الشهرة... ماذا قدّمت للفنان وماذا أخذت؟

نشر في 30-07-2016
آخر تحديث 30-07-2016 | 00:01
الشهرة هدف يصبو إليه الفنان ما ان يخط خطواته الأولى في طريق الفن الطويل والشائك، وعندما يحقق بعضها، يصطدم بعوائق كثيرة تجعل حياته صعبة، خصوصاً أن الأضواء لا تعرف لها حدوداً، تخترق الحياة الخاصة وقد تؤذي الفنان وعائلته على السواء، لكن في المقابل تكسبه حب الجمهور، وهو أمر مهمّ بالنسبة إليه لأن نجاحه يتوقف على مدى رضا الجمهور عنه.
«الجريدة» استطلعت أراء مجموعة من النجوم حول الشهرة وسلبياتها وإيجابياتها.

تقدير... مع تقييد الحرية

عبد الرحمن العقل

“منحتني الشهرة حب الناس ووفرت لي علاقات قوية في مجتمعي وفي كثير من الدول، كذلك جعلتني أقابل أناساً وشخصيات طالما تمنيت رؤيتهم»، يؤكد الفنان عبد الرحمن العقل، لافتاً إلى أن الأهم من وجهة نظره، أن تكون للشهرة قيمتها الإيجابية، إذ يجب أن ترتبط بكل ما هو إيجابي وليس العكس، «ثمة فنانون يحصدون محبة الجمهور لتمتعهم بـ «كاريزما» تجعلهم يدخلون قلوب الناس بسهولة».

يضيف: في المقابل، تأخذ الشهرة من الفنان حريته ووقته مع أسرته وأولاده وأهله، ويصبح مقيداً في خروجه معهم، ولا يستطيع ممارسة حياته الطبيعية مع عائلته، لا سيما إذا ارتاد أحد المطاعم أو الأسواق، حيث تكون الأنظار مسلطة عليه، وهنا يجد نفسه في حيرة، فإذا التزم الصمت ولم يتبادل الكلام والضحك والابتسامات مع الناس اتهم بالغرور، وإذا ابتسم وتحدث معهم قالوا «هذا شايف نفسه»، وإذا تكلم مع فتاة قالوا إنه يغازل».

يتابع: «رغم كل هذه الحيرة أحرص على أن أكون قريباً من جمهوري حتى في أشد حالات التعب، لا سيما بعد الانتهاء من أحد العروض المسرحية، إذ يلتف حولي لالتقاط صور فوتوغرافية، وقد يستغرق ذلك ساعات، لكنني ألبي طلبات التصوير من منطلق قناعتي بأن الفنان ملك للجمهور، فمثل هذه الصور دليل حب وإخلاص وتوثيق لتاريخ الفنان».

داود حسين

«أهم ما أخذته من الشهرة حب الناس واحترامهم وتقديرهم»، يوضح الفنان داود حسين، مشيراً إلى أن «الكلمة الحلوة التي نسمعها منهم بعد كل عرض فني، كفيلة بأن تنسي الفنان التعب الذي يتكبده بسبب فترات التصوير الطويلة».

يضيف: «على الجانب الآخر نجد أن هذه الشهرة حرمتنا من الحرية الكاملة، فنحن لا نستطيع السير في الشارع مثل بقية الناس، وجعلتنا نلتزم بيوتنا أكثر ونبدو انطوائيين، رغم أنه يفترض على الفنان أن ينزل إلى الشارع ليكتسب مزيداً من التجارب الحياتية ويعيد تقديمها في «كاركترات» يجسدها في أعماله».

يتابع: «الحل في السفر إلى البلاد الأجنبية. أتذكر أنني عندما كنت في إيطاليا في إحدى المرات، قابلت الفنان ماجد المصري حيث كان يتسوق، ولم يقترب منه شخص واحد للتصوير معه، الموقف نفسه صادفته مع الفنان محمد هنيدي في لندن. أمر رائع أن تمارس حياتك بحرية وعفوية، لكن كل ذلك لا يمنع أن محبة الناس هي أهم شيء في حياة الفنان، ومن هذا المنطلق أحرص على مجاملة جمهوري خصوصاً في ما يتعلق بالتصوير رغم أنني أعاني من الـ «ديسك»، لكنني لا أرفض طلباته».

ميس كمر

«أعطتني الشهرة حب الجمهور في دول كثيرة، سواء داخل الكويت أو خارجها، وهذا الحب يمنحني قوة وطاقة للاستمرار في عملي الفني»، توضح الفنانة ميس كمر مشيرة إلى أنها تدين بالفضل للكويت في تحقيق هذه الشهرة الواسعة التي ازدادت بعد مشاركتها في أعمال فنية كويتية.

