«الأشرار»... يرصد ظلال الشر في حياتنا

الانتقال من الرفض إلى التعاطف والاتحاد مع الشرير

نشر في 19-07-2016
آخر تحديث 19-07-2016 | 00:04
لا تخلو الأعمال الفنية دوماً من شخصية الشرير، ثمة من نال شهرة واحتفت به الأقلام النقدية، سواء على الساحة العربية أو العالمية، هذه الشخصية بالذات شكلت محور كتاب «الأشرار» الصادر أخيراً عن دار ليلى للنشر من تأليف كتاب ثلاثة: كريم طه وعمرو كامل ومحمد الهمشري.
يتناول كتاب «الأشرار» شخصية الشرير من جوانب عدة، ويكشف تفاصيل علاقتها بالأعمال التي قدمتها، ويذكرنا بأشهر الشخصيات في تاريخ السينما وهم كثر من الممثلين الذين عرف عنهم أداء أدوار الشر، حتى التبست شخصياتهم السينمائية الدرامية بشخصياتهم الحقيقية، على غرار محمود المليجي، زكي رستم، توفيق الدقن، عادل أدهم وأخيراً يحيى الفخراني الذي قدم شخصية الشيطان في مسلسل «ونوس» الذي عرض في رمضان الفائت.

ظاهرة ورصد

يتكوّن الكتاب من أربعة فصول: «الأشرار في نظر الرواة والمنتجين»، «محاباة الأشرار من منظور علم النفس»، «كيف تهيأ العقل الغربي لمحاباة الأشرار؟»، «المصالح المتبادلة بين تجار الإعلام وصناع القرار».

كذلك يرصد الكتاب ظاهرة تصدر «الأشرار» الأدوار الرئيسة في السينما العالمية في الفترة الأخيرة، وتنحية «الأبطال» إلى أدوار ثانوية، من خلال زوايا أدبية، نفسية، فلسفية، فكرية، تاريخية، مصالح سياسية واقتصادية.

ويحلل الكتاب، في أحد فصوله، ظاهرة محاباة الأشرار بغرض إيجاد تفسير لحالة التعاطف والتوحد معهم ، لا سيما حين تصدر من أناس طبيعيين أسوياء الفطرة وذوي منطق سليم.

في بداية الفصل الأول يطرح الكتاب سؤالا: «من هو الشرير؟» يحاول من خلال الإجابة عليه التعريف بهذه الشخصية، ثم يقسم العوامل التي يمكن من خلالها أن يتعاطف الشخص مع الأشرار إلى ثلاثة: طرق تفكير مؤدية إلى مُحاباة الأشرار، محفزات معينة على محاباة الأشرار، سلوكيات مؤدية إلى محاباة الأشرار.

وينبه الكتاب الى وجود ظاهرة «الأشرار المُستَعطفين»، وهي خطيرة وآخذة في التوسع والانتشار على ما لها من آثار سلبية، وإيصال رسالة إلى القارئ مفادها ضرورة الانتباه، عدم التسليم الكامل لكل ما يسمع ويشاهد، ليس الغرض من صناعة السينما الترفيه المجرد أو جني المال المحض، بل توجيه الرأي العام وتشكيل الوعي، من خلال رسائل مخفية في طيات الشخصيات والعبارات والمواقف، لا سيما مع تصدر شخصية الشرير المشهد وتنحية دور البطل كما يرصد الكتاب، الأمر أشبه بحرب الأفكار، استمتع نعم، ولكن إن لم تحصن نفسك وأبناءك بقدر أدنى من الأساسيات والثوابت، فسيتم الاختراق لا محالة بطرق واعية مباشرة، أو غير واعية، بمرور الوقت ومن دون أن تشعر.

أشهر الشخصيات الشريرة في شاشة السينما العربية

عادل أدهم

فنان اسكندري، تأخر في دخول عالم السينما، بسبب رأي أنور وجدي فيه، بأنه لا يصلح للتمثيل، لكن للمخرج أحمد ضياء رأيه المختلف، فقدمه في فيلم «هل أنا مجنونة؟»، وكان بمثابة انطلاقة ليصبح أحد أعظم وجوه السينما المصرية.

أجاد أدوار الشر، فأصبح أشهر الممثلين في هذا المجال، ولا ننسى أدواره في «الشيطان يعظ، ثرثرة فوق النيل، الراقصة والطبال»، حتى أنه قدم دور «الشيطان» في فيلم «المرأة التي غلبت الشيطان»، لكن سيظل أشهر أدواره على الإطلاق «عزيز بيه» في فيلم «حافية على جسر الذهب»، رجل السلطة والنفوذ، الذي كان على استعداد أن يدوس أي شيء بقدميه ليحصل على ما يريد، وأصبحت جملته الشهيرة في هذا الفيلم «يا قطة» من الجمل التي لا تنسى.

نجمة إبراهيم

ملكة الشر في السينما المصرية، فلم يكن أحد ليجيد دور «ريا» سواها، فهي أفضل من قدمت هذا الدور وساعدتها ملامح وجهها الجامدة، وصوتها الرخيم، في أن تُحصر في أدوار الشر، وأصبح دور ريا أشهر ما قدمت في السينما المصرية وسبب شهرتها الواسعة.

زكي رستم

ساعدت ملامح وجهه في حصره داخل أدوار الشر، ورغم أفلامه الكثيرة التي جسد فيها أدوارًا درامية «طيبة» رائعة، على غرار «أنا وبناتي»، إلا أننا نتذكر دوره في فيلم «رصيف نمرة خمسة» مع ملك الترسو، فريد شوقي، وأدى فيه دور المعلم بيومي، رئيس عصابة التهريب، وهو أكثر أدواره شراً التي يتصدى لها فريد شوقي، ما زال محفوراً بالوجدان حتى يومنا هذا.

محمود المليجي

«الشرير الطيب»، فمن عرف محمود الميلجي جيدًا لا يتحدث سوى عن أدبه وأخلاقه وطيبته، ولم يتوقع أحد أن هذا الشخص الطيب الذي يجلس أمامه هو أحد أهم أشرار السينما المصرية، وأحد قطبي الخير والشر اللذين جسدهما هو وفريد شوقي، فقدماً معاً أفلاما، ادى فيها دور الشرير وفريد شوقي دور رجل الخير.

رغم تقديم المليجي أدواراً أخرى ظهر فيها كرجل طيب، وبرع في الخروج من عباءة الشر التي كان يرتديها، أبرزها دوره في فيلم «الأرض»، إلا أنه يشتهر في السينما المصرية بأنه أحد رواد مدرسة الشر الأولى في السينما.

توفيق الدقن

قدم الشر في قالب كوميدي، حتى إن كثيرين ما زالوا يحفظون إفيهاته ويرددونها، مثل «يا آه يا آه»، «أحلى من الشرف مفيش»، وغيرها من الجمل التي عاشت معنا بفضل تألق هذا الفنان في تقديم نوعية مختلفة من أدوار الشر، وكانت أفضل أفلامه تلك التي ارتبط اسمه فيها بالفنانين: إسماعيل ياسين، أحمد رمزي، وعبد المنعم إبراهيم، فقدم معهم أفلاماً تعتبر الأبرز في مشواره الفني، كذلك قدم أفضل أدوار الشر الجادة ، خصوصاً مع تقدمه في السن، إلا أن الجمهور يتذكر أدوار الشر الكوميدية.

back to top