داليا البحيري: أعيش أكثر من حالة إنسانية

الشخصيات الدرامية... هل تعكس حقيقة النجوم؟

نشر في 06-08-2016
آخر تحديث 06-08-2016 | 00:01
تتنوع الأدوار التي يؤديها النجوم، وتتباين الشخصيات التي يجسدونها عبر الشاشة بين الخير والشر والأدوار المركبة والمعقدة، وقد يذهب البعض إلى أداء دور مختل عقلياً أو مجرم خطير.
اللافت ان معظم الممثلين يبحثون عن أدوار بعيدة عن شخصياتهم الحقيقية،
أو مناقضة لها، في حين تختار قلة شخصيات تشبهها في الواقع... فكم من نجوم يتميزون بطيبة مفرطة في الواقع جسدوا أدوار الشر بحرفية إلى درجة اعتقد الجمهور أنهم اشرار بطبعهم فابتعد عنهم وراح ينظر إليهم نظرات غضب وكره.
حول مدى الشبه بين الشخصيات التي يجسدونها وبين شخصياتهم الحقيقية، استطلعت «الجريدة» آراء مجموعة من النجوم.

ملامح وجوانب خفية

زهرة عرفات

«في السنوات الأخيرة دأبت على تقديم أدوار تحمل جوانب من الشر تعكس ملامح من شخصيتي الحقيقية»، توضح الفنانة زهرة عرفات، مؤكدة أن «ذلك لا يعني أنني شخصية شريرة ، ولكن من طبيعة النفس البشرية أنها تجمع جوانب من الخير والشر معاً».

تضيف: «هذا الجانب لم يكن يظهر في أدواري التلفزيونية في بداياتي، عندما كنت أجسد شخصية امرأة طيبة مغلوب على أمرها، وزوجة مطيعة، أما في السنوات الأخيرة فأديت أدواراً جديدة تضيف إلى تجربتي الفنية، كما في مسلسل «بين الكناين» الذي حقق ردود فعل جيدة لدى عرضه، كذلك دوري في المسلسل البحريني «باب الريح» الذي عرض في شهر رمضان الماضي».

تبدي سعادتها بهذا التنوّع الذي تنتهجه في مشوارها الفني، وتتابع: «في مسرحية «الحكم لكم» مع الفنان حسن البلام التي تستمر عروضها، أجسد «كاركتيراً» فيه تشابه مع شخصيتي الحقيقية».

تشير إلى أن الأدوار تمثل متعة فنية للفنان، لأنها تعكس جوانب خفية في شخصيته، ويستطيع من خلالها التعبير عن أمور ربما تكون مكبوتة في سلوكه الطبيعي، «هنا تكمن فائدة التمثيل عندما يكون متنفساً نفسياً وسلوكياً».

ترى أن «الكاركترات» البعيدة عن طبيعة الممثل تمثل تحدياً له في تجسيدها بشكل مطلوب ومقنع للجمهور، «ما يعكس موهبة الفنان وقدرته على التنوع في أدواره الفنية ويشكل عاملاً أساسياً في استمراره في مجال الفن».

هبة الدري

«دوران فقط أديتهما منذ سنوات كان فيهما الكثير من شخصيتي الحقيقية»، توضح الفنانة هبة الدري، لافتة إلى أن الأول هو «لولوة» في مسلسل «دارت الأيام»، والثاني «حسينة» في مسلسل «عندما تغني الزهور».

تضيف: «لولوة في «دارت الأيام» فتاة طيبة مطيعة تحب والدتها وعائلتها ودراستها، تتفوق وتحصل على المركز الأول على مستوى الكويت، وكانت على استعداد لأن تخسر كل شيء مقابل أن تدرس في الخارج، وأنا بالفعل كنت متفوقة في دراستي، أما حسينة فتحمل الكثير من طباع شخصيتي الحقيقية و«ستايلي» كفتاة حنونة وطيبة، تحب الحياة وأهلها، وتفضل أسرتها على حساب نفسها، أما بقية الظروف خلال العمل فبعيدة عن نمط حياتي الحقيقي».