تضيف: «على الجانب الآخر، أخذت الشهرة مني حريتي وأصبحت مقيدة في تحركاتي بعكس الشخص العادي الذي يستطيع النزول إلى الشارع بسهولة وممارسة حياته الطبيعية من تسوق وتنزه، فمثل هذا الأمر فرض علي نوعاً من العزلة داخل بيتي، وغالبا لا أخرج من منزلي إلا من أجل التصوير».

تتابع: للشهرة إيجابيات كثيرة، لكن لها وجه آخر سلبي، ونحن كفنانين يجب أن ندرك أهميتها والمسؤولية تجاهها، خصوصاً أن الفنان المحبوب لدى الجمهور يصبح قوة مؤثرة في الناس، من هنا عليه الحرص على أن يكون تأثيره إيجاباً».

فايز السعيد

«لا شك في أن الشهرة من أروع ما يحققه الفنان في مسيرته الفنية، ولعلها من الأهداف الأولى في بداية مشواره مع الفن»، يقول الفنان فايز السعيد، مشيراً إلى «أن الشهرة سيف ذو حدين وعلى الفنان أن يكون ذكياً ليتفاعل بحكمة معها».

يضيف: «أعطتني الشهرة محبة الجمهور وهي لا تقدر بثمن، خصوصاً أنها تمنحنا طاقة إيجابية وثقة بالنفس وحافزاً لتقديم الأفضل. للأسف، يتعاطى بعض الفنانين مع الشهرة بعشوائية، فنجدها تفقد هدفها الأساسي والسامي».

بالنسبة إليه، يستمتع بالشهرة بإيجابية ويعتبرها نعمة، ويرى أن محبة الناس مسؤولية يسعى للحفاظ عليها، مع حرصه على تجيير شهرته لخدمة مجتمعه ووطنه وأحياناً يستثمرها في أعمال إنسانية.

يتابع: «لم تأخذ الشهرة الكثير مني، ولم تغرني أو تجعلني أبني أسواراً بيني وبين الجمهور، بل على العكس، كسرت الحواجز وأقمت حالة من التواصل الإيجابي والمستمر والمباشر مع الناس، وهذا واضح على مواقع التواصل الاجتماعي، فأنا استمتع بقربي منهم».

يعتبر أن الأمر الوحيد الذي أخذته الشهرة منه هو الوقت، من منطلق شعوره بالمسؤولية التي ألقاها الفن على كاهله كونه فناناً وملحناً في آن، بالتالي تكون مسؤوليته مضاعفة، ويأتي ذلك بالطبع على حساب قضاء وقته مع عائلته».

حب الناس ودعمهم

تعتبر شذى حسون أن الشهرة قدمت لها حب الناس ودعمهم وهذه نعمة، بالنسبة إليها، “إضافة الى الرفاهية التي نعيشها كفنانين، من خلال أسفارنا ولقاءاتنا”.

أضافت في حديث لها: “دفعت ضريبة الشهرة من خلال حريتي الشخصية، كفنانة تهمني ردود فعل الناس حول كل خطوة أقوم بها، سواء في عملي أو في حياتي اليومية، أتساءل إذا كان بعض الأشخاص الذين أتعرّف عليهم يدخلون الى حياتي كأصدقاء، أم لمصلحة معيّنة، ما يعني أن ضريبة الشهرة كبيرة وليست سهلة”.

أما مقدّمة البرامج دانييلا رحمة فترى أن الشهرة ليست سهلة ولم تغرها يوماً، ووصفت نفسها بالإنسانة الطبيعية العفوية التي تنتبه إلى تصرفاتها، وتدرس كل عمل تقوم به وتفكر بما تتفوه به، كي لا تؤذي الآخرين.

تضيف أن الشهرة سلّطت عليها الأضواء وجعلتها محط الأنظار، ما زاد من رصيد معجبيها ومحبيها، أما الإشاعات التي تواجهها بين حين وآخر فوصفتها بإحدى ضرائب الشهرة.

تتابع: “أتأثّر بالإشاعات كوني إنسانة في المقام الأوّل وأملك مشاعر وأحاسيس، أنزعج من النقد غير البنّاء وأتأثر بالإشاعات الملفقة، لا أرد عليها وأرفض إعطاء مطلقيها أهمية، وحتماً مع الوقت سأصبح أقوى ولن أتأثر بها إلى هذا الحدّ”.

توضح مادلين مطر أنها متصالحة مع نفسها ولم تدع الشهرة تؤثر سلبا عليها، “فطالما سخرت من الفنانين الذين يستغلون حياتهم الشخصية ومشاكلها لاحتلال أغلفة المجلات وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي”.

