {آرت سيركل}، وفي 2015 عرض للمرة الأولى تجهيزاً له، شكّل خطوته الأولى نحو تطوره كفنان متعدد الاختصاصات. يركز في أعماله على العلاقة بين الفرد والمجتمع. في خريف 2015، شارك في معرض جماعي في لايبزيغ- ألمانيا واستكشف طرقاً جديدة في الرسم والتقنيات الحديثة. ويقيم حالياً بين ألمانيا وبيروت.

في معرضه الجديد، عرف مازن خداج كيف يطوّع مادة الأكريليك لتصبح مرآة تعكس ذاته الغائصة في الواقع، مبتعداً عن الأحلام التي طالما زينت لوحاته السابقة، من هنا تتفاوت درجة استعماله للون وفق الموضوع الذي يطرحه وحالته النفسية خلال رسمه تفاعلات ذاته مع الأحداث ومع محيطه القريب والبعيد، ولا عجب في ذلك فريشته تنبض بما تراه عيناه ويتأثر به قلبه وعقله، لا سيما معاناة الإنسان في أي مكان في العالم. لذا تبدو أعماله حية، تسير جنباً إلى جنب مع حركة الحياة بكل مرارتها، ألوانه قاتمة في معظمها وتسيطر عليها الضبابية، فتتحرك الأشكال خلفها وتعيد تكوين ذاتها بواسطة الحركة، من دون أن تكون لها وجوه محددة لكأنها أضاعت وجوهها في خضم ما يحدث من أزمات وتوترات من هنا وهناك...

لا شك في أن تنقل مازن خداج بين لايبزغ الألمانية وبيروت أغنى تجربته الفنية لجهة استخدامه التقنيات، وتطوره في اتجاه إبراز كل شكل وكأنه حالة خاصة، وهو في كل ذلك يجري اختباراً حسياً، ولا يعتمد على المخيلة، فالواقع مليء بتناقضات غاص فيها وجعل منها مادة دائمة لأعماله، فهي تتجدد كل يوم مع كل حدث، وتدفعه إلى الثورة ورفض كل الممارسات التي تذلّ الإنسان.

الخط واللون صنوان لا ينفصلان عند مازن خداج يروي من خلالهما حكاية شاب وجد نفسه وسط ظروف فرضت عليه، فحاول بعاطفته المتحركة أن يعبر عنها كما يراها هو في لوحاته، من دون أن يهرب من الواقع أو يجمّله.

اللقاء بالآخر، محور أعمال مازن خداج في معرضه الجديد، التي تسير جنباً إلى جنب مع رؤيته في داخل ذاته، مفسحاً في المجال أمام الآخر ليكتشفه بدوره، من هنا عنوان المعرض {عواطف متحركة}، هذه العواطف التي تسبح عكس التيار رافضة الاستسلام، ومشكلة مساحة تفاعل مع الآخر عززها مازن خداج بضرباته اللونية رغم أنها قاتمة، وألبسها رؤية متناسقة ومتجانسة لإنسان يحلم أن يكون كتلة عاطفة لا كائناً غريزياً يبطش ويقتل ولا يشبع من سيل الدماء...

مازن خداج فنان شاب، تعامل مع الفيديو والريشة واللون بتناسق وتناغم، وجعل هذه العناصر تحمل كل ما يعتمل في نفسه من عواطف جياشة، يحركها كيفما يشاء باتجاه الآخر، عله يدخل هذا الآخر في دائرته ويبعده عما يجول في نفسه من عدائية وظلم... باختصار، يضع إصبعه على جرح الإنسان في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين الذي يسير بخطى سريعة إلى هاوية اليأس والدم والدمار.

back to top