اليونان ترضخ لأوروبا بمقترحات اقتصادية غير مسبوقة
أثينا: قدمنا تنازلات ليست مطابقة لبرنامج الحزب لكنها نتيجة مفاوضات شاقة ومؤلمة
بعد أربعة أشهر من شد الحبال بين اليونان ودائنيها رضخت أثينا أخيراً لمطلب الدائنين بأن تحقق فائضاً أوليا نسبته 1 في المئة في موازنة 2015 و2 في المئة في موازنة 2016، كما اقترحت قائمة جديدة بالإصلاحات التي اقترحت على دائنيها إجراءها.
نشرت الحكومة اليونانية مساء امس الاول قائمة جديدة بالإصلاحات التي اقترحت على دائنيها إجراءها والتي تتضمن إجراءات تتعلق بالموازنة توازي 2.42 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2015، و4.18 في المئة في 2016، ويرتكز القسم الأكبر منها على فرض ضرائب جديدة.ووفقا لما نقلته وكالة "فرانس برس"، أوضح رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس في رسالة إلى رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر أن اليونان تستعد لإقرار إجراءات أفقية توازي 1.51 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2015 و2.87 في المئة في 2016، وإجراءات "إدارية" توازي 0.91 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2015 و1.31 في المئة في 2016.وبعد أربعة أشهر من شد الحبال بين اليونان ودائنيها (المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي) رضخت أثينا أخيراً لمطلب الدائنين بأن تحقق فائضاً أوليا (خارج خدمة الدين العام) نسبته 1 في المئة في موازنة 2015 و2 في المئة في موازنة 2016.زيادة مداخيل الخزينةوبحسب المقترحات اليونانية فان زيادة مداخيل الخزينة ستتم خصوصا عبر زيادة "ضريبة التضامن" على ذوي المداخيل المرتفعة، أي الذين يزيد مدخولهم السنوي على 50 ألف يورو. وسترفع الحكومة معدلات هذه الضريبة من 3 و4 في المئة إلى 4 و6 في المئة على التوالي، في حين ستستحدث سقفا جديداً قدره 8 في المئة.كما سترفع الضريبة على الشركات المحدودة المسؤولية من 26 في المئة حاليا إلى 29 في المئة.وستفرض الحكومة اليونانية أيضا ضريبة استثنائية مقدارها 12 في المئة على الشركات التي يزيد رقم أعمالها عن نصف مليون يورو، في حين ستزيد الضرائب على الممتلكات الفخمة، من بينها "سيارات تزيد سعة محركها عن 2.5 ليتر، ومنازل ذات أحواض سباحة، وطائرات، ويخوت، وغيرها".كما تتضمن الاقتراحات خفض النفقات على التسليح بمقدار 200 مليون يورو وفرض ضريبة على عائدات الألعاب عبر الانترنت.أما في ما يتعلق بالمسألة الشائكة المتمثلة برفع الضريبة على القيمة المضافة فوافقت الحكومة اليونانية على ألا تطبق المعدل الأدنى لهذه الضريبة (6 في المئة) الا على الأدوية والمواد الغذائية، في حين أنها تريد ابقاء الضريبة على القيمة المضافة على حالها في ما خص الخدمات عند 13 في المئة والبضائع 23 في المئة.القيمة المضافةوخلال قمة طارئة عقدها في بروكسل مساء الاثنين قادة دول منطقة اليورو للتباحث في الأزمة اليونانية، طالبت الجهات الدائنة أثينا بأن تزيد الضريبة على القيمة المضافة على الفنادق والمطاعم إلى 23 في المئة، وهو إجراء "عادل اجتماعيا" بحسب مصدر أوروبي قريب من المباحثات، لأنه يمس بالدرجة الأولى السياح الألمان والفرنسيين، لكن الحكومة اليونانية لم تعط بعد موافقتها على هذا المطلب. أما بشأن الاصلاحات المطلوبة للمعاشات التقاعدية فتعتزم الحكومة الغاء آليات للتقاعد المبكر، على أن يبدأ العمل بالنظام الجديد اعتبارا من مطلع 2016.وقالت الحكومة اليونانية ان "سن التقاعد يبقى على حاله بالنسبة لمن يغادرون عملهم بحلول 30 يونيو"، ما يعني أنها تترك الباب مفتوحا لرفع سن التقاعد من 62 عاما حاليا إلى 67 عاما لاحقا.كما تعتزم الحكومة في قائمة اصلاحاتها المقترحة الغاء "الاحتكارات" عن بعض المنتجات، اضافة إلى فرض اجراءات "لمكافحة الفساد".تطبيق الخصخصةأما بالنسبة إلى الخصخصة فتعهدت حكومة تسيبراس بتطبيقها ولكن بشروط، منها على سبيل المثال مشاركة القطاع العام في رأسمال الشركة المشترية، ومشاركة المستثمرين في تنمية الاقتصاد المحلي، وحماية حقوق العمال، وحماية البيئة، في حين رفضت الحكومة رفضا قاطعا بيع شركة الكهرباء العامة "أدميي" وبيع حصتها في مشغل الهاتف "أوتي".وأقرت الحكومة اليونانية بأنها قدمت تنازلات، مبررة ذلك بأن "هذه الاقتراحات ليست مطابقة لبرنامج الحزب لكنها نتيجة مفاوضات شاقة ومؤلمة بهدف التوصل إلى اتفاق مع الدائنين لا يمس حقوق العمل ويفتح آفاقا" للاقتصاد اليوناني.واعتبرت المفوضية الأوروبية الاقتراحات "أساسا جيدا لإحراز تقدم"، ولايزال إبرام اتفاق بين الطرفين ممكنا لتجنب تخلف أثينا عن السداد، إذ ساد التفاؤل قبل انعقاد قمة استثنائية لمجموعة اليورو مساء بالرغم من عدم التوصل إلى اتفاق الاثنين.اقتراحات فعليةوصرح رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر عند وصوله إلى قمة بروكسل: "هدفي التوصل إلى اتفاق مع نهاية الأسبوع. إننا نعمل على ذلك ليل نهار".بدوره، أعلن رئيس مجلس أوروبا، دونالد توسك، قبل بدء قمة لمنطقة اليورو في بروكسل أن اليونان تقدمت الاثنين "بأول اقتراحات فعلية لها منذ أسابيع عدة".وقدمت اليونان اقتراحات جديدة للإصلاح والادخار في الميزانية، واعتبر رئيس منطقة "اليورو" يورون ديسلبلوم بعد اجتماع مقتضب لوزراء مالية منطقة اليورو في بروكسل: "انها أساس لاستئناف المحادثات والتوصل إلى نتيجة في الأيام المقبلة" مضيفا: "هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع".وكتب مارتن سيلماير، المسؤول عن مكتب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، في تغريدة على "تويتر" أن "اقتراحا يونانيا جديدا تلقاه كل من يونكر و(المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين) لاغارد والبنك المركزي الأوروبي".وأضاف أن هذا الاقتراح هو "أساس جيد لإحراز تقدم في القمة الأوروبية غدا"، قبل أن يختتم تغريدته بكلمتين بالألمانية، لغته الأم، هما "توليد بالملقط"، في إشارة إلى الصعوبة التي اعترت تسليم هذه المقترحات التي كان الدائنون ينتظرون وصولها عصر الأحد.وإذا تخلفت أثينا عن سداد هذا القرض، فإن خروجها من منطقة اليورو يصبح أكثر من مرجح.