تضيف أنها تشعر بسعادة حين يغمرها الجمهور بمحبته وتقول في هذا السياق:”لم تغيرني الشهرة يوماً بل على العكس أصبحت أقرب إلى الناس وأعمل على إرضاء ذوقهم وميولهم الفنية، فهم في النهاية رصيد الفنان وأساس الشهرة التي يعيشها”.

حول مواقع التواصل ومساهمتها في شهرة أي طامح للوصول إلى الأضواء تتابع:”أشارك جمهوري أحياناً تفاصيل حياتي اليومية الجميلة وله الحق بمعرفتها، أما شؤوني الشخصية أو المشاكل والهموم التي أمر بها أحياناً فأعتبرها ملكي وحدي ولا أحب مشاركتها مع أحد”.

أما كارول سماحة فتصف الشهرة بالكذبة التي يعيشها الفنان أحيانا بأسلوبه الخاص وتوضح: “الشهرة جميلة لكنها كرغوة الصابون، قد تتلاشى فجأة. على كل فنان أن يدرك أن الشهرة قد تزول وتنتقل الى غيره”.

مجد باطل

« الشهرة مجد باطل والفن كذبة بيضاء» تردد مادونا في إطلالاتها الإعلامية هي التي عرفت الشهرة لسنوات طوال وشكلت الرقم الأصعب على الساحة الفنية.

تضيف أن من يدخل مجال الفن عليه أن يعرف ألا شيء يدوم فيه، وهو أشبه بمسرحية يتغير أبطالها بين حين وآخر، «لا يمكن لأحد تقمّص شخصية أحد، تحاول كثيرات التشبه بي وبما قدمته «صحتين على قلبن» لكن لم تستطع أي واحدة أن تكون مادونا».

تتابع: “حياتي مع الشهرة عبارة عن سلسلة تناقضات، في قلب الفرح أكون حزينة وفي قلب الحزن أكون فرحة. ثقّفت نفسي عبر المطالعة، وسعيت إلى اكتشاف أمور جديدة في الحياة كنت أجهلها وبلغت درجة من الوعي ساعدتني على تحويل الحزن إلى فرح والنظر إلى الأمور السلبية بطريقة إيجابية والاقتناع بمقولة: “غداً يوم جديد”.

أولويات...

رداً على سؤال حول ما إذا كان الغرور انتابها كونها خاضت المجال الفنّي في سن صغير، توضح ميريام عطالله: «بعد اشتراكي في برنامج «ستار أكاديمي»، اصطحبوني إلى مدربة ايطالية تعمل على تطوير شخصيتي وتحسينها، كانت النتيجة أنني افتقد الحد الأدنى من «شوفة الحال» الموجودة عند أي إنسان طبيعي، لا بل ينقصني بعض الغرور .»

تضيف: “البيئة التي ترعرعت فيها جعلتني على هذا النحو، كان هدفي أن أزور لبنان واقدم اغنية ثم أعود إلى بلدي، ولم يكن في بالي الشهرة وعندما عرفتها لم احبها”.

تتابع:” ليست الشهرة من اولوياتي، أحب الفن للفن، والغناء لأطرب واستمع، على العكس أفقدتني الشهرة جزءاً كبيراً من المتعة، لأنني أصبحت أحاسب ومطالبة بأمور كثيرة وغابت البساطة والعفوية من حياتي”.

الشهرة جميلة، بالنسبة إلى نسرين طافش، لكنها لم تكن يوما مهووسة بها ولم تتحول معها إلى عقدة أو مرض، على غرار ما يحصل مع بعض الذين حققوها.

تضيف أن أجمل ما فيها أن الإنسان يدخل القلوب ويتحدى نفسه لتقديم أعمال ترضي الناس من جهة وتحقق له تقدما مهنياً من جهة أخرى. حول الإشاعات تقول إنها أبشع ما في الشهرة وهي تأتي كضريبة للنجاح والغيرة، تارة تتجاهلها وتارة تنفيها باقتضاب عندما تكون ثمة ضرورة، تنزعج ممن يطلقها ويساهم بها لأنه لا يخاف الله، برأيها.

لا خصوصية...

تعتبر نشوى مصطفى أن الشهرة والأضواء والتفرغ الذي يحتاجه العمل في الوسط الفني، جوانب إيجايبة تتمثل في محبة الناس، بينما يتمثل الجانب السلبي في غياب خطوط فاصلة بين الحياة الخاصة للفنان وعمله، لافتة إلى أن البعض يعبر عن حبه بطريقة قد تبدو مزعجة للفنان وأسرته وقد تعكر عليه صفو ممارساته لحياته في مكان عام.

