قاسم ياسين: «محاولات فكّ أسر الشهيد» أبكت الجمهور

نشر في 11-08-2016
آخر تحديث 11-08-2016 | 00:04
شارك الفنان الكويتي قاسم ياسين في معرض الفنانين الكويتيين الذي أقيم في القاهرة ولفت انتباه الحضور بأعماله المميزة التي تجسد مسيرة كفاح الكويت ونهضتها، إذ تمثل لوحاته عن الشهداء الذين بذلوا أرواحهم في خدمة الوطن مرآة حية على مر الأجيال، منذ معرضه الأول «محاولات فك أسر الشهيد» عام 2003، ثم توالت معارضه الشخصية، ومشاركاته الدولية، وإسهامه الفريد في المزج بين فنون الخط العربي وجماليات التشكيل، حتى أصبح أحد رموز التشكيل الكويتي.
التقته {الجريدة} على هامش فعاليات المعرض الجماعي لفنانين كويتيين في القاهرة وكان الحوار التالي.
كيف انبثقت فكرة إقامة معرض لفنانين كويتيين في القاهرة؟

جاء المعرض في إطار تبادل ثقافي بين الكويت ومصر، إذ تلقى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، دعوة من وزارة الثقافة المصرية، لإقامة معرض لفنانين كويتيين في مركز محمود مختار بالقاهرة، وكلفت بالإشراف عليه، إلى جانب فيصل الدرويش، مدير إدارة الفنون، وعرضنا 37 لوحة تمثل تيارات ومدارس فنية مختلفة، نأمل مستقبلاً أن تتنامى الفعاليات الثقافية بين البلدين الشقيقين، ونأتي بمئة لوحة وعمل فني، فلدينا حركة تشكيلية زاخرة بعطاء متفرد في الرسم والتصوير والنحت وغيرها.

ما أبرز المحطات الفارقة في مشوارك الإبداعي؟

بعد تخرجي في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة عام 1980، تهيأت الظروف أن أكمل دراستي العليا في أميركا، ودرست فن الطباعة بقسم الغرافيك، لكني أصبت بإجهاد من كثرة العمل في المختبرات والورش، وانتقلت إلى قسم الرسم والتصوير تخصص ألوان مائية، وحصلت على الماجستير عام 1983 في {أتراكت آرت}.

كيف تحولت من العمل في الأرصاد الجوية إلى احتراف الفن التشكيلي؟

«ضاحكا» هذا جزء من حياتي، بدأ بعد حصولي على الثانوية العامة، عملت في الأرصاد لمدة أربع سنوات، وكنت من الرصاد المميزين، وطالما طمحت أن يرسلونا إلى الدول المتقدمة، لتكملة ما تعلمناه، لكننا تقوقعنا في عملنا، وكان المسؤولون يعرفون قدراتي الفنية في رسم البورتريه واللوحات، ويقولون: أنت فنان ويجب أن تدرس، وبالفعل انطلقت إلى القاهرة.

هل واجهتك صعوبات في إكمال مشوارك الأكاديمي؟

عندما عدت من أميركا بعد حصولي على الماجستير، كان طموحي أن أكمل دراستي العليا «الدكتوراه»، إلا أن ظروف الحرب آنذاك بين العراق وإيران، أثرت على اقتصاد المنطقة، وتقلص الدعم للمبتعثين، وتقرر عودتنا للعمل في الكويت لمدة عامين، ثم نستأنف الدراسات العليا، فعملت في بعض كليات التربية الفنية، ومدارس ذوي الاحتياجات الخاصة، واستمرت حياتي المهنية والفنية.

فلسفة الجماليات

كيف جاءت فكرة معرضك الأول «محاولات فك أسر الشهيد»؟

بعد تخرجي، انطلقت في مراحل فن «الألوان المائية» و{الأكليريك» وعكفت على مشروع يتناول قضية إنسانية، ويتعلق بالأسرى الكويتيين في المعتقلات العراقية من 1990 إلى فترة تحرير العراق، واكتملت لوحات معرضي الأول {محاولات فك أسر الشهيد} (2003)، عبرت من خلاله عن غياب محاولات الأمم أو الجهات الرسمية والدولية في البحث عن الأسرى.

