زمن الشيخ عبدالله السالم ليس الأول

حيث تروي الأحداث التاريخية التي مرت على الكويت والمدعمة بالوثائق والمراسلات بأن ثلاثة من حكام الكويت قد سبقوا الشيخ عبدالله السالم بدعوتهم للإنكليز للتدخل بالدفاع عن الكويت في ظروف سياسية وزمنية مختلفة: الأول هو الشيخ مبارك الصباح في منتصف عام 1901م عندما استدعى الإنكليز لحماية الكويت بعد معركة الصريف من القوات التركية في تحضيرهم لمخطط هجوم من البحر، بالتحالف مع قوات عبدالعزيز آل رشيد من البر، مما أدى إلى وصول عدة سفن بحرية؛ الأولى السفينة "بيرسرس" بقيادة القبطان "بيرس" الذي منع السفينة التركية "زحاف" من دخول جون الكويت وقام بتفتيشها، وكذلك قدمت السفينة "بومون" والسفينة "سفنكس" للمياه الكويتية. وأما الحاكم الثاني الشيخ سالم مبارك الصباح في أكتوبر عام 1921م فقدم طلباً لتدخل القوات الإنكليزية بعدما انهزم "الاخوان" عن قصر الجهراء، وتجمعوا مرة أخرى في منطقة الصبيحية مما شكل وجودهم خطرا على الكويت من معاودة شن الهجوم، حيث وصلت سفينتان حربيتان مع إسناد جوي بالطائرات تحذر من أن شن حرب على الكوبت يعتبر عملا معاديا للإنكليز، وقد ذكرها الشيخ عبدالعزيز الرشيد "فاضطر سالم إذ ذاك إلى الاستنجاد بالحكومة الإنكليزية، وطلب معونتها وقد أجابته ولم تتأخر فأرسلت إلى مياه الكويت المدفعيتين (لورنس) و(اسبيكل) وطيارتين من العراق... إلخ". وأما الحاكم الثالث فهو الشيخ أحمد الجابر في فبراير عام 1928م بعد موقعة الرقعي، فوصلت ثلاث سفن إنكليزية حربية (أميرلاد، ولوبين، وكروكس) تحمل جنودا، ومدرعات وطائرات من سلاح الجو الملكي لتقيم معسكرا لها في الكويت، أجرت خلالها تدريبات عسكرية مع القوة الكويتية، وبعد ثلاثة أشهر تقريبا تراجع الاخوان عن الهجوم على الكويت لتنسدل الستارة على آخر حرب خاضتها الكويت قبل الاستقلال. يمكن القول إن الشيخ عبدالله السالم الذي عاصر كل الظروف العصيبة التي مرت بالكويت لم يكن هو أول حاكم يستدعي القوة العسكرية الإنكليزية بموجب اتفاقية الحماية التي أبرمت في عام 1899م، وإنما هو آخر حاكم، وقد طلبها كما طلب من سبقه من الحكام ولم يضطر بتاتا، وهو يدرك جيدا تبعات قراراته بما يتصف به من حكمة وبعد نظر وشجاعة في سبيل حماية الكويت وشعبها، ومن ثم رواية البكاء- إذا حدثت- فلا تتواءم مع شخصية الشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، وقد يكون لها حيثيات أخرى لا نعلمها، ولكن بكل تأكيد ليست لها صلة بطلب الإنكليز الذين تربطهم بالكويت علاقة متينة تحددها المواثيق الدولية.