خاص

معرفي لـ الجريدة•: إهمال صناعة البتروكيماويات في الكويت تاريخي... والتدخلات السياسية سبب رئيسي

«أضعنا الكثير من الفرص وأُهدرت الأموال منذ منتصف السبعينيات لتطوير الصناعة»

نشر في 09-08-2016
آخر تحديث 09-08-2016 | 00:04
No Image Caption
أكد عضو المجلس الأعلى للبترول السابق موسى معرفي، أن الكويت أضاعت الكثير من الفرص، وأهدرت العديد من الأموال منذ منتصف السبعينيات لتطوير صناعة البتروكيماويات، مشيرا إلى أن «كل من شارك في وضع الاستراتيجية الأولى لهذه الصناعة، وأنا أحدهم، يتألم ويتحسر على ما وصلت إليه الكويت الآن، وفي المقابل هناك تطور واضح في دول الخليج».
وأوضح معرفي في حديث لـ«الجريدة» أن عدم الاهتمام وإهمال هذه الصناعة تاريخي ومتسلسل، والتدخلات السياسية من مجالس الأمة المتعاقبة ساهمت في عرقلة التطور الاقتصادي بشكل عام، والنفطي بشكل خاص، وخضوع الحكومات الضعيفة للضغوط من بعض النواب، الذين كانت لهم أجندات سياسية، ساهم في إجهاض مشاريع لتطوير القطاع النفطي، آخرها «كي- داو».
وأضاف أن تطوير صناعة البتروكيماويات بدأ العمل فيه منذ أوائل السبعينيات من القرن الماضي، إذ تم تشكيل لجنة من شركة صناعة البتروكيماويات البترولية، ووضعت استراتيجية لصناعة البتروكيماويات، و«من هنا بدأت فكرة مصنع العطريات، وكانت هناك مفاوضات مع شركات أميركية، وأوصى مجلس الوزراء آنذاك بأن يكون هذا المشروع خليجيا مشتركا، وتم التباحث مع الأشقاء في الخليج، وأعطيت
أشار معرفي إلى أن الكويت لم تبدأ بتطوير الصناعة إلا مطلع التسعينيات من القرن الماضي من خلال مشروع "إيكويت"، مؤكداً أنها "بالفعل متأخرة في صناعة البتروكيماويات، والسبب عدم اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب لهذه الصناعة"، مستشهداً بفكرة المصفاة الرابعة التي بدأت بعد غزو النظام العراقي وإلى اليوم لم يتم الانتهاء منها.

وأضاف "على الحكومة الكويتية في المرحلة المقبلة ألا تتردد في اتخاذ القرار، وألا تنحني لأي أصوات قد لا تفقه في صناعة البتروكيماويات والصناعة النفطية".

لو مضت الكويت في «كي- داو» لأصبحت أكبر من «داو» الأم
قال معرفي: هل يعلم من ساهم في إلغاء مشروع «كي- داو» أنه لو تم المضي فيه لكانت الكويت استرجعت قيمة استثمارها بالكامل، بالإضافة الى العوائد المجزية مع تملك اصول منتجة وتراخيص, كما ان هذا المشروع اصبح اكبر من شركة «داو» الأم, حينئذ سيكون لنا نصيب من جميع الاستثمارات في المنتجات المشمولة بالصفة، ومنها شركة «صدارة السعودية».

«الأعلى للبترول»

وأوضح أن جميع المشاريع النفطية ليست من اختصاصات المجلس الأعلى للبترول، "إذ إن كل مشروع تختص به الشركة المعنية، لأن كل شركة تتبع مؤسسة البترول مستقلة بحكم قانون وذات كيان تجاري مملوكة للدولة، متسائلا لماذا تحول المشاريع إلى المجلس الأعلى للبترول ومن ثم موافقة المؤسسة؟"، مبيناً أنه "ليس مجلسا للموافقة على المشاريع، بل هو ما يحدد الاستراتيجيات العامة للصناعة النفطية".

وأضاف أن من بين عوائق صناعة البتروكيماويات في الكويت الهيئة العامة للصناعة، التي كانت من المفترض أن تكون عونا للصناعيين، ولكن أصبحت عبئا "وعلة" لانضمامها إلى العمل البيروقراطي.

البتروكيماويات السعودية

وقال معرفي، إن "أول دراسة لمجمع بتروكيماويات أعدتها الكويت قبل أن تقوم بها السعودية، والتي يقع مشروعها حاليا في منطقة جبيل، ولكن بعد انهيار أسعار النفط في سبعينيات القرن الماضي تأجل الموضوع ولم يُستَكمل"، مضيفا "نفس المشروع هو ما أعدته الكويت مع نفس الشركة الأجنبية، فقد أخذوا الخطوة وغامروا، إذ إن أوضاع الصناعة متدهورة في تلك الفترة".

وأشار إلى أن هذه الخطوة تم جني ثمارها، وتصدرت السعودية دول الخليج في صناعة البتروكيماويات، أما الكويت فلم تهتم بشكل كبير بصناعة الغاز وكان يتم حرقه، وكميات الغاز المصاحبة للنفط في السعودية كبيرة، وتم استغلالها في صناعة البتروكيماويات، إذ تمت تهيئة منطقة الجبيل بكل البنى التحتية لهذه الصناعة، وتوافرت الأراضي والخدمات.