هل تعتبر المزج بين فنون الخط العربي والتشكيل نقلة نوعية في إبداعك؟

بعد معرضي الأول توقفت لفترة، ثم انتقلت إلى مراحل أخرى ناضجة تتناول الإنسانيات والوجدان، من خلال التعبير الخطي والتشكيلي، وطمحت إلى فعل شيء مختلف، في البداية توقفت عند آيات قرآنية، وفكرت كيف أوظفها في لوحة، وهل أنا أرسم أم أخط، فعثرت على مبتغاي في رسم جماليات الكون، والشجر وتعرجات الأنهار، كأنها أشكال كتابية، وحولت المفردة اللغوية إلى شكل عضوي متحرك، كأنه جزء من مكونات الطبيعة.

إلى أي مدى تأثرت أعمالك بخصوصية البيئة والتراث الكويتيين؟

ثمة فنانون كويتيون، يستثمرون الموضوع الاجتماعي والبيئي والتراثي، وهو جزء من بصمات أعمالهم، ويبرزونها بشكل واقعي أو تجريبي معاصر، كل بحسب اجتهاده، بالنسبة إلي تعاملت مع فلسفة الجماليات من خلال المفردة اللغوية، وسخرت خبراتي وإمكاناتي للتعبير عن قضايا إنسانية، وذلك منذ معرضي الأول، فلكل لوحة قصة، وكان الحضور يتنقلون في جنبات المعرض، ويقولون: أنت أبكيتنا وفتحت جروحاً من خلال فنك، كأننا بأرواحنا ندور في جنبات هذه المدن والضواحي، ونسعى بحثاً عن الغائبين.

كيف يمكن للفنان العربي التوفيق بين الموروث والتيارات الفنية الحديثة؟

لا شك في أن ثمة خبرات متراكمة لكل فنان، البعض تأثر بالمدارس الحديثة، وعمل في التجريب، الانطباعية، التعبيرية، السوريالية والتكعيبية، وتطرق إلى قضايا معظمها محلية واجتماعية. ليس عندنا فنان مغترب، أو يعبر عن أشياء ليست من صميم تجربته وخصوصية بيئته، مثل الأعمال السوريالية للفنان محمد الشيباني، فله تاريخ طويل في طرح قضايا الواقع العربي أو المحلي، وانتقل من مرحلة الرموز إلى آفاق تعبيرية أكثر رحابة.

كيف تنظر إلى تكريمك الأخير في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة؟

خلال الشهرين الأخيرين زرت مصر ثلاث مرات، وحظيت بتكريم من كلية الفنون الجميلة، المكان الذي تربيت وتعلمت فيه، وأعتبره وساما على صدري، وفي مناسبة أخرى، دعيت كضيف شرف في ملتقى بصمات الفنانين التشكيليين العرب الذي أقامته مؤسسة وحيد بلقاسي، ومنحتني أوسكاراً وميداليات، والتكريم الثالث حين تمّ اختياري كمشرف عام للمعرض الكويتي بالقاهرة، وأتطلع مستقبلا لإكمال الدراسات العليا، كي أحظى بالتكريم الرابع في مصر.

محطات ومشاريع

درس الفنان قاسم ياسين الفن التشكيلي في كلية الفنون الجميلة في القاهرة جامعة حلوان، وكان ترتيبه الأول على جميع أقسام الفنون، باستثناء السنة النهائية، حيث حصل على الترتيب الثاني على مستوى الكلية، ونال الماجستير في الفن العملي تخصص ألوان مائية في جامعة متشيغان بالولايات المتحدة الأميركية.

تعلم الفنون كلها، ومارس النحت والطباعة والرسوم المتحركة وغيرها، «لكن ظروف الحياة تجعلني أعطي بقدر ما، حسب قوله.

يستعد ياسين لتنظيم معرض تشكيلي جديد في مطلع العام المقبل، يقول عنه: «أنتظر الموافقة من الجهات المختصة، وإن كانت الظروف مهيئة، أتفق معهم على الجوانب التحضيرية، وسأستمر في الإنتاج».

بعد معرضي الأول توقفت فترة ثم انتقلت إلى مراحل أخرى ناضجة تتناول الإنسانيات والوجدان

الحركة التشكيلية الكويتية زاخرة بعطاءات متفردة في الرسم والنحت والتصوير
back to top