تتابع: «بالنسبة إلي كممثلة أرى أن الشخصية الفنية عندما تكون قريبة من شخصيتي الحقيقية، تصبح بمثابة أمر سهل ممتنع، سهل لأنني استطيع الوصول من خلال هذه الأدوار إلى قلوب الناس بعفوية وبساطة ومن دون تمثيل، وصعب لعدم وجود صفات أخرى في «الكاركتر» في شخصيتي الحقيقية، وهنا يأتي دوري كممثلة، إذ يجب أن أتعايش مع متطلبات الشخصية الفنية لأبدو طبيعية أمام المشاهد».

جواهر

«مرة واحدة جسدت فيها مشاهد عكست مواقف حقيقية حدثت لي منذ سنوات»، تؤكد الفنانة جواهر لافتة إلى أنها عندما بدأت تجسيدها وجدت نفسها تسترجع هذه المواقف وتعيش المشاهد بإندماج، «لدرجة أن الطاقم الفني الذي كان موجوداً معي أثناء التصوير، اعتقد أنني متأثرة بالفعل وحاول تهدئتي، لكنني في الحقيقة كنت مندمجة في الدور من خلال هذه المشاهد التي تحكي مواقف رومنسية في حياتي».

تضيف: «كان ذلك في المسلسل التلفزيوني «لك يوم» من تأليف محمد النشمي وإخراج أحمد الشطي، جسدت فيه شخصية «أسماء»، وأتذكر انني تحدثت وقتها مع المؤلف وسألته إن كان يعرف قصة حياتي، من كثرة أوجه التشابه بين هذه المشاهد وبين بعض المواقف الحقيقية التي حدثت معي بالفعل، وعبرت عن جوانب في شخصيتي».

تتابع: «أما الشخصيات الأخرى التي جسدتها فانحصرت في قالب الأدوار الشريرة، وهي عكس شخصيتي الحقيقية، لكنني « قدمتها بمستوى درامي مقنع ومؤثر، لذلك يلاحظ كثر أن أدواري خلال مشواري الفني قليلة، لكنها مؤثرة وعالقة في أذهان الجمهور، وهو أمر تحقق مع شخصية «شمس» في مسلسل «يوم آخر» مع المخرج أحمد المقلة، ولا يزال بعض الجمهور يناديني باسمها، لرغبتي في تقديم «كاركترات» مميزة وملفتة وليس مجرد تحقيق حضور فني».

ذكاء في الاختيار

نهلة داود

«أي شخصية أقدّمها تشبهني في إحدى النواحي، ولا بد من أن يجد فيها المشاهد ملامح تشبهه أيضاً»، تؤكد نهلة داود لافتة إلى أن «دورنا كممثلين إبراز هذه الشخصيات وهذه الأقنعة عبر الشاشة».

تضيف: «ما من شخصية لا تستيقظ في داخلنا، مع التقاليد والأطباع والبيئة والمجتمع التي عمل الأهل على دفنها في داخلنا لتوعية أمور أخرى فينا. حتى المجرم لا يعرف أن في داخله رحمة مثلا والعكس».

حول الأدوار المختلفة التي تؤديها تتابع: «أنا ممثلة أولا وأخيراً، لذا أختار أدواراً متنوعة لا أكرر نفسي فيها، من دون تخطي حدود معينة، فبعد دور «الشيخة ناهية» في مسلسل «وأشرقت الشمس»، أحببت أداء دور امرأة بسيطة متواضعة فكانت «هيام» خالة «سمرا»، وصولا إلى «يا ريت» الذي أؤدي فيه دور زوجة وأم تفعل المستحيل للمحافظة على عائلتها، في مقابل دوري كسجينة في «جريمة شغف» المختلف والذي شكّل تحديياً شخصياً لي».

جويل داغر

«الشخصيات التي قدمتها في مسيرتي الدرامية تضمنت ملامح من شخصيتي ولو بشكل متفاوت»، تشير جويل داغر لافتة إلى أن أدوارها تتميّز بالطيبة والأنوثة والخير، عازية ذلك إلى مسألة القولبة الموجودة في لبنان.

