أفراح وعجائب في Our Little Sister للمخرج هيروكازو كوريدا

لا بد من مشاهدة فيلم Our Little Sister (شقيقتنا الصغيرة) كي نصدّقه، ليس لأنه يتكل على انفجارات كبيرة أو مؤثرات خاصة بل لأنه يعتمد مقاربة معاكسة تماماً!

نشر في 06-08-2016
آخر تحديث 06-08-2016 | 00:01
يعكس فيلم Our Little Sister نظرة حساسة وسلسة عن الروابط العائلية والأفراح والعجائب الخفية في الحياة اليومية ويستطيع التأثير بالمشاهدين من دون بذل أي جهد واضح. لا بد من اختبار هذه التجربة مباشرةً لتقدير قيمتها وفهمها.

ويعد الفيلم أحد الأعمال المفضلة في مهرجان “كان” لعام 2015، ويقدم أحدث عمل للكاتب والمخرج والمحرر الياباني البارع هيروكازو كوريدا. تشمل أعماله الإنسانية المدهشة: After Life (الحياة الأخرى) و Nobody Knows (لا أحد يعرف) و Still Walking (السير مستمر) و Like Father, Like Son (الإبن سر أبيه)، وقد فاز هذا العمل الأخير بجائزة لجنة التحكيم في “كان” في عام 2013.

استوحى كوريدا عمله هذه المرة من رواية مصورة لأكيمي يوشيدا ويركز على شقيقات والعلاقة التي تجمعهن. الفيلم من بطولة ثلاث شقيقات في العشرينات من العمر يعِشْنَ معاً في منزل عائلي قديم ومتداعي في البلدة الساحلية الساحرة “كاماكورا” في جنوب طوكيو.

لكن يركز كوريدا كالمعتاد على العائلة والعلاقات القائمة بين الناس وتطور حياة بطلات الفيلم والمقرّبين منهنّ مع جميع التعقيدات الحتمية التي ترافقها.

تبدأ حبكة القصة حين تتلقى الشقيقات كودا خبر وفاة والدهنّ “اللطيف لكن غير النافع”، علماً أنهنّ لم يقابِلْنَه أو يسمعن أخباره منذ 15 سنة.

حين يسافرن لحضور الجنازة في بلدة صغيرة، يقابلن سوزو (سوز هيروس التي وصفتها بعض المراجع الصحفية بـ”أكثر فتاة يابانية مشغولة في عمر السادسة عشرة”): إنها أختهنّ الخجولة وغير الشقيقة ولم يعلمن بوجودها سابقاً. أنجبها والدهنّ من امرأة ماتت الآن أيضاً وكانت السبب في انهيار زواجه من والدتهن.

تُقدِم الشقيقة الكبرى ساشي (هاروكا أياسي)، في مبادرة عفوية توافق عليها شقيقتاها، على دعوة سوزو للعيش في “كاماكورا” معهنّ. يحصل ذلك رغم تحذيرات عمّة الفتيات اللاذعة بأن الفتاة ليست أليفة بأي شكل.

كان طبيعياً أن تقدّم ساشي ذلك الاقتراح. إنها ممرضة مجتهدة وليست الشقيقة الكبرى للفتيات الثلاث فحسب بل إنها الأكثر جدّية ومسؤولية وقد تحمّلت هذا الدور منذ أن كانت مراهقة بعد رحيل والدتهنّ.

تعمل الشقيقة الوسطى يوشينو (ماسامي ناغاساوا) في بنك لكنها مختلفة عن شقيقاتها. تبدو أكثر انفتاحاً وتحب الاستمتاع بوقتها وتبحث دوماً عن حبيب أو ترغب في شرب الجعة. تسخر منها ساشي لأنها “تجذب الرجال وتفسد حياتهم” مع أنّ قلبها الطيب قد يكون السبب في تصرفاتها.

أما شيكا، فهي الشقيقة الصغرى وتبدو مختلفة عن غيرها أيضاً كونها ساذجة ولطيفة. تعمل في متجر للمعدات الرياضية وتكون معجبة بزميلٍ في العمل كان قد خسر ستة من أصابع قدمه حين حاول تسلّق جبل إيفرست. لا تفهم أيٌّ من شقيقاتها ذوقها في الرجال.

أخيراً تتوق سوزو، القادمة الجديدة والبريئة، إلى التكيّف مع شقيقاتها اللواتي يبذلن كل ما يلزم أيضاً كي تلقى ترحيباً حاراً. على مر المواسم الأربعة في السنة، يتعمّق فيلم Our Little Sister تدريجاً في إيقاع حياتهن، على المستويين الفردي والجماعي، فيعرض نشاطات موسمية مثل قطف الخوخ وتحضير شراب الخوخ في أوقات الفراغ.

تولّى تاكيموتو ميكيا تصوير فيلم Our Little Sister الذي يركز من الناحية البصرية على جمال المناظر الطبيعية المتبدّلة، ويعرض أحد المشاهد المميزة رحلة سوزو الخلابة على الدراجة الهوائية داخل نفق حقيقي من براعم الكرز المتفتّحة.

استناداً إلى أسلوب المخرج كوريدا المعروف بدفئه وسلاسته من دون أن يكون حسّياً بأي شكل من الأشكال، يتعمق الفيلم بموضوعه من دون أن نلاحظ ويصطحبنا تلقائياً إلى المعضلات التي تطرحها حياة الشخصيات المتداخلة.

يظهر قول أساسي في فيلم Our Little Sister عن طريق جدّة الشقيقات الراحلة (حضورها دائم بسبب وجود ضريح لها داخل المنزل): كانت تظن أن “كل كائن حي يحتاج إلى الوقت والجهد”!

يؤيد المخرج الذي أجرى مقابلة في مهرجان “كان” خلال أول عرض للفيلم هذه الفكرة بالكامل: “كي تُشَكّل الشقيقات عائلة حقيقية، لا بد من مرور وقت طويل. تعبّر هذه الفكرة عن فحوى الفيلم”.

back to top