مذكرة دفاع «الكرة» أمام «كاس» تكشف عورته!

قال إن الحكومة تتلاعب وتنتقم ولا تحترم استقلالية الحركة الرياضية

نشر في 14-08-2016
آخر تحديث 14-08-2016 | 00:04
محكمة التحكيم
محكمة التحكيم
كشف اتحاد كرة القدم عن عورته، ولم يعد لديه ما يخفيه عن الشارع الرياضي، من خلال المذكرة الملغومة التي رفعها أمام «كاس» متضامنا مع «الفيفا»، ومعتبرا نفسه خصما لخمسة أندية كويتية رفعت دعوى لإلغاء قرار الفيفا بتعليق النشاط الكروي في 17 أكتوبر المنصرم، وشهدت المذكرة توجيه العديد من الاتهامات للحكومة الكويتية، وموافقته على قرار تعليق النشاط ومنحه الشرعية.
مجددا تتكشف خيوط تعليق النشاط الرياضي، فبعد أن أثبتت المستندات والأدلة والبراهين، التي لا تقبل الشك أو حتى النقاش، تسبب اللجنة الأولمبية الكويتية في تعليق النشاط الرياضي على المستوى الخارجي في 27 أكتوبر الماضي، بموافقتها بشكل مباشر على قرار اللجنة الأولمبية الدولية، بل ومنحه الشرعية الكاملة، بدلا من العمل على الدفاع عن الحركة الرياضية، جاء الدور أيضا على مجلس إدارة اتحاد كرة القدم، الذي تسبب بشكل مباشر في تعليق نشاط كرة القدم على المستوى الخارجي في 17 منه، ولم يكتف بذلك بل قبل بالدخول كخصم متضامن مع الاتحاد الدولي للعبة ضد الأندية الكويتية التي رفعت دعوى على الفيفا لدى المحكمة الرياضية الدولية "كاس"، ووقف بجانب الفيفا لمنح الشرعية أيضا لقرار الإيقاف.

ويمكن القول إن اللجنة الأولمبية الكويتية واتحاد الكرة ليسا وجهين لعملة واحدة، بل وجه واحد لعملات عدة، وهناك الكثير من العوامل المشتركة بين الهيئتين، فرئيس مجلس إدارتهما هو الشيخ طلال الفهد، كما أنهما عملا دون هوادة على تجميد القوانين والضغط على الحكومة بغية تغييرها، واتخذا من الهيئات الرياضية الدولية وسيلة فعالة للتهديد تارة والوعيد تارة أخرى، إضافة إلى تحريضهما على تعليق النشاط، ومساندة الهيئات الرياضية الدولية ضد الأندية ولحكومة الكويتية.

"الجريدة" بدورها تسلط الضوء على المذكرات والمستندات التي قدمها اتحاد الكرة إلى "كاس"، في القضية التي حملت رقم 2015/A/4241، والتي رفعتها أندية العربي والفحيحيل وكاظمة والكويت والسالمية ضد الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، تطالب فيها بإلغاء قرار الاتحاد بإيقاف النشاط الرياضي الكويتي الخارجي، وللأسف الشديد بدلا من أن يساند الاتحاد الأندية قبل التدخل في الدعوى انضم إلى "الفيفا"، مطالبا برفض دعواهم لإلغاء قرار الإيقاف، وقدم هذه المذكرات والمستندات والملاحق للمحكمة لتبرير الإيقاف والدفاع عن قرار "الفيفا".

وللأسف الشديد أيضا كال الاتحاد للحكومة الكويتية العديد من الاتهامات التي ستأتي في السياق تباعاً، متهماً الحكومة والدولة بالتدخل والتآمر والتلاعب والانتقام وتصفية الحسابات، من أجل إحكام قبضتها على الأندية والاتحاد وسلب استقلاليتها!

وكان من الطبيعي أن تصدر "كاس" حكما برفض دعوى الأندية الوطنية بإلغاء قرار إيقاف النشاط الرياضي الكويتي الخارجي والتأكيد على استمراره.

وكان من البديهي أن يثير تدخل الاتحاد ضد الأندية، واتهاماته للحكومة والدولة، العديد من علامات الاستفهام والدهشة في آن واحد، بهذا الموقف الذي أقل ما يقال عنه إنه موقف مخز! خصوصا أنه كان يتعين أن يقوم الاتحاد بتحريك الدعوى بدلا من الأندية، أو على أقل تقدير مساندتها ودعمها ضد الفيفا، وليس الوقوف ضدها بهذا الشكل الغريب، الذي يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المنتفعين من الرياضة ديدنهم "الغاية تبرر الوسيلة"، و"مصلحتي ثم مصلحتي ثم مصلحتي ثم الآخرين"!