تضيف: «حين ننجح في أداء شخصية معيّنة، ننطبع لدى المنتجين والمخرجين بهذه الصورة. فضلا عن أن أدوار البطولة تتميّز دائماً في لبنان بالطيبة والخير، بينما دور الشرّ يكون عادة ثانوياً، لأن الجمهور يتأثر بالشخصيات ولا يميّز الواقع من التمثيل، فيُسقط صفات الممثل في المسلسل عليه في الحقيقة، ويحبّه إذا كان جيّداً ويكرهه إذا كان شريراً».

حول راتباط شكلها بالشخصيات التي تجسدها تتابع: «يؤثر طبعاً، لأنه يشكل العامل الأول في عرض أدوار معيّنة عليّ وعلى ممثلين آخرين، فإذا كانت الممثلة شقراء مثلا يُسندون إليها دور امرأة لعوب وهذا غير منطقي».

تشير إلى أنها تتأنى في اختيار أدوارها، تقرأ المسلسل كله أولا وإذا وجدت دورها جميلا فيما القصة بشعة، عندها يسقط العمل كله في نظرها، وتقول: «بطل الدراما أولا هو القصة، خصوصاً أن المشاهد يتابع الحلقات الأولى بسبب ممثليه المفضلين لكنه لن يتعلق بالمسلسل ما لم تكن القصة جميلة. بعدها أرى ماهية ارتباطي بالشخصيات الأخرى وما إذا كان دوري يشكّل إضافة لي، فضلا عن اهتمامي بهوية المخرج لأنه يتولى تنفيذ المسلسل وإدارة الممثل».

آية طيبة

«أختار أدواراً بعيدة عن شخصيتي الحقيقية لأني أحب أن أكون في تحدّ مع ذاتي» توضح آية طيبة، مشيرة إلى أنها لا تبحث عن مساحة الأدوار بل نوعيّتها واختلافها عن أدوارها السابقة وقدرتها على التأثير في الشخصيات الأخرى وفي أحداث المسلسل.

تضيف:» أقرأ النصّ كله قبل الموافقة على العرض لأعرف المسار الدرامي لشخصيتي فيه».

حول «ميمو» التي أدتها في مسلسل «سمرا» تتابع: «من أصعب الشخصيات التي جسّدتها، لأنها تناقض شخصيتي الحقيقية، فمنذ قرأتها على الورق تخيّلت تعابير وجهها التي توحي بالغباء والبساطة في العقل، هي التي تصدّق كل ما يُقال لها. فضلا عن أن تعبيرها الدائم بالوجه وبحركات الجسد منهك».

تشير إلى أنها شعرت بضغط نفسي في أثناء تصوير مشهد اغتصابها من قبل صديقيْ حبيبها، وكان شبيهاً باغتصاب «فاطمة» في المسلسل التركي، «تلقيت صفعات حقيقية على وجهي في أثناء التصوير ووقعت مراراً على الأرض ما إضطرنا إلى الانتظار قليلا حتى يخفّ الورم في يدي قبل استئناف التصوير».

التشابه ليس مطلوباً

تعتبر حنان مطاوع أن غالبية  الأدوار التي تؤديها، سواء على شاشة السينما أو التلفزيون، مختلفة عن شخصيتها الحقيقية، ما يضطرها إلى دراسة تفاصيل الشخصية المكتوبة على الورق ورسم صورة عنها في خيالها، بعدها تراقب معارف قريبي الشبه بالشخصية أو تتحدث معهم وتطلع على تفاصيل دقيقة إذا استدعى الدور ذلك.

تضيف أن كل شخصية تصادفها في حياتها اليومية وكل حالة إنسانية تراها تختزنها في عقلها الباطن حتى تصادف دوراً مشابها لها، فتستدعيها من ذاكرتها وتبني عليها تفاصيل الشخصية المكتوبة على الورق حتى تظهر إلى الجمهور بشكل متكامل.

تتابع أن الشخصية التي قدمتها في مسلسل «ونوس» مع الفنان يحيى الفخراني وتتمحور حول سيدة تؤمن بشكل مرضي بالحسد وتأثيره وقدرة الأعمال السحرية على تغيير الواقع، لا علاقة لها من قريب أو بعيد بتفكيرها العقلاني المؤمن بحكمة الله وقدره.