تضيف أنها تتمنى لو لم تكن مشهورة وتتابع حياتها بشكل طبيعي، لافتة إلى أن تلك المواقف ضريبة طبيعية للشهرة والنجومية، لكنها تحرص على ألا يكون عملها على حساب واجباتها كأم وزوجة، معربة عن اعتقادها بأنها محظوظة بالزواج من رجل يتفهم طبيعة عملها في الوسط الفني، ما يمثل عاملا مساعداً على توفيقها وتنظيمها للوقت بين عملها وحياتها الخاصة وأبنائها.

  

انتهاك

تتوقف رانيا يوسف عند انتهاك الحياة الخاصة للممثلات أثناء قضاء فترة الصيف ووجودهن مع أسرهن على الشواطئ، لا سيما تهافت المعجبين على التقاط صور معهن، وهو ما تعتبره ضريبة للشهرة، ولا تستطيع عملياً منع كل هؤلاء أو الدخول في مشاجرات معهم لاحترام حياتها الخاصة.

تضيف أن الشهرة ومحبة الناس منحتان وميزتان للفنان، وتأكيد على نجاحه في الوصول إلى قطاعات واسعة، لكنها تتمنى أن تكون ثمة ثقافة لدى بعض الجمهور لاحترام الحياة الخاصة للفنان، باعتبارها حقه المشروع ويجب ألا يتدخل فيه أحد، مبدية حرصها على إبعاد ابنتيها عن الأضواء بالقدر الذي يحترم خصوصيتهما ولا يزعجهما، حتى لا يشعرا بأن نجومية والدتهما أثرت سلباً عليهما.

 ترى لقاء الخميسي أن ظروفها ومناسباتها الشخصية، فرصة تقتنص فيها مساحة للحياة الخاصة بعيداً عن إزعاج الأضواء، لا سيما أنها تعتقد أن بعض وسائل الإعلام يبالغ في الإضاءة على تصرفات الفنانين بشكل قد يبدو مزعجاً، ورغم تفهمها اهتمام الجمهور بالحياة الشخصية للنجوم، على غرار ما يحدث في أنحاء العالم، إلا ان الشخص يحتاج تلك اللحظات الخاصة للخلوة والقرب من الأصدقاء، بغض النظر عن نجوميته، وتحرص على إبعاد أبنائها عن الأضواء ليعيشوا مراحل عمرهم بشكل طبيعي بعيداً عن الترقب المرتبط بشهرة والدتهم.

  تضيف أن الفنان يتعرّض أكثر من غيره لضغوط عبر تسليط الرؤية على حياته الشخصية والعائلية، ما يسبب له مشاكل، فضلاَ عن قيود يلتزم بها هو وعائلته.

تتابع أن طبيعة  الوسط الفني تفرض تداول الأخبار بسرعة، ما يعني ضرورة انتباه الفنان إلى تصرفاته، وطالما التزم، في تعاملاته، بالجدية والصدق والدقة والعطاء لعمله، يحقق النجاح والتقدم، لافتة إلى أنها تضع تلك المعايير نصب عينيها، تجنباً للوقوع في أي مشكلة.

ترى أن الفنان يبذل تضحيات كبيرة، لا سيما أن للوظائف والمهن مواعيد محددة، في حين أن الفنان يعيش حياة أخرى إلى جانب حياته الطبيعة، ما يؤثر على الحياة العائلية للبعض الذي لا يستطيع التوفيق في المواعيد.

عوائق

تعتبر حنان مطاوع أن الاحتفاظ بخصوصية الحياة الشخصية للفنان من أكبر عوائق الشهرة، وتتذكر أنها كانت منذ صغرها وأسرتها تحت الأضواء، لأن والديها كرم مطاوع وسهير المرشدي، من أكبر وأشهر الفنانين في مصر، حتى أصبح الأمر طبيعياً بالنسبة إليها عندما قررت خوض مجال التمثيل.

تضيف أن أكبر عائق يواجه الفنان عدم قدرته على الخروج في الأماكن العامة، من دون أن يشعر به أحد أو يحدث ارباكاً في المكان الموجود فيه، بحكم أن الجمهور يريد الحديث مع نجمه المفضل والتقاط بعض الصور معه كتذكار، لافتة إلى أن كل ذلك من حقوق الجمهور على النجم، طالما ارتضى دخول عالم الفن والشهرة، لكن بقدر ما هو ممتع للفنان وجمهوره، بقدر ما هو غير مناسب في بعض الأحيان لا سيما إذا كان يريد الاستجمام والهدوء.

back to top