كيف نتجاوز فشل الحب؟

نشر في 08-09-2016
آخر تحديث 08-09-2016 | 00:03
No Image Caption
لا يجيد كثر تجاوز شعور الخيبة الذي يرافق فشل العلاقات العاطفية فيتساءل الجميع: من يستطيع مساعدتنا لتخطي هذه المحنة التي تُعتبر من أصعب التجارب على الإطلاق؟
أصبح الحزن العاطفي اليوم عائقاً اجتماعياً وقد يحرمنا من «فاعليتنا». لكن يمدّ مدرّبون كثر أيديهم لتقديم مساعدة عبر مؤتمرات وكتب وتوجيهات تضمن اتخاذ مسار إيجابي بعد وقوع الانفصال. أي طريق يجب أن نسلك حين نكون مستعدين لتقديم جميع أنواع التضحيات لوقف المعاناة؟ في ما يلي أربع مقاربات محتملة ويتوقف الخيار على وضع كل شخص منا...

الفلسفة لمواساة الذات

تهدف هذه المقاربة إلى وقف المساعي الرامية إلى استبدال ما فقدناه. ما الداعي لتبني مقاربة تدميرية تمنعنا من إيجاد المواساة التي نحتاج إليها؟ لا يستطيع الشخص أن يجد المواساة التي يبحث عنها حين يقرر استبدال «الآخر» بالحزن ويرفض جميع الوسائل التي يمكن أن تريحه. بالنسبة إلى هذا الشخص، يعني نسيان الحب خيانة مشاعره لذا يرفض هذا المبدأ. يُرسّخ هذا الوضع احتمال الغوص في التعاسة والنقص. أو قد يفضّل الفرد إنكار الخسارة التي عاشها عبر الانغماس في العمل أو الرياضة، أو قد يصاب بما يسمى «فقدان الشهية العاطفية». في الحالتين، يدّعي الشخص أنه يستطيع المضي قدماً لتجاوز حزنه.

المبدأ: تتطلب المواساة رفض ما نحبه وتقبّل عواقب هذا القرار، فضلاً عن التفكير بخيارات محتملة أخرى. تدعو هذه الفلسفة إلى التوجه نحو الفن بكافة أشكاله لأنه وحده يعتبر جرح الحب متفرّداً ويعطيه طابعاً عالمياً. إذا أردت أن تصبح «حكيماً»، استمع إلى الموسيقى أو تأمّل منحوتات ولوحات أو اذهب إلى السينما ولا تنسَ أهمية الأدب. تُفرِّغ الأفكار المتنوعة الأحزان وتشكّل وسيلة للاغتناء الذاتي.

حدود المقاربة: تساهم الفلسفة في تعميق التفكير ووقف تحمّل العواقب. لكن لا بد من التحلي بالهدوء والصبر وتخصيص وقت كافٍ لهذه المقاربة كي تعطي مفعولها.

«المغناطيسي» لتبسيط الموقف

تسمح هذه المقاربة للطرف الآخر بالسير في طريقه وتُمَكّنك في الوقت نفسه من السير في طريقك. في هذه المقاربة «العاجلة»، يسعى التنويم المغناطيسي إلى تشجيعك سريعاً على التخلي عن مسار الاتكال العاطفي. يجب أن يتحدث المريض، في المرحلة الأولى، عن حزنه قبل أن يسمح للحبيب السابق بمغادرة روحه عبر تذويب الأعباء العاطفية المرتبطة به. تهدف هذه الطريقة إلى تسريع المراحل الإلزامية للحداد العاطفي: الإنكار، الغضب، الظلم، الحزن، الاكتئاب... ثم تجديد الحياة! تحصل هذه العملية كلها في أقل من ستة أشهر.

المبدأ: يتخذ الفرد وضعية مريحة ويدخل في حالة متبدّلة من الوعي. يوجّهه المعالج عبر استعارات وصور متنوعة ويفسّر الخسارة التي يعيشها بطريقة مختلفة ويسمح له باستيعابها بهدوء. في هذه المرحلة، لا بد من تجاوز الصدمات ووضع معايير آمنة. خلال هذا المسار العلاجي كله، يتأكد المعالج من إخماد مشاعر الندم والرغبة والحنين والحقد والكره تجاه الحبيب السابق.