المذكرة الملغومة

نعود إلى مذكرة الاتحاد الكويتي لكرة القدم، وحتى لا يختلط الأمر على الكثيرين في حال كتابة اتحاد الكرة فقط، خصوصا أن ما اقترفه هذا الاتحاد من ذنوب وخطايا ضد الكرة واللاعبين والأندية أمر تقشعر له الأبدان ويندى له الجبين خجلا، ومن غير المقبول السكوت عما اقترفه!

وكانت البداية في المذكرة "كفر"، حيث أكد الاتحاد أنه بناء على قرار كونغرس الفيفا المنعقد في العاصمة المكسيكية مكسيكسو سيتي 12 و13 مايو الماضي، برفض رفع تعليق النشاط عن الكرة الكويتية، فإن إجراءات الاستئناف باتت مجردة تماما من أهميتها، وعليه فإن هذا الاستئناف يجب رفضه أو على أكثر تقدير عدم قبوله.

هذه هي بداية مذكرة الاتحاد الكويتي، التي يجب أن تدرس في الأكاديميات القانونية والعلمية، كي يسير الجميع على خطاها لاحقا، لكن ليس ضد أوطانهم وأبناء أوطانهم، بل ضد أعدائهم وأعداء أوطانهم، فمن يسعى لإلحاق الضرر بوطنه هو ابن "عاق" يجب ردعه بلا رحمة، حتى لا يقترف ما هو أكثر من ذلك مستقبلا!

واللافت أنه في مقدمة المذكرة تحدث الاتحاد مجددا عن التدخل الحكومي لتبرير إيقافه، إذ شدد على أنه يجب أن يكون عضو الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" متحررا من أي تدخل حكومي لا مبرر له، وإذا لم يكن الأمر كذلك فإن عضو الجمعية العمومية يكون مخالفا للنظام الأساسي للفيفا، الأمر الذي يتسبب في إيقافه.

ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد

هذه الجزئية أراد الاتحاد الكويتي من خلالها ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، وهو التأكيد على قانونية إيقافه إلى جانب الحديث مجددا عن التدخل الحكومي، وهو أمر اعتاد الاتحاد أن يضعه في جملة مفيدة أو غير مفيدة بشكل متكرر ودائم!

ولم يكتف الاتحاد بذلك، بل تطرق إلى أن الحكومة ووزارة الشباب لم يتبنيا فقط قانونين جديدين يقومان بسحب حريات أساسية من المؤسسات الرياضية الكويتية، بل ردود فعل واسعة النطاق ضد جميع الحركات الرياضية في الكويت شملت كمّا هائلا من الدعاوى القضائية.

وذكر الاتحاد في مذكرته الملغومة أنه طالما لم يطعن على قرار الإيقاف بتقديم استئناف ضد القرار، فإنه وفقا للقانون القضائي للمحكمة الفدرالية السويسرية، فإن القرارات المستأنفة تكون بالتالي نهائية وملزمة مع الأثر القانوني المواجه لجميع الأعضاء، ولم تعد "كاس" الجهة المختصة بإلغائها، وهو بذلك يؤكد مرة ثانية وثالثة ورابعة شرعية القرار وقانونيته، طاعنا على الاستئناف عليه.

واتهم الاتحاد الكويتي، في مذكرته، الحكومة الكويتية بأنها تقف بشكل أساسي وراء جميع الدعاوى القضائية، سواء تلك التي رفعت عن طريق القضاء الكويتي أو أمام الكاس.

وأراد الاتحاد من خلال هذا الأمر، تأكيد أن الأندية الخمسة، وهي الكويت والعربي والفحيحيل والسالمية وكاظمة، مسلوبة الإرادة، وتعمل بتوجيه من الحكومة والهيئة العامة للرياضة، وهي مجرد أدوات ليس إلا، وفقا لمزاعمه الملغومة!

ويواصل الاتحاد اتهاماته للحكومة الكويتية بأنها أساءت ومعها الأندية الخمسة لـ "الكاس"، باستئناف قرار "فيفا"، وذلك بغرض تنفيذ استراتيجية سياسية وقانونية للوقوف أمام إجراءات قانونية مبررة تم اتخاذها بواسطة الهيئات الرياضية الدولية، التي تدافع عن استقلالية الهيئات الكويتية من التدخل الحكومي!

وتطرق الاتحاد في اتهاماته إلى أن الحكومة الكويتية تتجاهل ولا تحترم المبادئ الأساسية لاستقلال الرياضة، مشددا على أن الحكومة فضلت الاستمرار في المناورة لإحكام سيطرتها على الأندية والاتحادات.

ويبدو أن الاتحاد يتناسى بشكل دائم أن الحكومة تراقب فقط عبر الهيئة العامة للرياضة على النواحي المالية فقط، لكونها الداعم الوحيد لجميع الهيئات الرياضية الكويتية.

