«يوم الباستيل»... مجزرة في نيس

● تونسي يقتل 84 دهساً بشاحنة قبل تصفيته برصاص الشرطة وباريس ترجح فرضية الإرهاب
● موجة إدانات عالمية وعربية وإسلامية... والكويت تؤيد إجراءات فرنسا للحفاظ على أمنها

نشر في 16-07-2016
آخر تحديث 16-07-2016 | 00:10
جثث متناثرة على جادة «برومناد ديزانغليه» في نيس مساء أمس الأول
جثث متناثرة على جادة «برومناد ديزانغليه» في نيس مساء أمس الأول
لم تمر احتفالات فرنسا بـ«يوم الباستيل»، أي ذكرى الثورة الفرنسية، التي رفعت شعار «حرية، مساواة، أخوة»، على خير كما بدا في وقت مبكر من مساء أمس الأول، إذ شهد ليل الخميس- الجمعة هجوماً إرهابياً متوحشاً، استهدف الأبرياء على الكورنيش البحري بمدينة نيس جنوب شرق البلاد الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، والتي تبعد 30 كيلومتراً من الحدود الإيطالية، وذلك بعد 8 أشهر من هجمات باريس التي نفذها مسلحون وانتحاريون ينتمون إلى «داعش»، وأسفرت عن مقتل 130 شخصاً.

واخترق تونسي يدعى محمد لحويج بوهلال يبلغ من العمر 31 عاماً، الحشود التي انتهت من مشاهدة عرض للألعاب النارية في إطار احتفالات «يوم الباستيل» في شارع «برومناد ديزانغليه» (ممشى الإنكليز) المطل على البحر المتوسط، بشاحنته الثقيلة المستأجرة، ما أدى إلى مقتل 84 شخصاً، بينهم 10 أطفال، في حين لايزال 50 جريحاً في حال «حرجة جداً»، فضلاً عن 100 جريح آخرين، بينهم 50 طفلاً تتراوح إصاباتهم بين المتوسطة والطفيفة.

وتبادل المهاجم، الذي استهدف المارة على الطريق والرصيف، إطلاق النار مع الشرطة، التي نجحت في تصفيته، ووجدت قنبلة غير معدة للانفجار وأسلحة مزيفة داخل الشاحنة.

اقرأ أيضا

وعاش سكان نيس والسائحون الذين يقصدون هذه المدينة المتوسطية الشهيرة في قلب الريفييرا الفرنسية ليلة من الرعب خلال الهجوم الإرهابي وبعده، وشوهد أشخاص فقدوا أحبابهم وهم يجلسون قرب جثثهم المتناثرة على طول الطريق. وتحدث ناجون عن لحظات من الرعب، عندما بدأ الناس يهربون من أمام الشاحنة، وبعضهم يتعثر خلال الركض.

وأعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أنه سيستدعى أفراد الاحتياطي في الجيش والشرطة في إجراء نادر. وقال إن حال الطوارئ ستمدد 3 أشهر، مضيفاً أنه «لا يمكن إنكار الطابع الإرهابي» للاعتداء، ومشدداً على أن بلاده ستواصل انخراطها في الحرب على الإرهاب.

وأعلن رئيس الوزراء مانويل فالس الحداد الوطني ثلاثة أيام من السبت إلى الاثنين، قائلاً إن «فرنسا لن ترضخ للتهديد الإرهابي. الزمن تغير، وسيترتب على فرنسا التعايش مع الإرهاب. علينا أن نرص الصفوف، ونكون متضامنين، ونتحلى ببرودة أعصاب».

وقال القاضي فرنسوا مولان، مدعي باريس، الذي يشرف على النيابة الفرنسية لمكافحة الإرهاب، إنه لم يعلن أحد مسؤوليته عن هجوم نيس، لكنه يحمل بصمات منظمة إرهابية، مضيفاً أن الهجوم «ينسجم تماماً مع الدعوات الدائمة للقتل التي يطلقها الجهاديون».

ووسط موجة من الإدانات العالمية والعربية والإسلامية للاعتداء الآثم، بعث سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد ببرقية تعزية ومواساة إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أكد فيها سموه وقوف الكويت مع الجمهورية الفرنسية وشعبها الصديق وتأييدها ودعمها لكل الإجراءات التي تتخذها للحفاظ على أمنها واستقرارها، وللتصدي لهذه الأعمال الإرهابية التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار.