وأوضح أنه "في أواخر الثمانينيات تولدت قناعة بأنه يجب أن تكون لدينا صناعة للبتروكيماويات، وأصبح لدينا شريك جيد، وهو شركة يونيون كاربايد قبل أن تمتلكها "داو"، إذ تم توفير مادة اللقيم لها إلى جانب خبرتها، ونجحت التجربة الأولى، ولكن عندما تكررت التجربة لم يتوافر الغاز الكافي".

وأضاف أنه "رغم ذلك تم توفيره على حساب متطلبات أخرى، خصوصا في ما يتعلق بتوفير الغاز لمحطات الكهرباء، وبعدها تم اتخاذ الخطوة الثالثة، وهو مصنع العطريات، الذي يعتمد على النافثا لا الغاز، وهو مكلف ماديا، وهي مغامرة وننتظر نتائجها التي نتمنى ألا تكون مخيبة، لأن المنافسة شديدة والتكلفة عالية".

عدم توافر الغاز

وأشار إلى أن الكويت تواجه مشكلة التدخلات السياسية، إضافة الى عدم توافر المادة الأساسية لصناعة البتروكيماويات، وهي الغاز، إلا في حال تم استكشاف الغاز الحر بكميات كبيرة تكفي للكهرباء والصناعة، وهذا يتطلب وقتا كبيرا، أما المشكلة الأخرى فتتعلق بعدم توفر أراضٍ صناعية، ولن توفر ولا يوجد أحد يوفرها، وهي تتطلب أيضاً بنية تحتية لها".

وقال "عندما يقال إن صناعة البتروكيماويات متأخرة فهذا صحيح، ويرجع إلى عدم وجود استعداد لقيام الصناعة، لكونها في تطور مستمر، ونحن لا نملك مراكز تطوير، وكل دول الخليج مقبلة خلال السنوات القادمة على فائض كبير من منتجات البتروكيماويات".

أرباح البتروكيماويات مجزية

وأشار معرفي إلى أن الفرصة متاحة في حال كانت هناك جدية في اتخاذ القرار لتطوير هذه الصناعة، "فهي تعتبر قيمة مضافة لاقتصاد الدولة، ومعظم أرباح الاستثمارات مجدية".

وقال "لو نظرنا، على سبيل المثال، بشكل تحليلي، لبعض بيانات شركة "الكيماويات البترولية" في الـ10 سنوات الأخيرة فإنه يتضح ما تقدمه هذه الصناعة, حيث يبلغ رأسمال الشركة 600 مليون دينار كويتي، وحجم الاستثمارات في مجال البتروكيماويات منها 450 مليونا بنسبة 75 في المئة من حجم نشاطها الكلي الممثل في مجال الأسمدة والبتروكيماويات".

وحققت الشركة في العشر سنوات الأخيرة أرباحاً صافية بلغت 1.5 مليار دينار, مع تكبّدها خسارة فادحة نتيجة إلغاء صفقة "كي داو"، وبلغت هذه الخسارة 695 مليونا، بالإضافة الى تكبد الشركة مصروفات دراسات واتعاب قانونية نتيجة للتحكيم الدولي الناتج عن الإلغاء بمبلغ 24 مليونا، مشيرا إلى أنه إذا ما تم تحييد هذه الخسارة الناتجة عن التدخل في قرارات الصناعات النفطية والبتروكيماوية، فإنه من الممكن أن تربح الشركة أضعاف هذا المبلغ.

وذكر معرفي أن متوسط العائد على الاستثمار الذي حققته مؤسسة البترول الكويتية مقابل الاستثمار في شركة صناعة الكيماويات البترولية في العشر سنوات الأخيرة يبلغ 25 في المئة، وحققت الشركة متوسطا عائدا على الاستثمار في نشاط البتروكيماويات في الفترة نفسها 32 في المئة. ونوه إلى أن الشركة حققت مؤخرا 269 مليون دينار من صفقة "ام إي غلوبال – إيكويت" في ديسمبر 2015، أي ما يعادل أكثرمن ضعف الاستثمار الأصلي من خلال بيع حصة تعادل 7.5 في المئة فقط من "ام اي غلوبال"، حيث ستحافظ على حصتها البالغة 42.5 في المئة من شركة "ام اي غلوبال "بعد عملية الاستحواذ.

الشركات العالمية لا تثق بالجلوس مع القيادات النفطية
أشار معرفي إلى أن تدخلات بعض النواب في القطاع النفطي ليست بهدف الدور الرقابي لمجلس الأمة، بل لمصالح وأجندات خاصة ساهمت في عرقلة تطوير القطاع، وأربكت العمل الدؤوب والمهني للعاملين فيه, وسببت للكويت خسائر مالية وسمعة دولية لدرجة أن الشركات العالمية لا تثق بالجلوس مع القيادات النفطية. وأضاف «دائما أكرر كثيرا على القيادة السياسية وضع حد لهذه التصرفات من بعض النواب».

خضوع الحكومات لضغوط بعض النواب ساهم في إجهاض مشاريع مربحة
back to top