الغريب في الأمر أن الاتحاد ادعى في المذكرة ذاتها أن الوفد الشعبي الذي زار عددا من الدول كان يؤكد أنه ممثل لاتحاد الكرة وهو ما لم يحصل، ولم يكتف بذلك، بل أكد أن الوفد تم تشكيله من قبل الحكومة، التي أرادت التدخل بقوة بالتأثير في صناع القرار بدول العالم من أجل رفع تعليق النشاط وهو ما لم يتحقق، وفقا لمزاعمه الوهمية.

واللافت للنظر، كما كان متوقعا، هو لجوء الاتحاد إلى المواطن الكويتي حسين المسلم للشهادة أمام "كاس"، بصفته رئيسا للجنة العلاقات القانونية والدولية في اللجنة الأولمبية الكويتية، وهنا أحسن الاتحاد الاختيار كعادته، لكون المواطن حسين المسلم خير من يشهد ضد الحكومة والأندية الوطنية، وخير من يؤيد قرارات الهيئات الرياضية ضد الرياضة الكويتية، علما بأنه مثل اللجنة الأولمبية في اجتماع لوزان، وتحدث ببسالة يُحسد عليها عن عدم توافق القوانين الوطنية مع الميثاق الأولمبي الدولية، ويا ليت الكويت بها مواطن مثله يعمل معها ومع مصلحة البلاد لا ضدها، فالأمور لا تتحمل شخصيتين مثل المسلم يقف ويشهد ضد الكويت ورياضتها ورياضييها.

ويبدو أن مسؤولي الاتحاد اعتبروا المذكرة فرصة سانحة لبث سمومهم وأفكارهم، بحثا عن مكاسب وهمية، تجعلهم ينحون كل من هم ضدهم جانبا، كي يتمكنوا من أن يصبحوا القوى العظمى الوحيدة في البلاد، فهم لا يريدون مراقبة مالية، كما أنهم يريدون قوانين لابد أن تتوافق مع مصالحهم الشخصية وتتيح لهم التحرك مثلما يريدون، واتخاذ قرارات كما يحلو لهم.

فالاتحاد يتحدث مرارا وتكرارا عن التدخل الحكومي، ويلقي الاتهامات جزافا على الحكومة والهيئة العامة للرياضة بشكل مرسل وبأسلوب إنشائي صرف، ولم يتحدث عن وقائع معينة، ولم يثبت بالدليل اتهاماته، لتبقى مجرد اتهامات لا طائل من ورائها، فالاتحاد يرى أنه لا شيء يضاهي مستوى الرقابة في الكويت، وأن التدخل الحكومي غير مبرر، وأن كل ما يسن من قوانين الهدف الأول منها الحد من حرية الهيئات الرياضية واستقلاليتها.

انتقاد القوانين

وعرج الاتحاد خلال المذكرة نفسها على أنه واجه، ومعه "فيفا"، الحكومة الكويتية التي تبين أنها ليست المخالف المتكرر فحسب، بل ثبت خلال الأعوام العشرة الماضية أنها تفتقر بشدة لاحترام استقلالية الهيئات الرياضية!

وبالطبع لم يفت الاتحاد توجيه الانتقادات للقوانين، موضحا أن القوانين 117/ 2014 و25/ 2015 المعمول بها تمنع الحريات الأساسية عن كل المنظمات الرياضية في الكويت، وأنها ترسي الأساس للتدخل الشاسع من دون مبرر من الحكومة الكويتية في الحركة الرياضية بالكويت.

وذهب الاتحاد إلى ما هو أكثر من ذلك، حين أوضح التطبيق الحالي لهذه التشريعات على أرض الواقع، جنبا إلى جنب مع الضغط المستمر والتهديدات المفروضة على ممثلي الحركة الرياضية الكويتية، يؤكد أن الطريقة الوحيدة لتخفيف هذا الوضع المؤسف تتمثل في تعليق ووقف أنشطة الكرة الكويتية، على أمل عودة حكومة الكويت وترك المجال أمام الهيئات الرياضية في الكويت لممارسة حريتها في تشغيل وإدارة الرياضة بطريقة مستقلة ومناسبة!

رئيس «الساحل»... العصفور أم العجمي؟
من المفارقات في مذكرة اتحاد الكرة الملغومة اللجوء إلى رئيس نادي الساحل للإدلاء بشهادته أمام المحكمة الرياضية الدولية (كاس)، والمفارقة لا تكمن في اختيار رئيس نادي الساحل، ولكنها تكمن في تأكيد أنه حسين العصفور كما هو موضح في الصورة، علما بأن رئيس النادي هو غصن فهاد العجمي.

والسؤال الذي يطرح نفسه حاليا من شهد أمام "كاس"، هل حسين العصفور بصفته رئيس نادي الساحل في المذكرة، أم الرئيس الحقيقي غصن فهاد العجمي؟ أم لم يشهد أحد؟!

back to top