من الذاكرة

تؤكد داليا البحيري أن شخصيتها في حياتها العادية تبتعد عن أي شخصية تؤديها في السينما أو التلفزيون، لذا تعيش أكثر من حالة إنسانية على مدار العام، خصوصاً إذا كانت مرتبطة بأكثر من عمل، معتبرة أن من الضروري أن يكون لكل شخصية وضعها المؤلف ملمح خاص يميزها عن غيرها من الشخصيات حتى لو تقاربت القصة، ذلك ان كل شخص لا يشبه الآخر تماما وإن تقاربت بعض الصفات.

تتذكر داليا أنها قبل تصوير الجزء الأول من مسلسل «يوميات زوجة مفروسة» الذي يتناول، في قالب كوميدي، حكايات زوجين يتعرضان لمواقف مع أبنائهما ومع بعضهما البعض، حاولت استحضار ما تعرف من حكايات من أصدقائها، فضلاً عن طريقة تعاملها مع ابنتها «قسمت» لاختيار الطريقة المناسبة والشكل الذي ستظهر به الشخصية.

 تضيف أنها، أثناء التحضير لمسلسل «صرخة أنثى»، عقدت جلسات عمل مع الأطباء للوقوف على الأبعاد الجسدية والنفسية التي تمر بمثل هذه الحالات، لأن العمل يتناول المتحولين جنسيا، مؤكدة أنها شعرت برهبة لدى قراءة السيناريو للمرة الأولى خصوصاً أن الدور مركب ومعقد، وقلة جسدته على الشاشة.

بدورها تشير أميرة العايدي إلى أن لكل دور تؤديه مشابهاً له في الحياة اليومية، وهو ما تركز عليه أثناء درستها لأي شخصية تجسدها، فعندما تبدأ في قراءة سيناريو ما تبحث في تفاصيل الشخصية على الورق، وما هو مشابه لها بين من مروا بذاكرتها، فتتبع طريقة لبسها أو مشيتها أو طريقة كلامها، وتكون في أشد حالات السعادة إذا ما وجدت تلك الشخصية وكانت لها إحدى اللازمات الخاصة بها، فتميزها عن غيرها من الشخصيات، وتستعين بهذه اللازمة أثناء أداء الدور، ما يضيف إليه ويجعل الشخصية تعلق في ذهن المشاهد.

تقمص وانسلاخ

تعتبر لقاء الخميسي أن تجربة قراءة أي عمل، سواء سينمائي أو تلفزيوني، هي الأصعب في مراحل العمل، لأن القراءة تحدد في البداية ملامح الشخصية التي ستمثلها، خصوصاً أن لها طقوسا محددة عند قراءة السيناريو، إذ تحاول أن تبحث عمن يشبهها بين معارفها أو أصدقائها، وتناقشهم في الشخصية، موضحة أنه ليس مطلوباً أن يكون ثمة تشابه بين شخصية الممثل وما يقدمه على الشاشة حتى لا يتحول الأمر إلى تكرار ممل للجمهور والفنان.

تضيف أن أحدث أدوارها في مسلسل «راس الغول» من بطولة محمود عبد العزيز وفاروق الفيشاوي وميرفت أمين، كان بعيدًا عن طبيعتها الشخصية، ويزخر بتفاصيل مركبة تؤثر في تحركاتها وأدائها وحوارها.

 أما هاني رمزي فيشير إلى أن بعض التشابه بين الممثل وشخصيات أعماله، يكون محدوداً للغاية، ويضرب مثالاً بشخصيات على غرار محمود المليجي، زكي رستم وعادل أدهم الذين برعوا في تقديم أدوار الشر، رغم أنهم شخصيات ودودة في حياتهم الطبيعية، بحسب المقربين منهم.

يؤكد حرصه على عدم تشابه الأدوار التي يقدّمها مع شخصيته حتى لا يتم تحميله سلبيات تلك الشخصية أو عيوبها، مشيراً إلى أن تقمص الدور والبراعة في تقديمه والانسلاخ من الشخصية الحقيقية للفنان، كلها امور تشكل قمة النجاح التمثيلي الذي يجب أن يسعى إليه الفنان.

back to top