في غضون ذلك، أعلنت عدة دول أوروبية، منها دول بجوار فرنسا، إجراءات أمنية مشددة تحسباً لأي طارئ.

منفذ الهجوم سائق عنيف منعزل وصامت

وصف جيران منفذ هجوم نيس، المدعو محمد لحويج بوهلال، وهو تونسي يبلغ من العمر (31 عاماً)، بأنه رجل «منعزل» و«صامت».

وبوهلال المتحدر من بلدة مساكن على بعد نحو 10 كيلومترات خارج مدينة سوسة الساحلية، يحمل أوراق إقامة في فرنسا، وليست لديه جنسية فرنسية، وكان يعمل سائقاً، وهو مطلق وأب لثلاثة أبناء.

ووصفته صحيفة محلية بأنه عنيف التصرفات والأفعال، إلى درجة أن حكماً قضائياً صدر بحقه ومنعه قبل 4 سنوات من دخول بيته العائلي شمال نيس.

وقال سيباستيان، وهو من سكان البناية المكونة من أربعة طوابق حيث منزل السائق في إحدى ضواحي نيس وحيث يقع مسلخ المدينة، إن الأخير لم تكن تظهر عليه مظاهر تطرف، وكان في معظم الأوقات يرتدي سروالاً قصيراً.

وقالت جارته ألكسيا إنه تحدث إليها مرة واحدة حين أخطأ في عداد الكهرباء. وفي الطابق العلوي، قال أفراد أسرة إن السائق لم يكن يرد التحية أبداً.

أما في الطابق الأرضي، فقالت أنان إنها كانت تحتاط لهذا «الشاب الوسيم الذي كان يطيل النظر لابنتيها». وقبل أقل من عام ارتكب بوهلال حادث مرور في نيس، فسحبوا منه رخصة قيادته. وقامت الشرطة، أمس، باعتقال زوجته المطلقة، لاستجوابها.

الضحايا من جنسيات متعددة... ولا كويتيين

أكد سفيرنا لدى فرنسا سامي السليمان، أمس، عدم وجود مواطنين كويتيين بين ضحايا الهجوم في «نيس» الفرنسية الواقعة على البحر المتوسط، وهي مدينة سياحية يقصدها عشرات آلاف السياح من حول العالم للاستمتاع بأجواء الريفيرا.

في المقابل، قضى أشخاص من جنسيات عدة في الهجوم الوحشي، ومن الضحايا الأجانب الأوائل الذين تم التعرف إليهم شاب تونسي (29 عاماً) مقيم في فرنسا، وامرأة جزائرية، وأخرى مغربية وثلاثة ألمان، هم مدرس وتلميذتان في الثانوية، وأميركيان هما شون كوبلاند «51 عاماً» وابنه برودي «11 عاماً»، كما قضت سويسرية، وروسي، وأرمنية.

دراجة حاولت اعتراض «الشاحنة الإرهابية»

روى الصحافي الألماني المستقل ريتشارد غوتهار أن رجلاً على متن دراجة نارية حاول اعتراض الشاحنة التي كانت مسؤولة عن هجوم نيس. وقال غوتهار: «كنت على شرفة فندق مطل مباشرة على جادة برومناد ديزانغليه، ورأيت أن «السائق كان يسير بسرعة بطيئة جداً». وأضاف: «لحقت به دراجة نارية كانت تسير وراءه، ثم حاولت تجاوزه، حتى أن سائقها حاول فتح باب سائق الشاحنة، إلا أنه سقط أرضاً وسحقته عجلات الشاحنة». وتابع: «رأيت أيضاً شرطيين اثنين يطلقان النار على الشاحنة، وعندها زاد السائق السرعة فجأة واندفع باتجاه الحشد وهو ينحرف بالشاحنة من جانب الى آخر. بعدها جرى إطلاق نار من أسلحة عدة طوال 15 إلى 20 ثانية». مضيفاً أن الأمر كله استغرق 60 ثانية لا أكثر من البداية إلى النهاية.

back to top