حدود المقاربة: قد يقاوم المرضى آثار التنويم المغناطيسي الذي يبقى في بعض الحالات مجرّد «إيحاء»: هل يؤدي زرع فكرة أو صورة أو قناعة في العقل إلى الأثر الذي يعطيه تبلور الأفكار عملياً؟ لكل فرد وضعه الخاص!

التحليل النفسي لإعادة بناء الذات

لا نُشفى من المعاناة لأننا نسترجع الذكريات بل نسترجع الذكريات حين نُشفى. عند مواجهة خيبة عاطفية، لا بد من عيش تجربة الحزن الشائعة التي يعرفها الجميع. ربما تؤكد نظريات فرويد ارتباط الحداد العاطفي برواسب من المشاعر المكبوتة خلال الطفولة، لكنها تعتبر أن المقاربة العلاجية المدروسة تسمح للقلب المكسور بإنكار المعتقدات السابقة وتوسيع هامش الحرية الشخصية.

المبدأ: لا ندخل في حالة من التعاسة والحزن إلا إذا فقدنا الشخص الذي نحبه أو خسرنا شعور الحب بحد ذاته. يؤكد التحليل النفسي على الأضرار التي يسببها الحب. لكن من السخافة أن نتمسك بوهم «كبح الحب» لأنه يشبه أن ندّعي القدرة على تطوير مشاعر الحب حين نقرر ذلك. عندما نظن أننا نستطيع السيطرة على كل شيء لتحقيق رغباتنا، سننكر بذلك ضرورة مواجهة المجهول الذي يعزز الحماسة في الحياة. دعا فرويد إلى بذل كل ما يلزم لتجاوز المحنة قدر الإمكان. لا يمكن أن نعيد بناء نفسنا إلا من خلال استكشاف جوانب نفسية خاصة.

حدود المقاربة: بالإضافة إلى تخصيص الوقت اللازم لهذه المرحلة، يتطلب التجدّد إنشاء رابط معيّن مع الحياة الداخلية.

العلاجات السلوكية والمعرفية لإعادة التكيّف مع الوضع

تهدف هذه المقاربة إلى مقاومة الانفعالات والأفكار الهوسية. وفق هذا المبدأ، لا يجب اعتبار قدرة التحمّل اللازمة لمداواة جروح الحب صفة فطرية أو مساراً علاجياً، بل طاقة يجب تحريكها. خلال أشهر العلاج، يقضي دور المعالج بدعم المريض كي يعيد تكييف سلوكياته وأفكاره السامة. لكن تسمح له هذه الطريقة أيضاً بإنشاء شبكة اجتماعية وعاطفية جديدة.

المبدأ: تستعمل العلاجات السلوكية والمعرفية ثلاثة محاور عمل. على المستوى السلوكي، يتعلم المريض أن يخفف اهتمامه بعلاقاته مع الآخرين. يجب أن يقاوم انفعالاته عبر تحديات يحددها المعالج مسبقاً. من وجهة نظر معرفية، يدرك المريض أنّ تذكّر الحبيب يعزز الخيبة العاطفية ويعتاد على الاستيقاظ من وهمه. أخيراً، يسمح التأمل الواعي بتحسين طريقة التحكم بالعواطف. تكون هذه العلاجات فاعلة وتحث المريض على التساؤل عن «وضعه العاطفي المثالي». إذا أراد عيش «حب جنوني»، يجب أن يتقبل المعاناة التي ترافق الشغف. لكن إذا أراد عيش علاقة هادئة، من مسؤوليته أن يعيد تحديد معالم شخصيته.

حدود المقاربة: لا نفع من هذا العلاج إذا أردت التساؤل عن سبب فشلك المتكرر في الحب. تهتم العلاجات السلوكية والمعرفية بإيجاد طريقة تسمح بالانتقال إلى مرحلة جديدة.

back to top