فيلم Equals... لا يرقى إلى مستوى الأفلام الأخرى!

نشر في 06-08-2016
آخر تحديث 06-08-2016 | 00:01
تدور أحداث فيلم Equals (المتساوون) في مستقبلٍ بعيد، بعد دمار العالم، حيث يعيش بقايا البشر على شكل مجتمعٍ يخضع لأحكام صارمة ويُسمّى «المجموعة». يتحدث الرجال والنساء هناك بأصوات رتيبة وخافتة وتبدو وجوههم بلا ملامح ويكونون محصنّين ضد القوى التي تحرك مشاعر الغضب أو المتعة أو الدهشة. تكون الملابس التي يرتدونها بيضاء ومعقّمة تماماً مثل شققهم ومكاتبهم اللامعة والمعاصرة: لا يعكس هذا الأسلوب الجمالي مشاعر الكبت العاطفي الآلي في حياتهم ومظاهر الخيال العلمي الفاترة التي يَعْلَقون فيها فحسب بل يجسّدها حرفياً.
يشعر جميع الناس في هذا المكان بشيء من الملل: إنه الرد المنطقي الوحيد على عالمٍ يعتبر العاطفة انحرافاً ويمنع ممارسة الجنس ويخصّص كل طاولة غداء لشخصٍ واحد. أو ربما يتعلّق الملل أيضاً بسهولة توقّع المستقبل في هذا المكان، وفق الرؤية التي يطرحها الفيلم على الأقل.

يستعمل فيلم Equals الذي أخرجه دريك دورموس، بأجوائه الهادئة والرقيقة، مقاربة أقل تشويقاً مما ينبغي.

يسرد الفيلم ظاهرياً قصة شخصين يقعان في الحب ويقرران تحدّي محيطهما، لكن يبدو أن الهرب من هذا العالم الكئيب والهادئ حيث تترسّخ مظاهر الكسل اللامتناهية هو آخر ما يفكر به العمل.

نقابل في البداية سيلاس (نيكولاس هولت)، شاب وسيم لكن غير لافت يعمل كرسّام في شركة “أتموس” التي تُجري الأبحاث وتوثّق المعلومات عن العوالم الناشئة ما وراء هذا المكان (أو ربما العوالم التي وُجدت سابقاً).

يُعتبر عمل سيلاس الذي يشمل رسومات مفصّلة وغنية وشاشات دقيقة وعاملة باللمس أكثر عنصر مشوّق على مستوى بناء العالم في الفيلم ويعود ذلك جزئياً إلى الغموض الذي يرافقه.

أما التفاصيل الأخرى الواردة في سيناريو ناثان باركر (كتب سابقاً فيلم Moon (قمر) بالتعاون مع دانكن جونز وأنتجا عملاً أكثر نجاحاً في مجال الخيال العلمي البسيط)، فتُعرَض بأسلوب يتراوح بين التفسير المباشر والرمزية العميقة. حين يلاحظ سيلاس أنه بدأ يخسر تركيزه في العمل ويختبر أولى مظاهر الحزن والقلق والرغبة، تُشخَّص لديه “متلازمة التشغيل”، مرض عضال يعيق الحياة ويمكن اعتبارها حالة بشرية. يتعاطف معه البعض من أمثال جوناس (غاي بيرس) ويساعده لعيش حياة مثمرة وبنّاءة (ولو كانت صارمة بشكل مفرط).

سرعان ما يعرف سيلاس أن “المجموعة” تشمل عدداً كبيراً من “العناصر الخفيّة”، أي الأفراد الذين يخفون إصابتهم بمتلازمة “التشغيل”. تُدعى واحدة منهم بيس (جاكي ويفر) وتعمل في منشأة طبية خطيرة اسمها “الوكر” حيث يقبع المصابون بالمرحلة الأخيرة من متلازمة “التشغيل” ويتم التخلص منهم بطريقة منهجية. وثمة مريضة أخرى اسمها نيا (كريستين ستيوارت)، واحدة من زملاء سيلاس في شركة “أتموس”، فتبدي بعض الحركات الغريبة (رجفة يد، تواصل بالعيون من وقت لآخر) التي تحث سيلاس على التواصل معها، ويشعر هذا الأخير في داخله بأن أحاسيسه القوية تجاهها ستكون متبادلة.

لا يشتق محور الفيلم المؤثر من قصة رومانسية قوية بقدر ما يركّز على صعوبة أن يقيم شخصان أي نوع من التواصل في عالمٍ يكرّس نفسه لقمع كل محاولة مماثلة. يتّضح انفصال سيلاس ونيا عن بعضهما وعن المحيطين بهما عبر صور مشوّشة وأطر تصوير غير ثابتة، بتوقيع المصوّر السينمائي جون غولسيريان، وأسلوب تقطيع يعتمده المسؤول عن المونتاج جوناثان ألبرتس. ينشأ شعور بسيط لكن صادق بالتحرر حين يبدأ الحبيبان باستكشاف رغبتهما ويستسلمان لها في النهاية، أولاً في حجرة حمّام مغلق ثم في شقة سيلاس، فتظهر نظرات الشوق في عيونهما وفي حركاتهما الحنونة تزامناً مع تشغيل موسيقى ساشا رينغ وداستن أوهالوران.

ليست المرة الأولى التي يعمد فيها دورموس المعروف بأعماله الدرامية المعاصرة والرومانسية، مثل Like Crazy (كالمجنون) في عام 2011 و Breathe In(تنفّس) في عام 2013، إلى تشبيه شخصياته بروميو وجولييت، ويمكن أن يرصد بعض المشاهدين المطّلعين على القصص الأسطورية الشهيرة آثاراً من حكاية يوريديس وأورفيوس في ثنايا القصة. لكن تكون الأرواح في هذه الحالة حزينة وخائبة ومثقلة بقصةٍ لا تنتقد عالماً يفتقر إلى الخيال بقدر ما تجسّده بكامل تفاصيله.

back to top