النوبة الحموية مخيفة لكنها حميدة

نشر في 12-09-2015
آخر تحديث 12-09-2015 | 00:01
No Image Caption
بما أنني عاينت أطفالاً كثراً يعانون الحمى أخيراً، أعتقد أن الوقت مناسب للحديث عن النوبات الحموية (febrile seizures). تُعرّف النوبة الحموية بأنها نوبة تترافق مع الحمى في ظل غياب أي سبب آخر للنوبات. ويعاني نحو 5% من الأولاد بين سن الستة أشهر والست سنوات نوبة حموية. قد لا يبدو هذا عدداً كبيراً. ولكن بما أن أحد أولادي عانى نوبة مماثلة، أعرف أن الإحصاءات لا تعني للأهل شيئاً حين يكون ولدهم جزءاً من المعادلة.
من الصعب إقناع الأهل بأن النوبة الحموية حميدة ولا تخلف أي ضرر دائم على الأمد الطويل، عندما يرون ما يمرّ به الولد أثناء النوبة. شعرت بالخوف والعجز، مع أنني كنت أعلم بما يحدث.

عندما أصيب ابني بأول نوبة حموية له في سن  18 شهراً، لا أنسى أن الممرضة قالت لي: {هل أعطيته التيلينول أو أي دواء مماثل لأنه يعاني حمى مرتفعة جداً؟» لم تعرف أنني طبيبة أطفال. أروي هذه القصة للأهل الذين يعاني أولادهم نوبات حموية، لأنهم يشعرون دوماً بالذنب.

كنت أعرف مسبقاً أن إعطاء الولد مضادات الحمى (مثل التيلينول والإيبوبروفين) لا يحول بالضرورة دون إصابة الولد بنوبة حموية.

مضادات الحمى

نعلم أن النوبات الحموية قد تصيب ولداً تبلغ حرارته 38 درجة مئوية، في حين يعاني أولاد آخرون درجات حرارة أعلى بكثير من دون أن يُصابوا بنوبة حموية. وثلاثون بالمئة من الأولاد الذين يعانون نوبة حموية أولى يُصابون بأخرى في مرحلة لاحقة.

يبذل الأهل قصارى جهدهم لتفادي نوبة حميوية أخرى. رغم ذلك، يُصاب الولد بأخرى. تذكرت هذا الواقع حين كنت أقرأ دراسة نُشرت في Archives of Pediatric and Adolescent Medicine. تناولت هذه الدراسة التي أجريت في اليابان إعطاء الأولاد الذين يعانون تاريخاً من النوبات الحموية جرعات إضافية من مضادات الحمى.

تبين خلال هذه الدراسة أن هذه الأدوية لا تحد، على ما يبدو، من احتمال التعرض مجدداً لنوبة حموية، حتى عندما يتلقى الولد جرعة إضافية. فيبدو أن الولد الذي يعاني نوبة حموية يتفاعل بطريقة مختلفة مع مضادات الحمى خلال النوبة الحموية. وقد اتضح أن ثمة اختلافاً أساسياً في آلية الحمى بين مَن يعانون النوبات ومَن لا يصابون بها.

نعلم جيداً أن الأولاد الذين يعانون هذه النوبات يملكون تاريخاً عائلياً حافلاً بها. وقد يشكل هذا دليلاً إضافياً أو إشارة إلى اختلافات أيضية لدى بعض مَن يعانون الحمى. لذلك، رغم كل الجهود الجبارة التي يبذلها الأهل لخفض الحمى، خصوصاً في حالة ولد عانى مسبقاً من نوبة حموية، يُصاب بها مجدداً.

خلاصة القول، النوبات الحموية مخيفة إنما حميدة، ويتخلص منها الولد عندما يكبر. لا تشعري بالذنب مطلقاً، حتى لو سئلت إن كنت قد أعطيت ولدك التيلينول أو أي دواء لخفض الحمى. فبالاستناد إلى هذه الدراسة، لن يكون للدواء على الأرجح أي تأثير في النوبة.

back to top