المرضى يستعيدون وعيهم من «الحالات الإنباتية المستديمة»
يستعمل جهاز موجود في كل مستشفى للتمييز بين الأشخاص الذين أصيبوا بضرر دماغي و«سيستيقظون» على الأرجح وأولئك الذين لن يستيقظوا.
يصعب أن نتوقّع المرضى الذين لن يستعيدوا وعيهم يوماً وأولئك الذين سيتعافون على الأرجح لدرجة أنّ الأطباء المتمرّسين يخطئون في 40% من الحالات تقريباً، بحسب نيكولاس شيف من «مركز ويل كورنيل الطبي» في مدينة نيويورك، علماً أنه لم يشارك في الدراسة الجديدة.
يصعب أن نتوقّع المرضى الذين لن يستعيدوا وعيهم يوماً وأولئك الذين سيتعافون على الأرجح لدرجة أنّ الأطباء المتمرّسين يخطئون في 40% من الحالات تقريباً، بحسب نيكولاس شيف من «مركز ويل كورنيل الطبي» في مدينة نيويورك، علماً أنه لم يشارك في الدراسة الجديدة.
يخرج عشرات آلاف المرضى المصابين بضرر دماغي من المستشفيات ويُنقَلون إلى مراكز للرعاية ومؤسسات أخرى حيث يعاملهم الناس وكأنهم جثث حية، فيبقون على قيد الحياة لكنهم لا يحصلون على علاج يمكن أن يعيد لهم وعيهم.تقدّم الدراسة الجديدة التي يعتبرها شيف «قوية ومدروسة جداً» «مقاربة مباشرة وبسيطة يمكن تبنّيها فوراً».في الولايات المتحدة، يعيش بين 200 و300 ألف شخص في تلك المنطقة الرمادية ما بين الحياة والموت، فيدخلون في حالة يقظة غير متجاوِبة (كانت تُسمّى سابقاً حالة إنباتية) أو حالة من الوعي المحدود.في الحالة الأولى، يبدو الناس يقظين لكنهم لا يدركون ما يحصل من حولهم ولا يتجاوبون بطريقة واعية مع الصور والأصوات واللمسات. أما الأشخاص الذين يدخلون في حالة الوعي المحدود، فيتجاوبون أحياناً مع أمر أو حافز آخر، لكن لا يحصل ذلك غالباً، ما يفسّر صعوبة التمييز بين الحالتين. مع ذلك، يرتفع احتمال استعادة الوعي في الحالة الثانية.
تدابير أكثر موضوعية
يقول رون كوبرز إن التشخيص عبر التدابير السلوكية «يكون عرضة لتفسيرات منحازة». لذا أطلق مع زملائه في جامعة كوبنهاغن بحثاً «لإيجاد تدابير أكثر موضوعية» للتمييز بين الحالتين. فاستعملوا التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني الذي يقيس استقلاب الدماغ لمحاولة التمييز بين الأدمغة التي تبدو غير واعية لكنها قد تتمتع بقدرات مختلفة للتعافي.اختبر العلماء هذه التقنية على 131 مريضاً مصاباً بدماغه: 49 في حالة إنباتية، و65 في حالة من الوعي المحدود، و17 بدأوا يخرجون من مرحلة الوعي المحدود. لم ترتبط أي منطقة محددة باحتمال استعادة الوعي لأن الدماغ لا يشمل «مركزاً للوعي».لكن برز فرق واضح على مستوى الاستقلاب العام. سجّل المرضى الذين كانوا في حالة إنباتية 38% من النشاط الدماغي الذي يسجّله الناس الأصحاء. أما أصحاب الوعي المحدود، فسجّلوا 56% من ذلك النشاط وفق نتائج نُشرت في مجلة «كورينت بيولوجي».أغفلت التقنية عن 5% فقط من المرضى في حالة الوعي المحدود (من الناحية الإحصائية، بلغ مستوى الدقة 95%)، وأخطأت حين اعتبرت أنّ 22% من المرضى فقط كانوا في حالة من الوعي المحدود (بلغت النسبة الحقيقية 78%).مقارنةً بالطريقة التي يستعملها الأطباء راهناً للتمييز بين الحالتين، قال شيف إنها «نتيجة جيدة بما يكفي في المرحلة الأولى».لكن تعلّقت أهم نتيجة بقدرة التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني على توقّع احتمال استعادة الوعي خلال سنة: يبلغ النشاط الدماغي في هذه الحالة 41% على الأقل من نسبته لدى الأشخاص الأصحاء. من خلال استعمال وسائل عمليّة، نجح الباحثون في تحديد 94% من المرضى الذين سيتعافون خلال 12 شهراً.تشير النتيجة إلى أنّ الدماغ ينتقل من حالة أساسية (فقدان الوعي) إلى أخرى (الوعي) حين يكون مستوى الاستقلاب مرتفعاً بما يكفي بدل أن يتغيّر تدريجياً.وفق دراسة سابقة أجراها عدد من الباحثين نفسهم، تصحّ توقعات فحوص التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني بشأن المرضى الذين سيستعيدون وعيهم في 74% من المرات. تحسّنت هذه الدراسة بناءً على تلك النسبة. يبدو هذا المقياس الجديد والدقيق واعداً أكثر من غيره في مجال الرعاية بالمرضى. دعت هيئات الخبراء بشكل متكرر إلى إعادة تقييم وضع المرضى الذين فقدوا وعيهم جزئياً أو بالكامل كل بضعة أسابيع لقياس احتمال استعادة وعيهم. لكن لا يغطي معظم خطط شركات التأمين هذه العملية، لذا لم تصبح قيد التنفيذ.قال شيف: «تستبعد الدراسة الجديدة الادعاء القائل إننا لا نعرف ما يحصل. غيّرت الأفكار الشائعة في هذا المجال».