غريزة عزيزة
ما بالنا؟ ما حدث لغريزتنا وطبيعتنا؟ متى وكيف انقلبنا على صغار جنسنا؟ نتناقل الأخبار صوراً وتسجيلات، نعيد ونستعيد المشاهد، مشاهد عادة ما ينقلها الصغار، ينقلها نحيبهم، رعبهم وذهولهم الصامتان، أجسادهم المنتشلة من تحت الركام أو على حواف الشواطئ.

وفي ذاكرتك يبقى عمران للأبد جالساً على كرسي سيارة الإسعاف البرتقالي، فوق خدوده يتراكم التراب، على عينه اليسرى يتجلط الدم، وقد صبغ البياض شعره والسواد ساقيه الصغيرتين. كلما خطرت لك الصورة دفعك دافع لأن تحتضن الصغير، تحمله بين يديك مدفئاً ذهوله، تمسح عينيه، تنفض شعيرات رأسه، تأخذه إلى قلبك، إلى داخل أعماق جسدك، تلحم عليه ضلوع قفصك الصدري، كل الأشياء التي نفعلها جميعاً بتلقائية مع الصغار، نعرفهم أو لا نعرفهم، هي طبيعة منيعة، مجذورة في النفوس، تعجن أرواحنا عند رؤية صغار جنسنا بالعطف والشفقة والرغبة في الوقاية.فما بالنا؟ ما حدث لغريزتنا وطبيعتنا؟ متى وكيف انقلبنا على صغار جنسنا؟ نتناقل الأخبار صوراً وتسجيلات، نعيد ونستعيد المشاهد، مشاهد عادة ما ينقلها الصغار، ينقلها نحيبهم، رعبهم وذهولهم الصامتان، أجسادهم المنتشلة من تحت الركام أو على حواف الشواطئ. نستنكر للحظة ونغرق في تبادل الاتهامات بقية الوقت الذي لم يعد متبقياً لنا أصلاً. نظام فاحش ومعارضة عنيفة وروسيا وإيران وأميركا وفرنسا وخطط غربية وتحالفات سرية وشيعة وسنّة، ويبقى إيلان للأبد نائماً على خد الموجة، وعمران للأبد جالساً وحيداً شريداً ذاهلاً على صفحة كرسيه البرتقالي، تلك سنّة الحياة، نحن نطبخها، ويدفع ثمنها إيلان وعمران.